جفرا نيوز -
جفرا نيوز - شهد الاجتماع السنوي الأول للمنتدى الوطني الأردني للحماية الاجتماعية الشاملة "تحويل الأطر نحو حماية اجتماعية مستدامة وشاملة"، والذي نظمته منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، بالشراكة مع أعضاء منتدى سياسة الضمان الاجتماعي الشامل للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومن ضمنهم مسارات التنمية، يوم الثلاثاء 15 آذار/ مارس 2022، مشاركة واسعة لممثلي الجهات الوطنية الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني الوطنية والدولية.
وركز الاجتماع الذي هدف إلى تأسيس نواة لفريق عمل وطني بقيادة المجتمع المدني لتصميم أنظمة حماية اجتماعية شاملة في الأردن، على ضرورة استمرار الحوار لصياغة أجندة مشتركة لأنظمة حماية اجتماعية مستدامة وشاملة في الأردن.
وناقش المتحدثون الحاجة الملحة لرؤية أوسع لنظم الحماية الاجتماعية الأمر الذي يتطلب التحول نماذج العمل الحالية من آليات التخفيف من الفقر أو الإغاثة القائمة على الأعمال الخيرية، إلى آليات حماية اجتماعية حقيقية تشمل جميع الأفراد في المملكة.
وتضمن الاجتماع خمس جلسات رئيسية، فيما تحدث في كلمة الافتتاح بالنيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة، هالة لطوف، حيث شدد سموه على أهمية تعزيز قدرات العاملين في الحماية الاجتماعية، وأن يكون لدينا استراتيجيات حقيقية على أرض الواقع لتجاوز مشكلة الفقر في المنطقة. كما نقلت لطوف دعوة سموه بالتجاوز عن التعريفات السطحية للفقر والتضامن سوياً لتقديم مقاربات جديدة تحد من الفقر وتحفظ كرامة الإنسان.
بدورها، شكرت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية (أرض)، سمر محارب دعم سموه لهذه الجهود، وأكدت على ضرورة فتح الحوار بين كافة الجهات نحو الحماية الاجتماعية الشاملة، مبينة أن جهود منظمة النهضة العربية انطلقت للوصول إلى الحماية الاجتماعية المستدامة والشاملة لتواكب آمال الشباب بعد أحداث الربيع العربي في العدالة والحماية الاجتماعية، وتجدد هذه الجهود خصوصاً بعد الجائحة والاغلاقات التي رافقتها والتي أثرت بشكل مباشر على الفئات الأكثر تأثراً.
واستهل الاجتماع بحوار حول أهمية الدور الذي يفترض أن تلعبه الحماية الاجتماعية الشاملة لتعزيز العقد الاجتماعي في الأردن، حيث شدد المتحدثون على ضرورة اتساق الأهداف الإنسانية والإنمائية لتعزيز الحماية الاجتماعية في الأردن، مشيرين إلى أن بناء نظام حماية اجتماعية أكثر إنصافاً وفعالية واستجابة يسهم بشكل فعال في تعزيز هذا العقد وتنميته أيضاً.
وأكدوا ضرورة الاستثمار في الأجيال القادمة، حيث يمكن لمؤسسة الضمان الاجتماعي تقديم وإدارة خططها إلى جانب برامجها المساهمة الحالية، وهو ما ينطبق أيضاً على الإعانات الشاملة للأطفال والتي تضمن حصول جميع الأطفال على التغذية والخدمات التي يحتاجون إليها للنمو، مع أهمية التركيز على إعانات الإعاقة الشاملة لجميع الأطفال.
وقالت وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة، ريم أبو حسان، في مداخلة "علينا التفكير مسبقاً عند وضع خطة للوصول إلى الحماية الاجتماعية الشاملة أن الأردن بلد فقير وثلث سكانه من اللاجئين"، مؤكدة في هذا الصدد على أهمية تفعيل الزكاة لضمان توزيع المال بشكل عادل على المستحقين.
فيما ناقشت الجلسة الثانية، "إبطاء صعود البريكاريا في الأردن"، ويقصد بالبريكاريا طبقة عمال المياومة وعمال القطاعات غير الرسمية، والذين لا يتمتعون بأي حقوق أو ضمانات. حيث جرى الإشارة إلى أن العمل وحده ليس كافٍ للتغلب على الفقر، مؤكدين على ضرورة شمول العمال بسياسات ما قبل التوزيع للتغلب على عدم المساواة والمساهمة بشكل استباقي في زيادة صمودهم بدلاً من مجرد محاولة التخفيف أو الحد من الفقر.
فيما استعرضت منظمة العمل الدولية أهمية الاستثمار في تلك السياسات مع دمجها مع سياسات إعادة التوزيع (بما في ذلك سياسات الضمان الاجتماعي / التأمين)، إضافة إلى القضايا المتعلقة بالتدريب على المهارات، والتعليم والتدريب التقني والمهني، والتوظيف، والوصول إلى رعاية الأطفال للنساء العاملات، والمفاوضة الجماعية، والمساواة في الأجور، وهي أمثلة على تعدد السياسات التي يجب تنفيذها.
وعرج مساعد الأمين العام في وزارة العمل، عبد الله الجبور، إلى مسألة تطوير المهارات التقنية والعملية للأفراد واللجوء إلى الأعمال الحرة للتخفيف من حدة الفقر والبطالة، خصوصاً أن سوق العمل سوقاً متغيراً ويحتاج لقدرات وكفاءات متنوعة وأكد على أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة للقضاء على الفقر.
وشدد ممثل اتحاد النقابات العمالية على أن كل الحقوق العمالية تأتي من المفاوضات الجماعية لتحسين أوضاع العمال بما يؤمن مستقبلهم، وعلى ضرورة أن يكونوا شركاء في رسم السياسات المستقبلية.
وبشأن التصدي للامساواة، لفت المتحدثون إلى أن اختلال آليات الحماية الاجتماعية تؤثر على الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص في سن التقاعد، مؤكدين ضرورة الالتفات لقضايا الأطفال وضمان حصولهم على التغذية والخدمات التي يحتاجون إليها للنمو، فضلاً عن تقديم الحماية الاجتماعية لذوي الإعاقة لكي يحيوا بكرامة. كما أكدوا على ضرورة إشراك الأشخاص الذين وصلوا الشيخوخة في الضمان الاجتماعي ليحصلوا على راتباً تقاعدياً يعينهم على العيش.
أما فيما يخص استدامة الحماية الاجتماعية الشاملة، أجمع المتحدثون على أهمية بناء الأردن لنظام ضمان اجتماعي شامل، مع الأخذ في الاعتبار الحيز المالي المتاح في الأردن والاستثمارات اللازمة لتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية.
وأوضحوا أن هذا الاقتراح المتمثل بتوفير مزايا شاملة لدورة الحياة في الأردن سيكون له تكلفة إجمالية أولية تبلغ 0.83 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، وترتفع تدريجياً إلى 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2035. علاوة على ذلك، تناول المشاركون دور المانحين الدوليين والمؤسسات المالية الدولية في ضمان استدامة هذا النظام.
وبخصوص المساءلة والمبادئ التي يجب مراعاتها في حالة الأردن عند تنفيذ نظام الحماية الاجتماعية الوطني، أوصى المتحدثون على ضرورة تحويل نموذج الحماية الاجتماعية الحالي للتخفيف من حدة الفقر إلى نظام حماية اجتماعية مستدام مالياً ويشمل المواطنين الأردنيين واللاجئين على حدٍ سواء.
في الختام، دعت منظمة النهضة (أرض) إلى تظافر جهود الجهات المعنية من المجتمع المدني والقطاع الحكومي والقطاع الخاص للتأسيس لنظم حماية اجتماعية تكون خطط الضمان الاجتماعي الشاملة إحدى ركائزها الأساسية، ومحاربة الفقر وتوسيع شبكات الأمان وعمل إصلاحات تشريعية تتلاءم مع خطط الاستجابة للأزمات وتحسين النظم الاجتماعية الموجودة حالياً لتواكب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشهدها المنطقة ودول العالم.