جفرا نيوز -
جفرا نيوز - للمرة الأولى في تاريخ مصر، جلست القاضية رضوى حلمي أحمد علي، على منصة المحكمة الإدارية أو ما يُعرف بـ"مجلس الدولة"، اليوم السبت، بعد عقود من المطالبات والدعاوى القضائية لتمكين السيدات من العمل القضائي.
ومنذ إنشائه عام 1946، لم يشهد "مجلس الدولة" المصري، وهو جهة قضائية مستقلة تتولى الفصل في المنازعات الإدارية، ظهور قاضيات على منصات محاكمه، إذ ارتبط ذلك باتجاه المجلس لرفض تعيين الإناث قاضيات فيه، واستمر ذلك حتى صدور أول قرار جمهوري بتعيين 98 قاضية بالنقل من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة (هيئتين قضائيتين) في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وشارك رئيس مجلس الدولة محمد حسام في جلسة السبت، بوجود أول قاضية على منصة القضاء الإداري، فأكد أن "ذلك يتم للمرة الأولى منذ تأسيس المجلس قبل 75 عاماً". وبحسب بيان للمجلس، وصف حسام المرأة بأنها "شريكة في تحقيق العدالة"، مرّحباً بالقاضية رضوى، ومعتبراً أن "تعيين المرأة قاضية في المجلس حدث تاريخي جاء في موعده".
وأوضح، "جرى توزيعهن للعمل في الدوائر المختلفة لهيئة مفوضي الدولة، حيث قمن بدراسة القضايا وإعداد تقارير بالرأي القانوني فيها وشاركن زملاءهن من القضاة في الإنجاز المتميز الذي يتم حالياً بالمجلس".
وأشار إلى "اجتياز جميع القاضيات دورة تدريبية مكثفة لاكتساب التقاليد القضائية ومهارات العمل القضائي ودراسة ملفات القضايا وإدارة الجلسة والإلمام ببعض الأمور المتعلقة بالأمن القومي ومكافحة الفساد والمشاريع القومية". وقال إنه "تأكد من كفاءة وتميّز القاضيات وسرعة اندماجهن في الهيئة القضائية لمجلس الدولة، كما أثبتت المتابعة دقتهن في بحث القضايا وإعداد التقارير القانونية فيها والمشاركة في المداولة والتعاون مع الزملاء والرؤساء".
عقود من المطالبات
وظلت المرأة المصرية لعقود تطالب بتولّي المناصب القضائية، وعلى الرغم من عدم نص القانون على حظر تعيين المرأة، فلم يتم السماح سابقاً بتعيين أي امرأة في النيابة العامة، منذ تسمية أول نائب عام في مصر عام 1881، كما رفض القضاء الإداري تعيين السيدات، على الرغم من الدعاوى القضائية التي رفعنها، في محاولة للتقدم لوظائف قضائية في مجلس الدولة، أشهرهن عائشة راتب التي شغلت لاحقاً منصب وزيرة الشؤون الاجتماعية، وكانت أول سفيرة في تاريخ مصر، والتي تقدّمت بدعوى قضائية لتمكينها من التعيين كقاضية في مجلس الدولة، لكنها رُفضت عام 1952. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن "قصر بعض الوظائف كوظائف مجلس الدولة أو النيابة أو القضاء على الرجال دون النساء لا يعدو هو الآخر أن يكون وزناً لمناسبات التعيين في هذه الوظائف، تراعي فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية الاعتبارات شتى وأحوال الوظيفة وملابساتها وظروف البيئة وأوضاع العرف والتقاليد". وقال رئيس الوزراء حينها إن "تعيين المرأة في القضاء ضد تقاليد المجتمع".
وعام 2010، رفضت الجمعية العمومية لمجلس الدولة المصري، بغالبية ساحقة تعيين المرأة قاضية في المجلس، رداً على قرار رئيس مجلس الدولة الأسبق محمد الحسيني فتح التعيين للإناث، لتندلع الأزمة داخل المجلس، ويتم وقف القرار بعد تصويت الجمعية العمومية برفضه، انطلاقاً مما نصت عليه المادة 186 من لائحة مجلس الدولة على أنه "لا يجوز اتخاذ أي إجراءات بشأن تعيين أعضاء في مجلس الدولة على خلاف رأي الجمعية العمومية للمجلس".
وخلال إعداد دستور مصر عام 2014، تجدد الحديث عن تعيين الإناث في جميع الوظائف القضائية، ليتم استحداث المادة 11 التي نصت على أن "تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق، وكذلك تكفل للمرأة حقها في تولّي الوظائف العامة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية من دون تمييز ضدها".
وما زالت المرأة المصرية غائبة عن منصات القضاء المدني والجنائي على الرغم من محاولات ومطالبات منذ عقود طويلة. وكانت قاضية مصرية وحيدة هي تهاني الجبالي عُيّنت عام 2003 في المحكمة الدستورية، وظلت في هذا المنصب قرابة 10 أعوام قبل أن تُقال عقب تولّي الرئيس الأسبق محمد مرسي السلطة في منتصف 2012. ومنذ ذلك الحين، لم تجلس أي قاضية مصرية على منصة القضاء.
ويُعدّ وضع المرأة أفضل حالياً في هيئات قضائية أخرى، إذ "هناك 1980 قاضية في النيابة الإدارية بنسبة 43 في المئة من أعضاء الهيئة، و670 سيدة في هيئة قضايا الدولة بنسبة 20 في المئة من أعضائها"، بحسب إحصاء لوسائل إعلام مصرية.