النسخة الكاملة

مواقع التواصل مغباة للمسؤول..شتائم واتهامات وخوض في الحياة الشخصية..دودين يوضح والنجار تفسر والرجوب:"وسعوا صدركم"..والقانون يدلي بدلوه

الخميس-2022-02-24 03:59 pm
جفرا نيوز -

- دودين: وسائل الاتصال الحديثة ساهمت في بث وتضخيم هذه الغرائز المليئة بالمرارة 

- النجار: الخلط بين العام والخاص أمر غير محبب

- الرجوب: على المسؤول أن يوسع صدره 

- د.الصباريني: المديح المستمر يترك ضرراً كبيراً على المسؤول  

- المحامي قطيشات: بعض الإعلاميين يعانون من التداخل بين حدود الذم والقدح وبين حق النقد


جفرا نيوز - تقرير موسى العجارمة 

مما لا شك بأن مواقع التواصل الاجتماعي خلال الآونة الأخيرة باتت مكاناً للتصيد والبحث عن زلات بهدف الإساءة للآخرين والمساس بشخوصهم قبل إدانتهم وإهانة كرامات هدفها التهكم والتنمر والتحريض والخوض في تفاصيل لا تعني المصلحة العامة والغاية والمبرر منها النيل من مكانة الآخرين في المجتمع، والتساؤلات اليوم تنحصر على مفهوم النقد العام وحرية التعبير التي أصبح فيها لغطاً كبيراً دون أي سبب وخاصة بأن الأشخاص الذين يجلسون على موقع المسؤولية أصبحوا كالفريسة المحللة لأشخاص يقفون خلف شاشات صغيرة ويستخدمون لوحة المفاتيح بشكل عبثي يزعمون الإساءة إزاء أشخاص جلسوا في موقع المسؤولية تحت مصطلح النقد البناء!.

طريقة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بحاجة اليوم لإعادة النظر بحسب العديد من الخبراء؛ لكون الحروف المبعثرة باتت تنهش كرامة أشخاص وتتطفل على خصوصية الآخرين وتداهم غرف النوم وتعطي لنفسها الصلاحية بأن تكون هيئة فساد إلكترونية تسند أحكام وتلفق اتهامات دون وجود سندات قانونية، والسؤال اليوم يرتبط بكيفية اعطاء الصلاحية بالإساءة للمسؤول وكأنه كأناً فضائياً يتوجب رجمه وضربه من حديد، مع العلم بأن لكل مواطن الأحقية بتوجيه النقد البناء والمحاسبة على الأداء واعطاء كافة المقترحات والحلول دون الإساءة.

*النجار: الخوض في الحياة الشخصية أمر مؤلم 

وزيرة الثقافة هيفاء النجار تؤكد أن المُساءلة على أداء المسؤول حق مشروع للمواطن ولكن التدخل بالحياة الشخصية والخلط بين العام والخاص أمر غير محبب ولا يحل مشاكل أو يؤشر إلى مكامن الخلل ولا يتلاءم مع ثقافة المجتمع الأردني المتعارف عليها، وليس من المعقول أن نشوه الحياة الشخصية وهذا بحد ذاته يعتبر ثقافة دخيلة وليس أصيلة.

وتوضح النجار لـ"جفرا نيوز" أن المُساءلة أمر مهني والموقع العام يفرض على المسؤول أن يتحمل ذلك وعندما تكون في موقع عام ينبغي عليك أن تكون منفتحاً على النقد، جازمة بأن التدخل بالأمور الشخصية أمر غير محبب وليس مهنياً.

وفي ذات السياق، تُنبه بأن الإنسان يجب عليه ألا يتأثر بكل كلمة توجه له، والمسؤول القائد يعي تمامًا هذه الأمور، وأن يكون عقلانياً وقلبه كبير، لافتة في الوقت ذاته إلى أن الإساءة لأحد أفراد عائلة المسؤول أمر يتسبب بالألم، لطالما هو في النهاية أب وزوج وصديق، والمساس بحياته الشخصية أمر بغاية الصعوبة، ولكن من يتقلد موقع المسؤولية عليه أن يعي بأنه في موقع عام.


*هل أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مغباة للمسؤول؟!

وزير الدولة لشؤون الإعلام السابق م.صخر دودين، الذي تعرض للتنمر خلال فترة وجوده في الحكومة، يؤكد بأن النقد الموضوعي البنّاء، أساسي لضمان تطوّر وتحديث الحضارة الإنسانية وكذلك للبناء على الخبرات المتراكمة لديها من جيل الى جيل، مشيراً إلى أن الشخص الذي اختار أن يكون في العمل العام عليه أن يدرك إنه سيكون في مرمى سهام النقد بكل أنواعه ولذلك يجب أن يكون صدره واسعاً لتحمل النقد، بغض النظر عن نوعيته، أو الهدف والغاية منه ، او المصدر الذي منه انطلق ذلك النقد.

ويشير دودين أثناء حديثه لـ"جفرا نيوز" إلى أن  النقد الايجابي  فهو بنّاء بكل تأكيد ، وهو عين اضافية ، ورديفة للضمير ، لتصويب وتصحيح المسار في حال ابتعاده او حتى انحرافه عن جادة الصواب.

*هل انهارت المنظومة القيمية؟

يقول إن منظومة القيم العليا هي صمام الأمان للمجتمعات، ولذلك تم تكريسها في كل الديانات والمعتقدات، وباتت تشكل العامل المشترك الاعظم في الحياة الدنيا للتمييز بين الخير والشر، وبين الحق والباطل ولكن عندما تدلهم الأمور في مراحل معينة، فإن منظومة القيم تعتريها عوامل تعرية عديدة وتجعلها تتراجع في ضمير ووجدان الإنسان، ما يجعله يعود الى غرائزيته البهيمية  وعندها يظهر ويتجلى أسوأ واقبح ما فيه.
 
"وساعدت وسائل الاتصال الحديثة وساهمت في بث وتضخيم هذه الغرائز المليئة للأسف بالمرارة والغضب والحقد والحسد ، خصوصاً ان اصحابها يختبئون في معظم الأحيان خلف اسماء مستعارة، ما يزيل ويُبعد عنهم أدنى إحساس أو شعور بالحياء او الخجل او المسؤولية".وفق دودين.

*ردة فعل عائلته وأصدقائه بعد تعرضه للتنمر

يوضح أن عائلته وأصدقائه كانوا يضيقون ذرعاً بما تعرضت له من تنمّر، وكان يذكّرهم  ببيت الشعر الشهير : بلادي وان جارت عليّ عزيزةٌ وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرام.

ويختتم وزير الإعلام وعضو مجلس الأعيان السابق صخر دودين حديثه لـ"جفرا نيوز"، قائلاً: في الختام اذّكركم ونفسي دائماً بقول الحق جلّ في علاه : وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا.صدق الله العظيم.

*وجهة نظر إعلامية 

الإعلامي عامر الرجوب يعتقد أن كل شخصية عامة سواء إن كانت سياسية أو إعلامية يتوجب أن توسع صدرها وتتحمل كافة أنواع التعليقات حتى لو كانت هجوماً أو شائعة أو نقداً، مشدداً على ضرورة التعاطي مع كافة الأمور بشكل سلس وهادئ بعيداً عن العصبية.

ويدعو الرجوب لـ"جفرا نيوز" المسؤولين إلى الفصل بين العمل والحياة الشخصية؛ لكونه من الصعب إيجاد أشخاص يبادلونك المحبة المطلقة أو الكره، فهناك من ينتقد من أجل الانتقاد والبعض يقدم على ذلك من أجل موقف أو أمر ما، منوهاً أن المسؤول ليس منزهاً ومن الممكن أن يخطئ أو يصيب، ويجب أن يكون صدره رحباً.

وينصح جميع المسؤولين الذين يواجهون شائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي إثبات عدم صحتها بالحجة والبرهان، وعدم التعامل معها بشكل عصبي، مستشهداً بقول عمر بن خطاب رضي الله عنه: (رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي).

* ما رأي القانون ؟

مدير هيئة الإعلام السابق المحامي محمد قطيشات ينوه أن بعض الإعلاميين يعانون من التداخل بين حدود الذم والقدح وبين حق النقد، ومرد ذلك ضعف الثقافة القانونية المتقاطعة مع عدم النص صراحة على حق النقد أو بيان شروطه أو حدوده أو أحكامه مما يمنع بعضهم من ممارسة دورهم الرقابي على الاداء العام، وبذات الوقت جعل بعضهم يسيء لشخصيات عامة أو موظفين عامين دون أن قصد أو نية مبيتة ، وفي كلتا الحالتين السابقتين يبقى حق النقد حقا خالصا للصحفيين ومبرراً قانونياً لعدم المساءلة القانونية حتى لو لم يتم استخدامه أو انه استخدم بطريقة غير قانونية وغير شرعية.

ويوضح قطيشات لـ"جفرا نيوز"، أنه يجب التفرقة  في مجال الذم والقدح بين حالتين: حالة فيما إذا كان الشخص موضوع المادة الصحفية من آحاد الناس، والحالة الثانية: فيما إذا كان الشخص موضوع المادة الصحفية موظفاً عامًا أو من في حكمه مثل الشخصيات العامة، ففي الحالة الأولى لا يجوز ذم أو قدح أي شخص ، ولا يجوز اثبات ايضا أن موضوع الذم والقدح أيضاً صحيح إلا في حالة واحدة وهي تعلق الموضوع كله بالمصلحة العامة وكان بحسن نية .

أما الحالة الثانية ترتبط بقواعد ممثلة بصحة وثبوت القواعد لقد استقر القضاء الأردني على أن ثبوت الواقعة وصحتها هي أحد أهم الشروط لممارسة الصحفي لحق النقد وبتخلف هذا الشرط يتخلف حق النقد ككل، ان تكون عبارات المادة الصحفية متلائمة مع الموضوع وان تكون مما يهم الجمهور، وفق قطيشات.

ويتابع: يعتبر تلاؤم عبارات المادة الصحفية مع أهمية الموضوع ، والأهمية الاجتماعية للموضوع محددان أساسيان لإباحة حق النقد وهو ما يتجه إليه القضاء في الأردن بشكل عام ، ويعتبر عدم توافره دليلاً على سوء نية، مبيناً أن إحدى المحاكم قالت بعد ان شرحت اركان النقد المباح بشكل عام: "إضافة إلى ركن الواقعة الثابتة فان الركن الثاني من أركان النقد المباح: الرأي والتعليق وهذا الرأي لابد وان يرتبط بالواقعة الثابتة المذكورة ومن خلال المقالة فان المحكمة تجد انها لم تتعلق بأي واقعة وإنما جاءت على أمور كثيرة كانت تحمل الإساءة.

وينوه أن من  أركان النقد المباح وهو الأهم وجوب بأن تتعلق الواقعة بأمر يهم الجمهور وان ما ورد في المقال لا يهم الجمهور بشئ خصوصا وانه لم يتضمن الموضوع الذي من الممكن ان يرى فيه الجمهور ما يحقق الصالح العام ولم يثبت الاظناء ما ورد فيها، مضيفاً أن من  أركان النقد المباح أيضا العبارة الملائمة فيتوجب ولكي تكون العبارة ملائمة ان تصاغ بالصيغة الملائمة للموضوع ، خاصة وان هناك فرقا بين النقد باستعمال ألفاظ قاسية والتي يبررها الفقه في عملية النقد وبين العبارات التي يتم إيرادها فقط للتشهير والإساءة فالعبارة الملائمة يتوخى منها المصلحة العامة لا التشهير.

وأما الركن الأخير فهو سلامة النية وهذا الركن يستشف من توافر باقي أركان النقد وطالما أن النقد في المادة الصحفية المنشورة موضوع الدعوى لم يكن لمصلحة الجمهور وليس فيه ما يشير إلى اعتقاد الناقد صحة ما يبديه فإن سلامة النية تكون غير متوافرة”.

ويشير إلى أن الصحفي في حال لم يذكر اسم شخص معين أو ايراد واقعة مبهمة فانه يجب أن ينتبه الى انه اذا كانت هنالك قرائن لا يبقى معها تردد في نسبة تلك الاسنادات الى المعتدى عليه وفي تعيين ماهيتها ،وجب عندئذ ان ينظر مرتكب فعل الذم والقدح كانه ذكر اسم المعتدى عليه وكان الذم او القدح كان صريحا من حيث الماهية.

كما يوضح أن  القضاء الأردني اعتبر ان محاولات البعض اخفاء اسم المعتدى عليه ولكن الإشارة إليه باشارات يعرف منها او يمكن ان يعرف منها لا اثر لها في وقوع الجريمة ، ويعتبر القضاء ان الذم او القدح في تلك الحالة يعتبر وكانه قد تم صراحة ، فالمداوره في الأساليب الأنشائية في كل الأحوال مخبثة اخلاقيه شرها ابلغ من شر المصارحة.

ويشدد المحامي قطيشات في نهاية حديثه لـ"جفرا نيوز" على أهمية عدم وجود مصلحة خاصة أو دوافع شخصية للصحفي من نشر المادة الصحفية، ومن المستقر عليه في القضاء الأردني انه فيما لو ثبت ان للناشر مصلحة خاصة فيما نشر، او ان هناك شبهة انتقام من المشتكي فإنه لا يمكن لمثل هذا الصحفي بان يعتصم بحق النقد ، او يطلب اعفاؤه من العقاب بحجة ان دافعه للكتابة كان المصلحة العامة.

*ماذا عن الجانب النفسي؟

رئيس قسم الارشاد في جامعة اليرموك والاخصائي المجتمعي د.حسن الصباريني يعتبر بأن هناك مشكلة قائمة على مواقع التواصل الاجتماعي من بينها الإساءة الكبيرة لكل شخص يجلس في موقع المسؤولية، موضحاً أن التنمر هو  استخدام القوة لإيقاع الأذى بشكل متعمد ومكرر، والبعض يعتقد أن المسؤول هو صاحب القوى ويمتلك القرار ولذلك نحن نلاحظ بأن كافة المسؤولين يحرصون على سمعتهم ويبتعدون عن الخطأ ويتجنبون الشائعات.

ويقول الصباريني لـ"جفرا نيوز"، إن التنمر الإلكتروني هو الأكثر شيوعاً؛ لكون الجميع يمتلك حسابات وبعضهم يحقق ملايين المشاهدات، مما يستخدم بعضهم هذه العوامل من اجل محاربة شخص معين، لافتاً إلى أن التنمر يترك الأذى والشائعات والتشهير تتسب بمشاكل كثيرة وهذا لا يجوز. 

ويعلل بأن بعض المسؤولين لا يستطيعون التعامل الجيد مع الآخرين مثل عدم الرد على الهاتف أو الغرور وعدم تلبية مطالب مشروعة للناس، وبهذه الحالة عليه  ألا يستغرب ردة الفعل لأنه هو من قام بالفعل، موضحاً أنه من الممكن مواجهة أشخاص يشتمون المسؤول لأسباب شخصية أو أشخاص منافسين له يلجؤون لأفراد من أجل شن هجوماً عليه ويقفون له بالمرصاد وهذا يعتبر عمل فردي وتأثيره يكون محدوداً.

ويطالب من المسؤولين أن يدركوا بأن المدح الكثير يترك أمراً عكسياً والنقد أمر متوقع شريطة بأن يكون مرتبطاً بالأداء ولا يكون مقترباً من شخصه وأهل بيته وبهذه الحالة يعتبر إساءة غير مقبولة، لكون المواطن ليس له شأناً في حياة المسؤول الشخصية وأسرته وعشيرته وطائفته، وعندما نقترب من هذا الأمر يصبح ما أدلينا فيه مجرد تنمر وليس نقداً.

"ويتوجب على المسؤول الذي يجلس على الكرسي وبيده قرارات أن يتعرض لشيء من النقد ولا يوجد نقداً مستمراً او مديحاً مستمراً، وهو يمارس مهمته على كرسي خدمة وليس سلطة وهو بالأصل جلس عليه بسبب الكفاءة والمهارة والكريزما المطلوبة، وإذا اتخذ الكرسي بهدف الكسب هو يستحق النقد والمعارضة ويجب ألا يستمر كثيراً في موقعه". بحسب الصبارين.

ويعرف أن التنمر هو مصطلح معاصر يحتوي على إيذاء معنوي وجسدي ونفسي والإساءة لا أحد يقبلها على نفسه ويجب مخافة الله والنظر إلى المصلحة العامة ، وأن يكون الكلام منطقي وواقعي ويبتعد عن الإساءات الشخصية، وعندما نقتنع بأن المسؤول جاء للمصلحة العامة وليس للسلطة بالتأكيد ستقل هذه الظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي. 

ويختتم الصباريني في حديثه لـ"جفرا نيوز"، أن قانون الجرائم الإلكترونية وفر حماية للجميع، ومواقع التواصل الاجتماعي وجدت للتعارف والتثقيف وليس للإساءة ونشر الشائعات واغتيال الشخصيات.

يذكر أن عدد من المواطنين يعتبرون بأن من يجلس على موقع المسؤولية ينبغي عليه التحمل وعدم الالتفات إلى الصغائر التي تداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعكس أفراد يعتبرون بأن هناك حاجة ماس لعقد مبادارات ودورات لآلية التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي.