النسخة الكاملة

وجاهيا.. حوار الزوجين يوميا لا يتجاوز 10 دقائق

الخميس-2022-01-07 10:26 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - "وجاهيا لا يتجاوز الحوار بين الأزواج العشر دقائق في اليوم”، هكذا تقول دراسات، وتؤكده اختصاصية الإرشاد التربوي والنفسي والمتخصصة في العلاقات الزوجية د. سلمى البيروتي، إذ تبين أن تبدل الأولويات والانشغال الدائم بقصص لا تنتهي في مختلف الجوانب الحياتية يطغى على كل شيء.

تلك الدراسات لا يقصد بها مستوى الحوار بين الأزواج وفق مكوثهم ساعات طويلة في البيت وقضاء الوقت معا في المكان ذاته، إنما في الحديث العميق باستخدام لغة العيون، وهو ما لا يتجاوز دقائق معدود.
البيروتي تنوه لـ”الغد” إلى أن ذلك الحديث بين الأزواج عادة ما يكون حديثا عابرا عن المسؤوليات والأطفال والطعام والعمل والواجبات والمحيط والأهل والأصدقاء، ومشكلات وخلافات من هنا وهناك، كل ذلك بعيدا عن مشاعر حقيقية تجمع بين الشريكين في الحوار.
ويقابل تضاعف حجم المسؤوليات، والأعباء التي تقع على عاتق الأسرة والضغوطات الحياتية، والصعوبات التي تواجه الأسرة، قلة بالحوارات الحقيقية وجها لوجه وذات المعنى بين الزوجين، وكأنه لا أهمية لها في خضم كل ما يحدث، لتسود الرتابة ويطغى الصمت، وفق مختصين.
ما ينصح به الاختصاصيون بمجال الأسرة لتفادي الملل والبرود وتأثر مؤسسة الزواج سلبا، هو الحوار الحقيقي بين الزوجين، والمقصود ليس الحوار الذي يكون فقط عن الأطفال وعن الأمور الحياتية اليومية والضغوطات، إنما عن مشاعرهما.
شادية علي، ورغم مرور ستة أعوام على زواجها، إلا أنها تعترف أنها تعيش "وحدة” كبيرة، مبينة أن هذا الشعور تحديدا بات يعتريها منذ أربعة أعوام بعد إنجاب طفلهما الأول، إذ إن اهتمام زوجها في كل شيء إلا بها، وإن تحدث معها يكون ذلك عن احتياجات المنزل فقط من دون الحديث عما يخصهما.
وتقول "أدرك أنه ما يزال يحبني وأن هناك مشاعر بيننا لكنها مشاعر صامتة لا تحكى، والحياة تسحبنا، والمسؤوليات الكثيرة غيرت مسار كل شيء بيننا”، معبرة عن خوفها من أن تزيد هذه المسافة وتتغير المشاعر، وبالتالي يصبح هذا الزواج صامتا وغير سعيد.
وتضيف أنها حاولت كثيرا أن تجد حوارا مشتركا بينهما، إذ تتحدث عن مشاعرها وتذكره بتفاصيل قديمة فلا تجد منه إلا الصمت أو ابتسامة أو كلمة واحدة وأحيانا تعليق سلبي، من دون أن ينظر بعينيها، ما يشعرها بالانزعاج والإحباط، فهي كانت تنتظر منه أن يبادر معها ويتبادلا أطراف الحديث.
دكتورة الإرشاد التربوي البيروتي، تعود لتؤكد أن الحياة الزوجية يصيبها الفتور والصمت مع تضاؤل الحوار والحديث، خصوصا مع زيادة المسؤوليات على الأسرة، مبينة أن هذه النتيجة يتحملها الطرفان، فعليهما دائما إيجاد حوار بناء يخصهما.
وتبين البيروتي أن أولوية بعض الرجال تتغير أحيانا بعد فترة من الزواج، فبدلا من البيت والزوجة تصبح أولوياتهم الأولى العمل ثم الهوايات وتمضية الوقت مع الأصدقاء ثم الأولاد وأخيرا الزوجة.
أما الزوجة فأولوياتها كذلك، وتحديدا بعد إنجاب الأطفال ومضي وقت من الزواج، تصبح اهتماماتها بالأولاد والعمل، إذ تشعر بأن ذلك الأهم في حياتها وأكثر راحة لها، ما يعني أن العلاقة الزوجية لم تعد هي من قائمة الأولويات ومن الطبيعي أن يقل مستوى الحديث فيما بينهم بناء على ذلك.
لهذا تبين البيروتي أن هناك أبحاثا مطولة تؤكد أن معدل حديث الأزواج فيما بينهم وجاهيا لا يتجاوز العشر دقائق، مشددة على أن هذا الوقت لو يتم استثماره في حديث مختلف يصف المشاعر ويتحدث عن قيمة الآخر، ستتغير كثيرا هذه العلاقة إيجابيا.
وتنصح بأن على الزوجين إعادة التفكير بما يساعد على تجديد هذه العلاقة وإنجاحها، فالزواج واستقراره يعتمدان على الرابط المتين بين الطرفين، ومنح الوقت النوعي.
وتنصح الزوجين بالجلوس مع بعضهما بعضا، قبل أن يدخلا معترك الحياة ومشاغلها والحديث عن أنفسهما عن علاقتهما عن مشاعرهما وليس عن شيء آخر، ومحاولة التقرب بوجهات النظر، والتحدث في أمور كثيرة عن الماضي والحاضر وعن مستقبلهما.
وتشرح أن الأولوية تختلف عندما يدخل الملل للعلاقة ويصبح التركيز على الجانب المادي والاجتماعي، أما العاطفة فتكون في جانب آخر غير مهم، مبينة أن المشاعر الجميلة يعززها التواصل والحديث النوعي من خلال مشاركة الألم والخبرات اليومية والحياتية وحتى خبرات الماضي.
وتضيء البيروتي على نقطة مهمة، وهي عندما يتشارك الزوجان خبرات الماضي لكليهما وما عاشه كل طرف من ألم تصبح المشاعر أكثر أهمية. أيضا الإحساس ببعضهما بعضا أكبر وأعمق.
ويتفق الاستشاري الأسري أحمد عبد الله مع البيروتي، بأن الحوار هو تدفق حر للمشاعر والأفكار، فهذه العملية تعمل على رفع سوية الحياة بين الزوجين.
ويذهب الى أن الحوار هو أساس استمرارية العلاقة الزوجية السليمة، لكن بعيدا عن المواضيع المكررة بينهما، مبينا أن في ذلك دلالات نفسية كثيرة منها أن الآخر محل تقدير واهتمام، فيشعر بالأمان، فضلا عن أن الحوار البناء أيضا يشمل رسالة تقبل واضحة بين الطرفين، لذلك البيوت التي تخلو من الحوار تكون "هشة” نفسيا وأسريا.
ويبين عبد الله أن افتقاد الحوار يعني فقدان "القيمة الاعتبارية” الذاتية للإنسان في الحياة الزوجية، ويعطي رسالة مفادها، "أنت لا تصلح لا للحديث ولا لاستقباله وهذه رسالة خطيرة جدا”، خصوصا إذا تعززت هذه الرسالة بسلوك أن الزوج أو الزوجة شخص متحدث مع كل الناس إلا شريك حياته.
لذلك، ووفق عبدالله، فإن أقصر طريق للبدء بحياة أسرية ذات جودة عالية هو الحوار، وأقصر طريق لفقد القيمة الإيجابية في الحياة الأسرية هو أيضا الحوار، مبينا أهمية تخصيص الوقت النوعي، والبدء بالاستماع الصادق لتجاوز البرود وقلة الحوار لاحقا.
وفي النهاية، تركز دراسات واختصاصيون في الجانب الأسري، أن الزواج لن يكون ناجحا إن افتقد للغة الحوار بين الأطراف المبني على الحب والاحترام والتفاهم، وغير ذلك سيسود العلاقات الصمت والملل والرتابة. لذلك على الأزواج وإن زادت المسؤوليات والضغوطات الحياتية والمعيشية، أن يكون هنالك "فسحة” من الوقت لمشاركة المشاعر الصادقة بما يخفف من وقع المتاعب الحياتية ويزيدها تألقا ومودة.