جفرا نيوز - كتب- الدكتور حازم رحاحله
لم تثنِ الظروف الصعبة المرتبطة بجائحة كورونا مؤسسة الضمان الاجتماعي عن المضي قدما بمشاريعها وبرامجها الاستراتيجية، بل شكّلت هذه الظروف فرصة لاختبار قدرتها على التعامل مع التحديات الطارئة وترسيخ مفهوم الحماية الاجتماعية الذي الزمها أيضا اضطلاع بمسؤوليات مباشرة في الحماية الاقتصادية.
برامج عديدة تندرج ضمن أجندة المؤسسة للعام الجديد، وجميعها تتناغم مع الدور الاستراتيجي الذي تضطلع به المؤسسة على صعيدي الحماية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، وهذه البرامج تتنوع بين تقديم خدمات متميزة للأطراف المعنية بالمؤسسة، من مشتركين ومتقاعدين ومشغلين، إلى توسيع نطاق حمايتها الاجتماعية افقياً وعامودياً.
توسعة الشمول
سيشكل العام الجديد انطلاقة كبيرة على صعيد توسيع قاعدة المشمولين بالضمان الاجتماعي مدعومة بنهج جديد لرصد العاملين في القطاع الخاص والتأكد من شمولهم بتأمينات المؤسسة فالنمط التقليدي الذي انتهجته المؤسسة على مدار العقود الأربعة الماضية لم يعد فاعلاً في ظل التوسع في الأنشطة الاقتصادية وانتشارها وتعدد أنماطها، فلم يعد التفتيش الميداني أداة فاعلة لتأمين جميع العاملين على أرض المملكة بحقوقهم في الضمان الاجتماعي.
المؤسسة ومنذ نحو عام من اليوم، أصبحت تستند إلى البيانات الإدارية المتوافرة لدى مختلف الجهات الحكومية والتنظيمية في المملكة ومستفيدة بذلك من عمليات الربط الالكتروني مع هذه الجهات. كما يتيح النظام المعدّل لنظام الشمول للمؤسسة المجال لإدراج شرائح جديدة، العاملين في المهن الحرة على وجه التحديد، تحت مظلتها وبشكل إلزامي، فهذه الشريحة لعلها من أكثر الفئات حاجة للحماية الاجتماعية وجائحة كورونا والدروس المستفادة منها تؤكد على ذلك
الشهر الحالي، ستستكمل المؤسسة وبالتنسيق مع وزارة السياحة وجمعية الادلاء السياحيين بشمول الادلاء السياحيين بشكل إلزامي تحت مظلتها، وستستكمل أيضا شمول سائقي العمومي وفئات أخرى من العاملين في المهن الحرة ستنضم إلى مظلة الضمان الاجتماعي خلال العام الحالي.
كما يوفر برنامج "بادر" الذي أطلقته المؤسسة للتكيف مع الظروف الاقتصادية المرتبطة بجائحة كورونا، فرصة حقيقية أمام المنشآت لشمول جميع العاملين لديها بالضمان الاجتماعي بشكل فوري ودون العودة إلى فترات سابقة وما يترتب على ذلك من اشتراكات متراكمة وفوائد وغرامات.
كما يوفر ارتفاع مستوى الثقة بمنظومة الضمان الاجتماعي، بفعل البرامج المتعددة التي أطلقتها المؤسسة ومن بينها البرامج المنبثقة عن أوامر الدفاع، بيئة ممتازة لإنجاح كافة ترتيبات واجراءات توسعة الشمول، وتتوقع المؤسسة تجاوز عدد المشمولين بمظلتها المليون وستمائة ألف مشترك بحلول نهاية العام الحالي.
التأمين الصحي
هذا المشروع الواعد وربما "الحلم الذي طال انتظاره" والذي أمضت المؤسسة نحو عامين على دراسة كافة تفصيلاته بالتعاون مع الشركاء المعنيين بالقطاع الصحي، أصبح اليوم قاب قوسين أو أدنى للتطبيق غاية المؤسسة الأساس من المشروع في تطبيق التأمين تكمن في توفير رعاية طبية تتناسب وتوقعات العاملين والمتقاعدين وأسرهم، رعاية طبية مبنية على أسس العدالة والتضامن والتكافل، فصغار السن يتضامنون مع كبار السن، الأكثر عرضة للمرض، وغير المرضى يدعمون المرضى وأصحاب الأجور الأعلى يتكافلون مع أصحاب الأجور الاقل، والأعزب يتضامن مع المتزوج، وهكذا.
التأمين الصحي سيرى النور بأذن الله هذا العام، وسيبني على مقومات القطاع الصحي ولا سيما الخاص منها، من مستشفيات ومرافق صحية وقطاع تأمين متقدم، هذا بالإضافة إلى مراكز الرعاية الطبية الأولية لوزارة الصحة والمراكز والعيادات الطبية الخاصة والاهلية. المؤسسة اليوم، وبعد استكمالها للدراسات والترتيبات التشريعية اللازمة لتطبيق التأمين تمهيدا للسير بالمراحل التشريعية لإقرارها، بدأت بالإعداد الى الترتيبات والاجراءات الفنية اللازمة لتطبيق التأمين وفقا لمنظومة متقدمة ومتميزة لتقديم الخدمات المرتبطة بالتأمين.
الخدمات الالكترونية
لقد تمكنت المؤسسة على مدار السنوات الثلاث الماضية وبفضل الله عزوجل من تحويل غالبية خدماتها إلى الكترونية بالكامل، فالمتبقي من الخدمات فقط 1% وسيتم العمل على استكمالها خلال الاسبوعين القادمين. وعندما نتحدث عن خدمات الكترونية مكتملة، فهي تعني بالضرورة خدمات مرتبطة بمنظومة متكاملة من الأنظمة الالكترونية و لاتتطلب من متلقي الخدمة مراجعة أي من فروع المؤسسة. الوصول الى هذا المستوى من الخدمات تتطلب منا أيضا استحداث خدمات مساندة كخدمة "آيبانك" التي أصبحت الخدمة الأولى من نوعها في المنطقة التي تسمح بانتقال أرقام الحسابات والبيانات المتعلقة بأصحابها بشكل الكتروني وآمن إلى قواعد بيانات المؤسسة، الأمر الذي يسهل عملية تحويل أي مستحقات مالية إلى مستحقيها وبشكل آمن.
خدمة "ضمان باي" هي أيضا خدمة جديدة تتيح للمنشآت والأفراد دفع المستحقات المترتبة عليهم للضمان الاجتماعي وبدون أيّة رسوم إضافية، وهي تندرج أيضا ضمن سياسة المؤسسة إلى تنويع قنوات المدفوعات الخاصة بها. العديد من البنوك ومراكز الدفع ستنضم إلى هذه الخدمة خلال الاسابيع القادمة، وسيتم إطلاق نوافذ نوعية جديدة مرتبطة بهذه الخدمة، ونتوقع أن تصبح هذه الخدمة القناة الرئيسة لدفع مستحقات الضمان الاجتماعي بحلول نهاية العام.
والسؤال المحوري الذي يطرح نفسه في هذا المجال، ما الجديد الذي ستقدمه المؤسسة بعد استكمال تحويل جميع خدماتها إلى الكترونية؟
في الواقع، تزمع المؤسسة خلال هذا العام استحداث أدوات جديدة ونوعية تحاكي التسارع الكبير في تكنولوجيا المعلومات وتسهل بشكل أكبر على متلقي الخدمة، جنباً إلى جنب مع بوابة الخدمات الالكترونية على موقعها الالكتروني وتطبيق الهاتف الذكي. كما ستعمل على المضي قدما بنشر مكاتب الخدمات المساندة في المراكز التجارية وفقا للحاجة والمناطق النائية لمساعدة وتمكين بعض الفئات من استخدام مختلف خدماتها الالكترونية، فالتوعية الالكترونية تعد اساساً لنجاح أي عملية للتحول الالكتروني.
التوعية والتواصل الاعلامي
ربما كانت جائحة كورونا دافعاً كبيراً لإعادة النظر بسياسة الاعلام والتواصل مع جمهور المؤسسة، فالأنماط التقليدية لم تعد فاعلة لإيصال رسائل المؤسسة والاستفادة من التغذية الراجعة. ومنذ بدايات العام الماضي، أخذت المؤسسة بتغيير نمطها الاعلامي وأصبحت تستخدم مضامين وأدوات جديدة تتناسب مع طبيعة متلقي الخدمة، وستعمل خلال هذا العام على استكمال عملية التحديث هذه، واعتماد قنوات جديدة للتواصل مع جمهور المؤسسة، بمضامين تستهدف وتحاكي كل فئة من فئات المجتمع.
الضمان الاجتماعي، ينظر إلى العام الجديد بمزيد من التفاؤل وسيلعب دوراً واسعاً في دفع مسيرة التنمية الاقتصادية وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، ونتطلع أن تكون تجربة الضمان الاجتماعي على صعيد السياسات والأدوات والخدمات نموذج مؤسسي يعتد بها عالمياً.
* مدير الضمان الاجتماعي