النسخة الكاملة

الليرة التركية تهبط إلى مستوي قياسي منخفض فهل ستستمر في أدائها السئ؟

الخميس-2021-12-20 10:32 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - تعيش الليرة التركية (TRY) في خضم الاضطرابات وأسوأ حالاتها، حيث فقدت حوالي نصف قيمتها منذ بداية العام، وهو أسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة.
ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية في سوق تداول العملات الأجنبية بنسبة 38% في شهر نوفمبر وحده، بسبب المشاركة المستمرة للرئيس رجب طيب أردوغان في السياسات الاقتصادية للبلاد، والتي تسببت في تآكل كامل للمصداقية بين المستثمرين.
هذا ليس بجديد، لم يخف أردوغان أبدًا تعاطفه مع خفض تكاليف الاقتراض للبلاد في الماضي، حتى في مواجهة التضخم المتفشي، على عكس ما قد توحي به الاقتصاديات التقليدية، ومع ذلك، يبدو أن التطورات الأخيرة قد أوصلت الليرة التركية إلى نقطة تحول.
تسلسل زمني لانهيار الليرة التركية
1 .في 23 سبتمبر: قام البنك المركزي التركي بتخفيض سعر الفائدة القياسي بمقدار 100 نقطة أساس لتصل إلى 18%، استجابة لدعوات الرئيس أردوغان لخفض أسعار الفائدة،على الرغم من أن معدل التضخم سجل ارتفاع بنحو 19%، وقد برر صانعو السياسة قرارهم بالقول إن البنك المركزي ليس لديه أي سيطرة تذكر على اتجاهات التضخم الرئيسية، والتي كانت تحت تأثير اضطرابات سلاسل التوريد العالمية، وأنه ينبغي بدلاً من ذلك التركيز على الأسعار الأساسية (التي تستثني أسعار الطاقة والغذاء)، وقد ارتفع زوج USD / TRY بنسبة 1.3% خلال اليوم لتصل إلى 8.75.
2 .في 21 أكتوبر: قام البنك المركزي التركي مرة أخرى بخفض سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس لتصل إلى 16%، مخالفاً لتوقعات السوق التي أشار إلى خفضها بواقع 50 نقطة أساس، وقد ارتفع زوج USD / TRY بنسبة 3% خلال اليوم لتصل إلى 9.50.
3 .في 17 نوفمبر: قبل يوم واحد من اجتماع البنك المركزي، قال الرئيس أردوغان أنه سيواصل حملته من أجل خفض أسعار الفائدة، مشيرًا إلى تعاليم دينية بشأن الحاجة إلى تخفيف عبء أسعار الفائدة على المواطنين،وارتفع زوج USD / TRY بنسبة 2.5% خلال اليوم ليصل إلى 10.60.
4 .في 18 نوفمبر: خفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسية بمقدار 100 نقطة أساس، مؤكدًا على أن عوامل جانب العرض مثل ارتفاع أسعار الغذاء والواردات وخاصة الطاقةخارجة عن سيطرة السياسة النقدية،وارتفع زوج USD / TRYفي نفس اليوم بنسبة 4.4% لتصل إلى 11.08.
5 .في 22 نوفمبر:عانت الليرة التركية من أسوأ جلسة خلال العام، حيث خسرت ما يصل إلى 15% مقابل الدولار، وذلك بعد أن دافع الرئيس أردوغان مرة أخرى عن التخفيضات الأخيرة في أسعار الفائدة وأعلن أن تركيا في "حرب استقلال اقتصادية"،وبلغ سعر الدولار / ليرة تركية نحو 13.45 قبل أن يغلق عند 12.80.
6 .في 2 ديسمبر:قام الرئيس أردوغان بتغيير وزير ماليته فجأة وسط خلافات حول السياسات الاقتصادية، من خلال تعيين "نور الدين النبطي" الذي يُنظر إليه على أنه حليف وثيق لوزير الاقتصاد السابق "بيرات البيرق" صهر أردوغان الذي دعم سابقًا موقف الرئيس في انخفاض سعر الفائدة، وارتفع زوج USD / TRY بنسبة 1.7% ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 13.45.
7 .في 13 ديسمبر: هبطت الليرة التركية لتصل إلى مستوى منخفض جديد، حيث ارتفع زوج الدولار الأمريكي / الليرة التركية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق لتصل إلى أكثر من 14 للمرة الأولي، وذلك مع التوقعات المتزايدة بمواصلة البنك المركزي خفض سعر الفائدة على الرغم من استمرار وتيرة التضخم المتصاعدة التي تخطت 21% في شهر نوفمبر، جاء ذلك عقب تصريحات وزير المالية الجديد "نور الدين النبطي" الذي أكد على المواصلة على عدم رفع سعر الفائدة.
التطورات الاقتصادية الايجابية لم تدعم الليرة التركية
لم تتمكن التطورات الاقتصادية الإيجابية الأخيرة، بما في ذلك التوسع في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي في تركيا للشهر السادس على التوالي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.4% على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2021، من توفير أي فترة راحة لتراجع الليرة الذي لا يمكن السيطرة عليها.
حيث ظلت تحركات أسعار الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي متقلبة بشكل استثنائي، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بنوايا أردوغان وبيانات سياسته.
من وجهة نظر أساسية، توفر الليرة التركية معدلًا سلبيًا حقيقيًا يبلغ حوالي 5%، حيث يبلغ التضخم 20% بينما تبلغ أسعار الفائدة 15%، وهو سبب ملموس لانخفاض جاذبيتها بين المستثمرين، فهيمن بين أقل الأسعار الحقيقية بين الأسواق الناشئة الرئيسية.
في غضون ذلك، يستمر وضع الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي في التدهور، فمؤخرًا تدخل البنك المركزي التركي في سوق العملات الأجنبية وقام ببيعنحو مليار دولار من احتياطياته الأجنبية لمساعدة الليرة.
وفقًا لأحدث البيانات التي قدمها البنك المركزي التركي، بلغ إجمالي احتياطيات العملات الأجنبية 79 مليار دولار في نهاية نوفمبر، بما في ذلك 54 مليار دولار من صفقات مقايضة العملات مع البنوك المركزية الأخرى، بعد خصم المقايضات والالتزامات الأخرى مثل الاحتياطيات المطلوبة يقف صافي احتياطيات تركيا بالقرب من 30 مليار دولار، ومن المقرر أن يجتمع البنك المركزي في 16 ديسمبر لاتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة.
لماذا لا يقلق انهيار العملة التركية أردوغان؟
مع تكبد الليرة التركية خسائر فادحة هذا العام، حيث خسرت قرابة 45% من قيمتها منذ بداية العام، إلا أن الرئيس التركي لا يري في ذلك انزعاجًا كثيرًا، فهي يري أنه يسير نحو "حرب الاستقلال الاقتصادية"، التي يدعمها بسعر فائدة منخفض من أجل تعزيز النمو الاقتصادي على المدي وزيادة امكانات التصدير بعملة أكثر تنافسية.
ولكن لماذا يندفع أردوغانفي هذه السياسة على الرغم من تحذيرات الكثيرين من المخاطر المرتبطة بمعدلات التضخم المرتفعة والبطالة والفقر.
في المبادئ الاقتصادية التقليدية، إذا تسارعت وتيرة التضخم يمكن التحكم فيهامن خلال رفع سعر الفائدة، لكن من وجهة نظر أردوغانفإنسعر الفائدة ليس عادلا حيث تجعل الأثرياء أكثر ثراء والفقراء أكثر فقرًا.
ارتفاع معدلات التضخم في تركيا
أظهرت البيانات الرسمي الصادرة عن الاقتصاد التركي أن معدلات التضخم سجلت ارتفاعًا بأكثر من 21% خلال شهر نوفمبر، وعلى الرغم من ذلك، قام البنك المركزي التركي بخفض سعر الفائدة لتصل إلى 15% من 16%وهو ثالث انخفاض خلال هذا العام.
على مستوي عالمي فإن التضخم ينتهج سياسة تصاعدية الأمر الذي أجبر البنوك المركزية في دول العالم إلى البدء في الاتجاه نحو تشديد السياسة النقدية ورفع سعر الفائدة، على العكس من السياسة التركية التي تمضي في الاتجاه العكسي، حيث تعتقد القيادة التركية أنمعدلات التضخم ستتراجع إلى طبيعتها ​​في نهاية المطاف.
ومن أجل ذلك، قام الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بإقالة ثلاثة من رؤساء البنك المركزي على مدار العامين الماضيين، وفي بداية شهر ديسمبر قام بتغيير وزير المالية، وعلى الرغم من تلك التغييرات إلا أن الليرة التركية مستمرة في اتجاهها الهبوطي.
يعتمد الاقتصاد التركي بشكل كبير على الواردات من الخارج من أجلإنتاج السلع والمنتجات الاستهلاكية، وبالتالي الضعف الكبير لليرة يقوي من الدولار الأمريكي، مما سيكون له انعكاسًا بشكل مباشر على أسعار المنتجات الاستهلاكية.