جفرا نيوز - قال مستشار أمراض الجهاز الهضمي وتغذية وتنظير الأطفال ومتخصص بطب الأطفال الدكتور محمد الرواشدة: ان عددا كبيرا من مرضى التليف الكيسي في المملكة يتوفون قبل ان يتم تشخيصهم.
واضاف: ان أحد المشاكل الرئيسية لدينا هي عدم وجود «نظام تحري» دقيق للأمراض الوراثية والخطيرة، والتي من ضمنها مرض التليف الكيسي، لذلك هناك تأخر كبير يحدث الى حين ان يتم تشخيص المصاب بهذا المرض، مشيرا الى ان عددا كبيرا من الأطفال يتوفون بالتليف قبل ان يتم تشخيصهم، إذ ننتظر حتى يأتي الطفل مصابا، ولا يكون التشخيص مبكرا الا عند وجود طفل سابق لدى الأهل يعاني من المشكلة.
وبين ان تشخيص مرض التليف الكيسي بوقت مبكر هو الأساس، فالدول الأخرى تقوم بفحص الطفل بعد الولادة مباشرة، عن طريق أخذ عينة عرق من الطفل، وتقاس بعدها كمية أملاح العرق الموجودة بجسمه، الأمر الذي يكشف إصابته بالتليف الكيسي أم لا، وبعدها تتم اجراءات معالجة أعراضه بوقت مبكر، وهنا بالمملكة لا يوجد لدينا نظام تحري دقيق للأمراض الوراثية، لمنع المشاكل لاحقا.
وعن طبيعة مرض التليف الكيسي، أوضح الرواشدة أنه مرض وراثي خطير، حيث لم يكن معروفا قبل حوالي 70 عاما، واسمه الكامل مرض «التليف الكيسي البنكرياسي»، وقبل ان يكون هناك تشخيص مبكر له والعلاجات، كان من كل 10 أطفال مصابين به يتوفى 8، قبل ان يصبحوا بعمر العام، أما بالوقت الحالي فإن أكثر من 60% من مرضى التليف الكيسي هم من البالغين، حيث تغيرت الأمور خلال الـ 30عاما الماضية.
وتكمن مشكلة المرض وفق الرواشدة، أنه يصيب أغلب أجهزة الجسم، فعند البعض يكون تركيزه بالرئتين، واخرون بالكبد (وإصابة الكبد هي ثاني أكثر سبب شيوعا للوفاة بالمرض)، والبعض الاخر تركيزه يكون بالتهابات الجيوب الأنفية، وغيرها، مبينا ان جميع الذكور المصابين به يعانون من العقم، ويحتاجون لعمليات تخصيب خارج الرحم وغيرها بعد الزواج.
ونادى بضرورة وجود سجل وطني لمرضى التليف الكيسي في جميع محافظات المملكة، لأنه أخطر من مرض السرطان، وعدد المصابين به ليس كبيرا، وبالتالي يمكن السيطرة عليه من خلال السجل الوطني، مبينا ان اعداد المصابين به بالمملكة هي تقديرية، فمن الممكن ان يكونوا الاف شخص او أقل أو أكثر.
وعن الأعراض التي ترافق مرض التليف الكيسي، لفت الرواشدة الى أن هناك اكثر من 2500 طفرة وراثية، فكثير من الأعراض لها علاقة بنوع الطفرة الموجودة لدى الطفل، فيوجد مرضى قد يتوفون قبل ولادتهم، فتكون الأم في الشهر السادس او السابع، والطفل يولد متوفى بانسداد الأمعاء بسبب التليف الكيسي، وبعض الأشخاص قد يصلون الى 50 عاما ولا توجد لديهم اي اعراض صدرية، إلا انهم يعانون من العقم، فالأعراض لها احتمالية واسعة حسب نوع الطفرات الوراثية.
وبالنسبة للعلاجات المستخدمة لمرض التليف الكيسي، أشار الى انها تنقسم لقسمين، الأول قسم عام وتتمثل بالمضادات الحيوية التي تستخدم في التهابات الرئة، والفيتامينات في حال نقص الأغذية، وهناك قسم خاص تتمثل بالأدوية المتخصصة للمرض، إذ ان الأدوية التي تعتبر مفصلية في العلاج غير متوفرة لدينا.
وحتى لا تتكرر مأساة الطفل أمير الذي توفي قبل فترة بمرض التليف الكيسي، اعتبر الرواشدة اننا بحاجة لمجموعة اجراءات تنظيمية وإدارية وعلاجية تمنح الأطفال فرصا للحياة الطويلة أسوة بباقي الدول، منها الجدية في مواجهة المشكلة، فهي ليست مكلفة وأقل سعرا من إرسالهم للعلاج في الخارج، ويبدأ ذلك من خلال نظام تحري دقيق للأمراض الوراثية والخطيرة، لكشف المرض بالمراحل الأولى، ومنع المشاكل لاحقا.
ودعا الرواشدة لتأسيس مركز متخصص بعمان وحتى المحافظات، يجتمع فيه أطباء من تخصصات مختلفة بفرق متكاملة (وهو ليس مكلفا)، لأنه لا يوجد طبيب واحد قادر على معالجة مريض التليف، فالمريض يعاني من مشاكل تنفسية وكبد وتغذية وغدد وغيرها، والدول التي لديها مركز متخصص يعيشون المرضى فيها مدة أطول مع نوعية حياة جيدة، وفي الأردن هناك كفاءات طبية متوفرة، إلا ان ما ينقصنا هي الإرادة.
الرأي