النسخة الكاملة

انتخابات الجزائر المحلية ثالث محطة للرئيس تبون لتكريس طي صفحة بوتفليقة

الخميس-2021-11-28 09:29 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز- أدلى الناخبون الجزائريّون السبت، بأصواتهم في انتخابات محلية لتجديد المجالس البلدية والولائية، تشكّل مرحلة مهمة لرئيس البلاد عبد المجيد تبّون لطيّ صفحة حكم سلفه الراحل عبد العزيز بوتفليقة الذي ترك السلطة إثر حركة احتجاجيّة غير مسبوقة.

وقال تبون بعد إدلائه بصوته برفقة زوجته في مركز انتخابي بمدرسة أحمد عُروة بسطاوالي، بالضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، إن هدف الانتخابات "هو الوصول إلى مؤسسات شرعية بأتمّ معنى الكلمة، وهو ما وصلنا إليه".

وأغلقت كلّ مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 20.00 بالتوقيت المحلي (19.00 ت غ)، ثمّ بوشِر فرز الأصوات. 

وقال رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي إنّ "نسبة المشاركة بلغت عند غلق مكاتب الاقتراع 35.97 % في انتخابات المجالس البلدية و34.39 % على صعيد مجالس الولايات".

وأضاف "النتائج العامّة لما حصل عليه كلّ حزب لن تكون قبل عدّة أيّام".

واتّسمت الحملة الانتخابيّة التي دامت ثلاثة أسابيع بالفتور في العاصمة والمناطق الأخرى. 

وعُلِّقت بعض الملصقات وعقِدت تجمّعات داخل قاعات مغلقة. ولم يُسجّل نشاط كثيف للمرشّحين لشغل مناصب في مجالس 1541 بلدية و58 ولاية.

وتقدّم لانتخابات مجالس البلديات 115.230 مرشّحاً، بمعدّل أربعة مرشحين عن كل مقعد، بينما ترشح للمجالس الولائية 18910 أشخاص، أي ثمانية مرشّحين عن كل مقعد. 

ولا تمثّل النساء سوى 15% من المرشّحين، حسب إحصاءات السلطة الوطنية للانتخابات.

وبهدف حضّ الجزائريّين على التصويت، قامت السلطات بحملة دعائية واسعة عبر المساحات الإعلانية في المدن ووسائل الإعلام تحت شعار "تريد التغيير، ابصم وأتمم البناء المؤسساتي".

وانتقد المحلل السياسي محمد هنّاد هذا الشعار و"الثقافة السياسية" التي يحملها.

وأوضح لوكالة فرانس برس "هذه ليست من قبيل المعاملة الشريفة المستندة إلى قيَم المواطنة. بلغ عناد السلطة مستوى مرَضيّاً حقيقة، بحيث صارت أكثر تماديا في فرض إرادتها على الرغم من النتائج غير المشرّفة المسجّلة في المواعيد الانتخابية الثلاثة السابقة".

وهذه ثالث انتخابات تُنظّم في عهد تبّون الذي تعهّد تغيير كلّ المؤسّسات الدستوريّة الموروثة عن حكم بوتفليقة الذي دفعه حراك شعبي بدأ في شباط/فبراير 2019 إلى الاستقالة بعد عشرين عاماً في السلطة. وتوفّي في 17 أيلول/سبتمبر 2021 بعد مرض طويل أقعده لسنوات.

انتُخب تبون في كانون الأول/ديسمبر 2019 بنسبة 58 في المئة من أصوات الناخبين، وبمشاركة لم تتعدَّ 40 في المئة.

في مرحلة أولى، أجرى استفتاءً على تعديل الدستور في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 صوّت عليه فقط 23,7 % من الناخبين، من بين أكثر من 23 مليون ناخب.

في 12 حزيران/يونيو، جرت انتخابات تشريعيّة مبكرة شهدت نسبة امتناع عن التصويت هي الأكبر في تاريخ الانتخابات الجزائريّة، إذ لم ينتخب سوى 23%.

الحراك والتغيير 

وشدّد تبّون على أهمية مصداقية الانتخابات ونزاهتها، واستجابتها للتغيير الذي طالب به الحراك الشعبي.

بعد تنحّي بوتفليقة، واصل الجزائريون التظاهر بشكل كثيف، رافضين وجود كل رموز نظام الرئيس السابق في السلطة، وبينهم تبون نفسه. لكن مع تفشّي فيروس كورونا وتوسّع حملة القمع التي استهدفت الحراك، تراجع زخم الاحتجاجات.

وتقول أستاذة العلوم السياسية نبيلة بن يحيى لفرانس برس "تتميز هذه الانتخابات عن التشريعية بالعلاقة المباشرة مع المواطن وانشغالاته". وتضيف "أعتقد أنّ الانتخابات المحلية هي التي تُقَيِّم أداء بناء الثقة بين المواطن والسلطات". 

وبرأي هنّاد " تدَّعي السلطة أنها تريد التغيير استجابة للحراك، لكنها لم تأخذ من هذا الأخير إلا كلمة +التغيير+ من دون مدلول، وراحت تفرض أجندتها السياسية في جوّ من المونولوغ السياسي، فلم تشرك القوى السياسية في مشروع الإصلاح السياسي إلا شكليا".

ولعلّ مشاركة منطقة القبائل التي قاطعت الانتخابات الرئاسية ثم الاستفتاء والانتخابات التشريعية، في الانتخابات المحلية، قد ترفع نسبة التصويت.

فقد قرّر حزب جبهة القوى الاشتراكية، أقدم حزب معارض، تقديم مرشحين عنه في هذه المنطقة للدفاع عن الغالبية التي يملكها في المجالس المحلية في ولايتي تيزي وزو وبجاية، أكبر مدينتين في المنطقة الواقعة في شمال شرق البلاد.

كذلك شارك مرشحون أحرار، بعضهم قياديون سابقون في حزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية (علماني ليبرالي)، ثاني أكبر حزب في المنطقة، وقد قاطع كل الاقتراعات منذ بداية الحراك.

لكنّ رهان المشاركة القوية ليس الرهان الحقيقي بالنسبة إلى أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر رضوان بوجمعة، خصوصا بعدما قررت الحكومة التراجع عن الدعم المباشر والعام للمواد الاستهلاكية الأساسية وتحويله إلى إعانات نقدية لصالح المحتاجين فقط.

ويقول بوجمعة "الرهانات الحقيقية تتعلق بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة العام القادم، وانهيار القدرة الشرائية التي تنذر باتساع الاحتجاجات النقابية، خصوصا أن مؤشرات عديدة تدل على أن السلطة لا تملك لا الرؤية ولا الاستراتيجية لإيجاد إجابات لعمق الازمة".

أ ف ب