جفرا نيوز -
جفرا نيوز- أكّد العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب السبت، بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لـ"المسيرة الخضراء" أنّ المغرب "لا يتفاوض" على الصحراء المغربية المتنازع عليها بين الرباط وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
وقال الملك في الخطاب الذي يأتي في خضمّ توتّر متزايد مع الجزائر على المستعمرة الإسبانية السابقة، إنّ "المغرب لا يتفاوض على صحرائه. ومغربية الصحراء لم تكن يوماً، ولن تكون أبداً مطروحة فوق طاولة المفاوضات".
"نزاع إقليمي مفتعل"
وإذ شدّد العاهل المغربي على أنّ "مغربية الصحراء حقيقة ثابتة، لا نقاش فيها، بحكم التاريخ والشرعية، وبإرادة قوية لأبنائها، واعتراف دولي واسع"، أكّد أنّ الرباط "تتفاوض من أجل إيجاد حلّ سلمي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل".
وإذ أكّد الملك محمد السادس "تمسّك المغرب بالمسار السياسي الأممي"، جدّد التعبير عن "التزامنا بالخيار السلمي، وبوقف إطلاق النار، ومواصلة التنسيق والتعاون، مع بعثة المينورسو"، بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية.
كما جدّد العاهل المغربي دعم بلاده للجهود التي يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية، في أسرع وقت ممكن" توصّلاً إلى "حلّ نهائي، مبنيّ على مبادرة الحكم الذاتي، في إطار السيادة المغربية".
وارتدى خطاب الملك هذه السنة أهمية استثنائية كونه يأتي في خضمّ توترات متزايدة بين الرباط والجزائر على قضايا عدة من أبرزها الصحراء الغربية.
وفي أواخر آب/أغسطس أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط متّهمة المملكة بارتكاب "أعمال عدائية" ضدّها. في حين ردّ المغرب معرباً عن أسفه لقرار الجزائر ورفض "مبرّراته الزائفة".
وازداد التوتر في الأيام الماضية بعد أن اتّهمت الجزائر المغرب بقصف شاحنتين جزائريتين وقتل ثلاثة من مواطنيها في الأراضي الصحراوية في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر.
"تطورات إيجابية"
وتطرّق العاهل المغربي في خطابه إلى "التطوّرات الإيجابية التي تعرفها قضية الصحراء"، سواء أكانت على الصعيد الميداني أم على الصعيد الدبلوماسي.
وقال "لقد سجّلنا خلال الأشهر الأخيرة، بعون الله وتوفيقه، تطورات هادئة وملموسة، في الدفاع عن صحرائنا".
وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، تم خرق وقف إطلاق النار الساري منذ 30 سنة في الصحراء الغربية وذلك إثر عملية عسكرية نفّذها الجيش المغربي في منطقة الكركرات العازلة في أقصى جنوب الإقليم الصحراوي لإعادة فتح الطريق نحو موريتانيا بعد أن أغلقه مطالبون بالاستقلال. وردّت البوليساريو على التحرك المغربي بإعلانها انتهاء العمل بوقف إطلاق النار.
معبر الكركرات
لكنّ العاهل المغربي شدّد في خطابه على أنّ ما قام به الجيش يومها من "تأمين حرية تنقّل الأشخاص والبضائع، بمعبر الكركرات" كان "عملاً سلمياً حازماً وضع حدّاً للاستفزازات والاعتداءات، التي سبق للمغرب أن أثار انتباه المجتمع الدولي لخطورتها، على أمن واستقرار المنطقة".
كما أعرب الملك في خطابه عن "اعتزازنا بالقرار السيادي للولايات المتحدة الأميركية التي اعترفت بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه".
وفي أواخر 2020، حصل المغرب على اعتراف بسيادته على الصحراء الغربية من الرئيس الأميركي في حينه دونالد ترامب. في المقابل قام المغرب بتطبيع علاقاته مع إسرائيل.
كما لفت الملك محمد السادس إلى أنّ "افتتاح أكثر من 24 دولة، قنصليات في مدينتي العيون والداخلة، يؤكّد الدعم الواسع، الذي يحظى به الموقف المغربي، لا سيما في محيطنا العربي والإفريقي".
وفي غياب أيّ تقدّم في المفاوضات المتوقفة بشأن الصحراء الغربية، زادت الرباط جهودها لتعزيز موقفها عبر فتح قنصليات أو تنظيم فعاليات دولية في هذه المنطقة، ما أثار احتجاجات جبهة البوليساريو.
ومنذ نهاية 2019 فتح نحو 16 بلداً، الغالبية العظمى منها إفريقية، تمثيليات دبلوماسية لها في مدينتي العيون والداخلة.
وحذّر العاهل المغربي في خطابه "أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة من أنّ المغرب لن يقوم معهم، بأيّ خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية".
المسيرة الخضراء
وفي 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1975 لبّى 350 ألف مغربي نداء ملكهم الحسن الثاني وساروا باتجاه الصحراء الغربية التي كانت تحت حكم المستعمر الإسباني بهدف استعادة السيطرة عليها.
وبعد رحيل المستعمر الإسباني سيطر المغرب على معظم مناطق الصحراء الغربية، ما أدّى إلى اندلاع نزاع مسلّح مع "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" (البوليساريو) استمرّ حتى 1991.
ومذاك تنشر الامم المتّحدة بعثة في المنطقة للسهر على احترام وقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو التي أعلنت من جانب واحد في 1976 قيام "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية".
وتطالب البوليساريو مدعومةً من الجزائر بتنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية أقرّته الأمم المتحدة عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أيلول/سبتمبر 1991، فيما ترفض الرباط مدعومةً من باريس وواشنطن أيّ حلٍّ خارج حكم ذاتي تحت سيادتها في هذه المنطقة الشاسعة البالغة مساحتها 266 ألف كلم مربع.
مجلس الأمن
وفي آخر قرار له بشأن نزاع الصحراء الغربية دعا مجلس الأمن الدولي نهاية تشرين الأول/أكتوبر كلًا من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات، "بدون شروط مسبقة وبحسن نية" في أفق التوصل إلى "حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين" بهدف "تقرير مصير شعب الصحراء الغربية".
ويفترض أن تستأنف هذه المفاوضات، المتوقفة منذ عام 2019، تحت رعاية المبعوث الأممي الجديد الإيطالي ستافان دي ميستورا.
لكنّ الجزائر أعلنت رفضها العودة إلى طاولة المحادثات "رفضا رسميا لا رجعة فيه". كما أدانت جبهة البوليساريو قرار أمميا "حكم مسبقا بالفشل على مهمة" دي ميستورا، في حين أعرب المغرب عن استعداده "للتعاون معه".