جفرا نيوز - جفرا نيوز - تتواصل في ليبيا الاستعدادات لتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية، التي سترسم ملامح المرحلة المقبلة في تاريخ البلاد، فيما تواجه الأطراف الفاعلة في هذا الملف تحديات كبيرة قد تشوش على جهود إجراء هذه الانتخابات.
وسلطت صحف عربية صادرة اليوم السبت، الضوء على الحراك الذي تشهده ليبيا على الصعيدين الرسمي والشعبي لإجراء الانتخابات، والعقبات التي تواجه إجراءها بعد سنوات من الفوضى والانقسام.
دعم الاستقرار
وقال فيصل عابدون الكاتب في صحيفة "الخليج" إن "النهج العملي طغى على أعمال مؤتمر دعم استقرار ليبيا الذي أنهي أعماله الخميس في العاصمة طرابلس"، مشيراً إلى نوعية وحجم المشاركة العربية والدولية وفي كلمات المشاركين، وأخيراً في مضامين بنود البيان الختامي للمؤتمر.
وأضاف "شهدت أعمال المؤتمر أوسع مشاركة من نوعها بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وفرنسا وإيطاليا إضافة إلى وزراء خارجية عشر دول عربية، ويؤشر حجم المشاركة النوعية إلى وصول جهود الحل السياسي إلى ذروة النضج، وتأهل البيئة الوطنية لمغادرة الفترات الانتقالية الطويلة والدخول في مشروع الشرعية الانتخابية".
ولفت إلى أن البيان الختامي للمؤتمر أكد أهمية اتخاذ التدابير اللازمة لبناء الثقة وخلق بيئة مناسبة من أجل إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، وهي قضية مركزية تعد حجر الزاوية في تحقيق النقلة المطلوبة من الأوضاع الهجينة التي لا تزال تداعياتها سائدة، إلى وضع جديد يكرّس الاستقرار ويدفع التنافس باتجاه المسارات السياسية وتحقيق التنمية المستدامة، كما أكد البيان الختامي احترام السلطات الليبية لالتزاماتها وتعهداتها الدولية، واحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان.
أزمة سياسية
بدوره، قال جمال جوهر الكاتب في صحيفة "الشرق الأوسط"، إن "طرابلس العاصمة، التي شهدت توافداً وزارياً عربياً ودولياً نهاية الأسبوع، لتقييم تقدم الاستعدادات نحو الانتخابات، لم تكن بمنأى عن صراعات السلطة والاختصاصات التي تَفجر شيء منها بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ونائبه عن المنطقة الشرقية حسين القطراني".
ونقلت الصحيفة عن متابعين قولهم إنه ما أن يتم تدارك المشكلات فإنها ستعاود الاشتعال وتهدد المسار السياسي برمّته، بل ستفتح الباب ثانية أمام الصراع المسلح، حيث أن كل معسكر يعمل من جهته على تقويض جهود المعسكر المقابل بهدف إقصائه عن المشاركة في الانتخابات المرتقبة، بل تشويهه أمام الشعب.
وتابعت أن الساسة الليبيين يُجمعون على أن أزمة بلادهم حالياً سياسية أكثر منها أمنية، وهو ما يضعها على مفترق طرق، وتتمحور المعضلة، وفق رؤيتهم، حول رغبة الساسة في الوصول إلى حكم البلاد، وهو ما فسروه بظهور تحالفات تجرى حالياً، وسيناريوهات متوقعة بين شخصيات نافذة في غرب ليبيا وشرقها بعضهم كانوا خصوماً في سابق الأيام.
وقالت الصحيفة إنه "لم يتبق سوى 61 يوماً على موعد إجراء الانتخابات الليبية، وتطوى المدة التي حددها ملتقى الحوار السياسي، غير أن الباب لم يُفتح بعد للترشح رسمياً أمام الراغبين في خوض غمار الماراثون سواءً على منصب رئيس الجمهورية، أو مقاعد مجلس النواب".
تنازلات الأطراف السياسية
ورأى الكاتب في صحيفة "النهار" سميح صعب، أن التوصل إلى توافق سياسي سيتطلب تنازلات من الأطراف السياسيين، الذين يمسكون بالتوازنات الداخلية، ولا يبدو أن إهدار المزيد من الوقت يصب في مصلحة العملية السياسية، مضيفاً "بالنسبة الى المجتمع الدولي، تبقى الأولوية هي لإجراء الانتخابات، على رغم العراقيل التي تعترض المسار السياسي".
وأضاف "سر الاهتمام الدولي بليبيا نابع من الآثار السلبية التي ترتّبها الفوضى التي تسود منذ عشرة أعوام، ما حوّل هذا البلد منصة تنطلق منها أفواج المهاجرين من شمال أفريقيا في اتجاه الضفة الأخرى للمتوسط، وبذلك تحوّلت ليبيا عبئاً إنسانياً ومصدراً لمخاوف أمنية بالنسبة إلى الأوروبيين".
وتابع "لعل التوازنات الدولية والإقليمية على الساحة الليبية، فرضت قبل عامٍ من الآن، التوصل إلى اتفاق لوقف النار لا يزال ساري المفعول بدرجة كبيرة حتى الآن، على عكس الوضع السياسي الذي يعاني من هشاشة واضحة".
وقال الكاتب إنه "حان الوقت بعد عشرة أعوام من رحيل القذافي، لتجاوز الخلافات والتباينات، حول شكل النظام الجديد الذي يتعين أن تنهض ليبيا على أسسه، وكي تبدأ المشوار الطويل في إعادة الإعمار".
أنصار القذافي
وفي ذات السياق قال كرم نعمة الكاتب في صحيفة "العرب"، إن "من يطلق عليهم من أنصار القذافي أو النظام الجماهيري وثورة الفاتح من سبتمبر، خصوصا بعد التكهنات التي تحولت إلى أخبار عن ترشح سيف الإسلام القذافي في الانتخابات الرئاسية، لا ينطبق عليهم هذا التوصيف، بمن فيهم الشاعر علي الكيلاني الذي كتب أروع أناشيد التمجيد لأفكار القذافي، ويمت له بصلة قرابة".
وأضاف "سيف الإسلام الوحيد من أسرة القذافي الذي بقي يراوده الطموح السياسي، لكن المؤشرات الواقعية لما يحدث في البلاد المنقسمة على نفسها لا تمنحه أي فرصة، وأرى أنه يدرك بأن من المستحيل عليه ممارسة دور المنقذ بعد أن كان جزءا من الانهيار".
وتابع أن "هؤلاء الليبيين، وفق التقويم الواقعي، وقفوا مع النظام ضد من خضع للناتو لإسقاطه، لكنهم في كل ذلك، كانوا يقفون ضد من استعان بالأجنبي على بلاده وليس دفاعا عن القذافي نفسه، بقي مثلا أحمد قذاف الدم يردد جملته بعد أن نجا من المذبحة بأن من حق الليبيين أن يثوروا على القذافي، لكن من المعيب عليهم التعاون مع الناتو لتدمير بلدهم".
وتابع "ثمة أرقام تتحدث عن وجود 50 – 70% من الليبيين يمكن أن يصنفوا اليوم على أنهم أنصار القذافي، وبغض النظر عن المبالغة العددية، فإنه لو وجد هذا الرقم فعلا فإنهم في حقيقة الأمر يعبرون عن الرفض الليبي للواقع السياسي القائم أكثر من أي تفسير آخر متعلق بالقذافي نفسه".
واختتم بالقول: "إذا كان تصنيف الليبيين إلى مؤيدين للثورة أو مؤيدين للقذافي قد ساد عام 2011، فإنه لا يبدو واقعيا بعد عشرة أعوام لأن التقسيمات مستمرة في طبيعة المجتمع الليبي القائم على إقصاء فكرة العمل الجماعي، فشاعت بعدها تقسيمات الشرق والغرب مع القتال بين قائد الجيش الليبي خليفة حفتر في بنغازي والحكومة المركزية برئاسة فايز السراج في طرابلس".