النسخة الكاملة

دوائر المحاصيل الزراعية ظاهرة تثير النقاش في بريطانيا

الخميس-2021-10-18 10:10 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - يعتبر الظهور المفاجئ لدوائر المحاصيل الزراعية في الحقول  أنماط هندسية غريبة تظهر بشكل غامض بين ليلة وضحاها  في مختلف أنحاء الريف البريطاني بين أبريل (نيسان) وسبتمبر (أيلول)، أحد أغرب المشاهد الموسمية التي يمكن أن نراها.

وقد باتت تلك الظاهرة موضوع إثارة منتظمة في وسائل الإعلام، وغالباً ما يجري تجاهلها باعتبارها خدعة واضحة يعمل على تدبيرها انتهازيون ريفيون ماكرون، يأملون بأن يجذبوا من خلالها سياحاً فضوليين من المدن، كي يفرضوا عليهم كُلف دخول باهظة لقاء مشاهدة ما قد يكون ربما، ليس سوى ربما، دليلاً على وجود سلالة فضائية تسعى إلى التواصل مع الحياة الذكية على كوكبنا.

وفي المقابل، عمل بعض المخادعين المحترفين من أمثال دوغ باور ودايف تشورلي على ترسيخ تلك الصورة، إذ ادّعيا سنة 1991 على نحو مثير، بأنهما نفذا مئات من تلك الدوائر على مدى الأعوام الـ 15 الأخيرة، من خلال تسطيح المحاصيل بألواح من خشب، وقياس أنماطها بحبال طويلة.

وبجسب توضيح من "مجلة سميثسونيان" The Smithsonian Magazine، فحينما ظهرت للمرة الأولى دوائر المحاصيل الزراعية للثنائي باور وتشورلي، "خرجت إلى العلن موجة من الأفكار الصوفية وأخرى ترتبط إما بالسحر أو ببحوث علمية حقيقية أو زائفة، إضافة إلى نشوء كثير من نظريات المؤامرة بشأنها وسط أجواء من الصخب والفوضى بشكل عام، وقد جرى التعامل مع تلك الأنماط الهندسية المنقوشة في الحقول الزراعية كعدسة تتمكن من خلالها زمرة الأفراد المهتمين بمثل تلك الظواهر الغامضة، أن يبحثوا في إمكانات تفاعل طاقات الكوكب وتدخل الأرواح القديمة والمعاناة التي تواجهها "أمنا الأرض" إزاء الدمار البيئي الوشيك، وأن يتلمسوا أيضاً أدلة تشير إلى اختبار أسلحة سرية، وبالطبع إلى إمكان وجود كائنات فضائية".

وعلى الرغم من ذلك لم يستطع دوغ باور إلا أن يعتبر نجاح خدعة الصحون الطائرة التي ابتكرها أمراً مثيراً للضحك، ففي 1999 نقل إلى برنامج "كاونتري فايل" Countryfile الذي تعرضه شبكة "بي بي سي"، فيما حاول إخفاء ضحكته، إن "هؤلاء الباحثين المزعومين ربطوا ما بين دوائر المحاصيل التي أنشأناها وكوم المدافن أو حصون التلال القديمة، وفي الواقع لا توجد أي صلة من هذا النوع على الإطلاق، ففي ما يتعلق بنا تمثل الهدف في أن نمرح بعض الشيء".

أما بالنسبة إلى بعض الأفراد الآخرين الذين يعرفون باسم "كروبيز" Croppies (تسمية لمن يعتقدون بأن دوائر المحاصيل حقيقية)، فيعتبرون أن كل تلك الجلبة ليست سوى محاولة لإلهاء الناس عن ظاهرة أكثر جدية، تشكل دليلاً قاطعاً على وجود حوادث خارقة للطبيعة في عصرنا وتتمثل في تصاميم تلك الدوائر التي تتخذ أشكالاً هندسية مزخرفة ورسومات تحمل معالم شبيهة بأحرف الأبجدية الجرمانية القديمة، وتتمدد وسط صفوف الذرة والقمح والشعير، واستطراداً تشكل تلك الظواهر مؤشرات كبيرة ومعقدة للغاية، بل لا يمكن حصرها في تأويلات ظرفية وانتقادات مفعمة بالسخرية.

وفي تحقيق استقصائي أجرته شبكة "بي بي سي" أخيراً عن تلك الظاهرة، تحدث دانييل ستابلز عن رحلة أنجزها بهدف رؤية إحدى تلك الدوائر بنفسه، فقصد منطقة "ويلتشير" التي يذكر إنها تضم حوالى 80 في المئة من دوائر المحاصيل الزراعية الـ 30 التي تظهر في بريطانيا سنوياً، بل تنشأ كثرة منها قرب موقعي آثار العصر الحجري الحديث (النيوليتي) في "ستونهينج" و"أفيبري".

واستطراداً، لم يتمكن ستابلز من سوى ترسم "خطوط متقاطعة في محاصيل القمح المداسة" على مستوى الأرض، ويشبه ذلك الشكل خطوط منظار البندقية، وكذلك فإنه سرعان ما استبعد إمكان أن تكون الدائرة بصمة من خارج كوكب الأرض حينما ظهر أحد المتفرجين، "وهو رجل مستكرش يرتدي إحدى قمصان "دارك سايد أوف ذا مون" Dark Side of the Moon [الجانب المظلم من القمر]، كي يشير إلى أن تلك الأشكال النمطية تشبه إلى حد كبير شعار حانة "بارج إن" Barge Inn القريبة في بلدة "هونيستريت"، مما يعني ضمناً أن ذلك النموذج بالذات هو من صنع الإنسان.

وفي سياق متصل، شوهدت دوائر المحاصيل الزراعية في مختلف أنحاء العالم، من ولاية كاليفورنيا الأميركية إلى الصين وإندونيسيا وأستراليا، لكن الاهتمام بظهورها في بريطانيا تنامى بشكل مطرد منذ أواخر السبعينيات من القرن العشرين (آنذاك استخدم باور وتشورلي منزلهما المتنقل الأول أثناء عودتهما من تلك الحانة سنة 1976) إلى أن عاودت تلك الظاهرة الانتشار على نطاق واسع أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، واستمرت طوال أعوام التسعينيات من ذلك القرن، حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير