النسخة الكاملة

الجلوة العشائرية إرث ثقيل..مواطنون: تركنا بيوتنا وتمت سرقتها..وجهاء: 19 قضية بالكرك تنتظر الحسم

الخميس-2021-10-06 09:22 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - «منذ سنة ونصف جلونا من منطقتنا حتى الجد الخامس، 102 عائلة تشكل نحو 1200 شخص بالإضافة إلى الأنسباء والأقارب وآخرين، تكبدنا نحو 1.5 مليون دينار خسائر، بالإضافة إلى أجور منازل تقدر بـ 20 ألف دينار شهريا»، يصف معاذ -اسم مستعار-، معاناتهم مع الجلوة عقب مشاجرة عشائرية.

ويضيف: «تركنا بيوتنا وتمت سرقتها وتكسيرها واماكن رزقنا، وابناؤنا فقدوا رفاقهم ومدارسهم وجامعاتهم».

ويزيد معاذ: إن موضوع الجلوة غير إنساني وليس قانونيا، ويضع القانون العشائري المشمولين بالجلوة تحت مظلة الدولة ويعتبر عقابا جماعيا على ذنب لم نرتكبه، وانتهاكا صارخا لحقنا في التمتع ببيئة آمنة».

الجلوة العشائرية ظهرت كإحدى أدوات إدارة النزاعات العشائرية خلال الفترات السابقة لنشوء الدولة، والهدف منها لم يكن عقابياً فقط، بل كانت أداة لعملية حقن الدماء بسبب الثأر، حيث لم تكن هناك سلطات حقيقية يمكن أن تعاقب من قام بالجريمة.

وكان لا بد من مراجعة الجلوة العشائرية من حيث المفهوم والتطبيق، نظرا لتقدم المنظومة القانونية، من حيث وجود دولة يسودها القانون وقضاء قادر على معاقبة المجرم، وتطور المنظومة الحقوقية بحيث لا يجوز معاقبة أفراد على فعل جرمي لم يقوموا به، وتحول الجلوة العشائرية إلى فعل عقابي لأشخاص لم يقترفوا أية جريمة.

ويعتبر فتح ملف الجلوة العشائرية من ضمن مجموعة من الملفات التي سيتم مراجعتها في الفترة المقبلة لتحديث المنظومة الاجتماعية لتتوافق مع تحديث المنظومة السياسية، والتي سيتبعها بالضرورة تحديث المنظومة الاقتصادية، ليكون الأردن قادراً على دخول مئويته الثانية وعيونه نحو المستقبل.

فقد أعلن وزير الداخلية مازن الفراية بنهاية أيلول الفائت «وثيقة الجلوة العشائرية»، حيث وصف إشهارها بأنه «خطوة مهمة على طريق إنهاء ممارسة تسربت إلى عاداتنا وتقاليدنا، تحت مسمى «الجلوة العشائرية».

وأوضح الوزير، أن الوثيقة تضمنت عددا من البنود أهمها اقتصار تطبيق الجلوة على القضايا العشائرية وهي (القتل)، والمشمولون بالجلوة هم: (القاتل، والد القاتل، أبناء القاتل) من الذكور، فقط لا غير، ومدة الجلوة سنة واحدة قابلة للتجديد حسب ظروف القضية يقررها الحاكم الإداري والمجلس الأمني في المحافظة.

واعتبر الفراية، أن اعتماد وثيقة ضبط الجلوة العشائرية سيؤدي إلى إنهاء الظواهر غير الحضارية، كما ينهي البدع الدخيلة على مجتمعنا بهذا الخصوص، وخاصة فيما يتعلق بالجلوة، في ظل التقدم الحضاري والعلمي والعمراني الذي نشهده.

الحجايا: تطبيق «الجلوة» بقوة القانون

قال القاضي العشائري من لواء الحسا شرقي محافظة الطفيلة موفق ابو جفين الحجايا: إن الجلوة العشائرية هي من الاعراف والعادات المتبعة في حقن الدماء والمحافظة على كرامة اهل المجني عليه، وقد تعرضت تلك الاعراف للتغيير منذ القدم، نظرا للتوسع السكاني والعمراني، حتى اصبح من الواجب على الدولة ضبط الجلوة العشائرية للتخفيف على المواطنين والحد من هذه الظاهرة.

واضاف الحجايا، خلال حديثه: إن الاعراف العشوائية السابقة التي كانت تطبق في الجلوة العشائرية في حالات القتل التي يتم فيها جلو افراد العشيرة حتى الجد السابع في بعض مناطق المملكة ثم خفضت للجد الرابع بعد أن يضع «بعير النوم» ويعني ان يقوم الذي يلتقي بالجاني في الدرجة الرابعة بدفع قيمة رأس من الإبل يقدر بالاتفاق ويحتسب في نهاية الأمر من الدية عند دفعها، وكلمة النوم تعني انه بدفع هذه القيمة، فإن الدافع يستطيع العودة الى بيته وممارسة حياته الطبيعية دون قلق من ثأر ذوي المجني عليه وأولياء الدم، الامر الذي جعل الناس تستفحل وتضيق ذرعا.

وبين الحجايا، أن الدولة ملزمة بتطبيق القانون بالقوة في وثيقة ضبط الجلوة العشائرية والتي حددت المشمولين بالجلوة وهم: (القاتل، ووالد القاتل، وأبناء القاتل) من الذكور فقط لا غير، للحد من تشريد وترحيل عشرات الاسر من منازلهم الاصلية الى اماكن اخرى غريبة عليهم، لافتا الى ان الجلوة في شكلها السابق ومبرراتها قد تلاشت مع اتساع حالة التوطين والعمران وتداخل المجتمعات فيما بينها بشبكة من العلاقات المترابطة الاسرية والاقتصادية مما يجعل من الجلوة العشائرية عقوبة وكارثة اجتماعية تشوه مفهوم دولة القانون وتعمق عملية الثأر ?الاحتقان المجتمعي وتتسبب بخسائر واضرار كبيرة.

واشار الى ان اجتماعات مكثفة في السابق مع غالبية القضاة العشائريين يؤيدون تخفيف الجلوة العشائرية وتقنينها ضمن حدود وضوابط تحفظ حق الجميع وتحد من تفاقم ظاهرة القتل وهتك العرض وحقن الدماء، وتطبيقها بقوة القانون للوقوف امام مآس تتكرر يوميا من عربيد او متعاط للخمر والمخدرات قتل احدا من رفاقه من رفاق السوء، ليجدوا أقاربه انفسهم وهم يساقون كالقطيع الى رأس مجلاه بلا رادع او وازع من ضمير، الامر الذي يحتاج الى وقفة شعبية ورسمية تنهي هذه المأساة دون تردد، فرب العزة احكم الحاكمين يقول: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أ?خْرَى).

وختم الحجايا حديثه، إن من المآخذ على على وثيقة الجلوة العشائرية التي دخلت حيز التنفيذ، حول مكان الجلوة الذي يكون من حي الى حي داخل المدينة، والذي يخلق مشاكل جديدة بين اهل القاتل والمقتول والذي من المفترض ان يكون خارج نطاق سكن اهل المقتول لقرب المسافات التي لا يمكن تطبيقها في بعض احياء المحافظات حقنا للدماء، وعدم حرمان كفالة كفيل الوفاء بأخذ ما نسبته (10%) من دية المقتول حتى تبقى هذه العادة متوارثة في القضاء العشائري حفاظا لحقوق الآخرين ولانه ملاحق في المحاكم كونه كفل الجاني وأهله بمحض ارادته.

أبو دلبوح: الوثيقة انتصار للمرأة


قال الشيخ والقاضي العشائري المحافظ السابق، عبدالله أبو دلبوح: إن وثيقة ضبط الجلوة العشائرية التي أعدتها وزارة الداخلية، بالتعاون مع الجهات المعنية، هي انتصار للمرأة لما لها من انعكاسات إيجابية على حياتها في حال كانت من أهل الجاني.

وأضاف : إن التعليمات الجديدة التي تضمنتها الوثيقة لا تجبر المرأة أن تجلو مع المشمولين بالجلاء في حال وقوع جريمة قتل الا بمحض إرادتها، في حين كانت مشمولة سابقا بالجلاء.

وأكد أن الوثيقة جاءت منصفة لجميع الأطراف المعنيين بجريمة القتل لأنها خففت من الأعباء النفسية والمادية وحصرت المناطق التي يمكن أن يجلي إليها المعنيون من أهل الجاني.

وأشار إلى أن اللاجئين الموجودين على أراضي المملكة استفادوا أيضا من صدور التعليمات التي تضمنتها الوثيقة الجديدة، خاصة وأن هنالك قضايا جلوة للاجئين سوريين تم القضاء فيها عشائريا لأول مرة في محافظة المفرق.

وأوضح أبو دلبوح أن هنالك الآلاف من اللاجئين السوريين يعيشون في المجتمعات المحلية في المفرق وغيرها، منوها إلى أن وقوع جرائم قتل بينهم أمر متوقع ما يعني زيادة الأعباء على الأجهزة المعنية وشيوخ العشائر خاصة وأن جميعهم من أبناء العشائر السورية وبالتالي فهم معنيون بتعليمات الجلوة تماما.

وعن معاناة أهل الجاني، اوضح ابو دلبوح، أنه في إحدى القضايا تم إجلاء نحو (٧٠) شخصا من أهل الجاني في إحدى مناطق المفرق وهو ما يكبدهم أعباء نفسية ومالية وغيرها من الأعباء التي تثقلهم، مشيرا إلى وجود قضايا قتل في المفرق ما زالت بدون «عطوات» لأن أهل المجني عليه توجهوا للقضاء المدني.

وأكد أبو دلبوح، أن هنالك تعارضا بين القضاء المدني والعشائري، والسبب هو طول إجراءات التقاضي وبطء صدور الأحكام و هو ما يرهق جميع الأطراف من حكام إداريين وأجهزة أمنية وكفلاء الدفا والوفا وأهالي الجاني والمجني عليه.

أبو عزام: بداية القضاء على العادات السلبية


قال الرئيس التنفيذي لمنظمة «محامون بلا حدود» المحامي الدكتور صدام ابو عزام: إن وثيقة الجلوة العشائرية الجديدة، تشكل بداية للقضاء على العادات السلبية وما يرافقها من اعتداءات على الأموال والأرواح، فهي صدرت بقرار موجب عن مجلس الوزراء، وألزمت الحكام الاداريين بتنفيذها.

وأضاف: إن الجلوة العشائرية تتعارض مع مبدأ سيادة القانون ومع مضامين الدستور الاردني والتشريعات الوطنية، مبينا ان فكرة الجلوة تنتهك حق الانسان في العيش الكريم والآمن وحق الانسان في الامن والطمأنينة، فضلا عن تأثيرها على منظومة حقوق الانسان الاخرى من الحق في التعليم والعمل وغيرها، وتعتبر الوثيقة التي اعلن عنها وزير الداخلية خطوة في الاتجاه الصحيح للتخلص من هذه العادة السلبية لضمان حياة واسقرار المواطنين.

وفي ذات السياق، يرى أبو عزام، أنه يجب العمل على تعزيز مبادئ الامن القانوني وسيادة القانون وتعزيز الثقة بالسلطات والمؤسسات الدستورية ولا سيما السلطة القضائية، لطمأنة الافراد والمتنازعين أن المؤسسات الوطنية قادرة على انصافهم، مما يشكل حاجزا يمنعهم من الاعتداء على غيرهم واخذ غير الجاني بجريرة غيره، حيث ان ذلك يتنافى مع مبدأ شخصية الجريمة والعقوبة اذ لا يجوز بأي حال من الأحوال معاقبة او إلحاق الضرر بشخص غير الجاني ولا يجوز انزال العقاب الا من قبل المؤسسات الوطنية ذات العلاقة.

وجهاء: 19 قضية جلوة بالكرك تنتظر الحسم

تعاني محافظة الكرك كشأن سائر محافظات المملكة من قسوة تداعيات عادة الجلوة العشائرية التي تسببت في تشريد اسر تضم مئات الاشخاص عن مناطق اقامتهم ولاذوا مرغمين بمناطق اخرى داخل المحافظة او خارجها طلبا للنجاة من ثأر ذوي المجني تاركين خلفهم مساكنهم ومصالحهم التي هي مصدر الرزق الوحيد لهم، والمؤذي اكثر في الجلوة ما يترتب عليها من اضرار للمتأثرين بها امتداد وقتها لزمن طويل لتأخر البت في الاسباب التي ادت لها وما يتبعها من اجراءات المصالحة بين الطرفين المتخاصمين.

ويبلغ عدد قضايا الجلوة المعلقة في محافظة الكرك للان (19) قضية يتأثر منها (470) شخصا في مختلف مناطق المحافظة، وفقا لمحافظ الكرك الدكتور محمد الفايز الذي قال: نعمل بجدية وتصميم لتنفيذ مضمون وثيقة تنظيم الجلوة بالتعاون مع كافة الجهات ذات العلاقة، موضحا انه ومنذ صدور الوثيقة تم التواصل مع وجهاء المحافظة والمجلس الامني فيها، حيث تم عقد عدة اجتماعات لبحث تفاصيل القضايا العالقة في محاولة لانهائها بالصلح العشائري الذي ينهي القضية بشكل تام ليتسنى عودة جميع الذين اجلوا الى اماكن اقامتهم، مضيفا اننا نعمل تدريجيا لمعا?جة قضايا الجلوة القائمة وبما يتناسب وطبيعة كل قضية، مشيرا الى وجود خمس قضايا جلوة شبه جائزة لحسمها بالمصالحة خلال ايام.

ويؤكد وجهاء وشيوخ في المحافظة ان الجلوة العشائرية واحدة من اكثر العادات والتقاليد الاجتماعية السلبية كعقوبة جماعية لا يبررها شرع او قانون لآثارها المدمرة على بنية المجتمع بشكل عام وتسببها في تقطيع اواصر العلاقات بين افراده، اضافة لما فيها من ظلم وتعسف حين تأخذ بجريرتها اناسا ابرياء لا ذنب لهم بمجرد ان احدهم ارتكب جريمة حتى لو كان هذا الشخص معزولا اصلا بين عشيرته لاسباب تتعلق بطبيعة حياته وما يداخلها من شرور وعدم احساس بالمسؤولية بما سيتعرض له من عقوبة وبما ستؤول اليه امور اقربائه.

واعتبروا ان وثيقة ضبط الجلوة العشائرية التي صدرت عن وزارة الداخلية مؤخرا جاءت طوق نجاة للمجتمع من تداعيات الجلوة المضرة والتي تتنافى مع دولة القانون والمؤسسات كدولة متحضرة لا سيادة فيها الا للقانون العام الذي ينتظم الحياة بكل نواحيها، لافتين الى ان ما جاء في الوثيقة هو خطوة للتحرر من عادة الجلوة وما فيها من انتهاكات لحقوق المواطنين في حرية التنقل والاقامة وينبغي ان تتبعها خطوات لالغائها نهائيا.

وقال الباحث والمؤرخ والوجيه حامد النوايسة: ان الجلوة العشائرية عُرف اجتماعي يتجاوز حدود المنطق ونحن نعيش في دولة قانون ومؤسسات لا تحكم بالاعراف الاجتماعية انما بالانظمة والقوانين التي تحمي الجميع.

ويرى النوايسة، ان الوثيقة خطوة جريئة للتخفيف من وطأة الجلوة للوصول لمرحلة الغائها لتحقيق الامن المجتمعي وهذا يتطلب وفق قوله جعل الوثيقة قانون بادخال مايلزم من تعديلات عليها خاصة في مجال تحديد مدة الجلوة لتكون اقل من عام، مشيرا الى ضرورة الاسراع في اجراءات التقاضي في قضايا الجلوة واصدار الحكم فيها بحق الجناه مما يخفف من الاثر النفسي لدى ذوي المجني عليه وليركن الناس إلى القانون لان التأخر في ذلك سبب رئيس في اطالة أمد الجلوة والمعاناة.

وقال الوجيه العشائري فايق القروم: ان صدور وثيقة تنظيم الجلوة حدث ايجابي نال استرضاء واستحسان المواطنين الذين يدعون لضرورة ان تتعامل الجهات الحكومية ذات العلاقة بموضوع الجلوة بجدية من خلال ايقاع عقوبات مشددة بحق من يخالف بنود الوثيقة، وهذا يستلزم بحسب وجود قوانين تردع من يحاول الافلات مما تقتضيه الوثيقة التي قد يكون هناك صعوبة في تطبيقها ولكن بالعمل المتواصل وتوعية المواطنين بمخاطر الجلوة واضرارها يكون الضمير الوازع هو الفيصل.

أبو قاعود: الوثيقة تشمل القضايا الجديدة فقط

وجهاء السلط: الجلوة ترسخ السلم المجتمعي

اوضح محافظ البلقاء الدكتور فراس ابو قاعود، ان وثيقة الجلوة العشائرية التي صدرت حديثا سيتم إنفاذها على قضايا القتل والعرض الحديثة ولن تطبق بنودها على القضايا القديمة.

واضاف : ان القضايا القديمة سيتم دراستها وفقا لحيثيات كل قضية والبالغ عددها ٤٨ قضية في محافظة البلقاء وسيتم المساهمة في حلها وفقا لتراضي وتسامح اصحاب العلاقة خاصة ان الزمن كفيل بتهدئة النفوس.

وقال ابو قاعود: ان الدولة الاردنية ومنذ تأسيسها تنظم الحياة السياسية والعامة بموجب قوانين وانظمة، مستندة للدستور لارساء قواعد الدولة المدنية، بحيث يخضع الجميع لسيادة القانون».

واضاف أبو قاعود: انه مع تطور الحياة المدنية ودخول الدولة مرحلة الحداثة وعزمها على المضي قدما لتعزيز اركانها على اسس واضحة وقوانين وتشريعات حديثة فقد تم الغاء التشريعات القديمة في العام 1976 الا ان الدولة لم تفعل دور العشائر في اصلاح ذات البين.

وتابع ان الجلوة العشائرية من اكثر التقاليد المتوارثة تجسيدا لهيمنة الموروث على القانون وينظر اليها على انها عقاب للجاني وعشيرته، لافتا الى انه لا يوجد قانون يبيح او ينظم او يجرم هذه العادة، التي تطبق في حالات جرائم القتل والعرض بحيث يلتزم ذوو الجاني وحتى قبل ادانته بالجرم بترك منطقته وسكنه والانتقال الى مدينة اخرى لتشمل عائلته واقاربه للجد الرابع ما يترتب عليها هجرة قسرية بعيدا عن ممتلكاتهم وحرمان اطفالهم من مدارسهم لمدة طويلة لحين التراضي وحل المشكلة.

واكد أبو قاعود، انه كان لزاما اتخاذ اجراءات حازمة من قبل الحكومة في هذا الشأن، لذلك قامت وزارة الداخلية بخطوات جريئة، تنفيذا لما اكد عليه جلالة الملك عبدالله الثاني في الورقة النقاشية السادسة بأن سيادة القانون اساس الدولة المدنية وان انفاذ سيادة القانون بمساواة ونزاهه تقع على عاتق الدولة، فأعدت وزارة الداخلية وثيقة الجلوة العشائرية تضمنت ضوابط تنظم الجلوة العشائرية وتحد من آثارها وتبعاتها.

واكد ابو قاعود ان الجميع يراهن على وعي المواطن وحرصه على وطنه وامن مجتمعه بأن يكون رديفا وداعما قويا للاجهزة المعنية في هذا الموضوع ليتم تطبيق الوثيقة بالشكل المناسب بحيث تحقق الغاية المرجوه منها.

وشدد على انه سيتم تطبيق وثيقة الجلوة العشائرية بشكل حقيقي وقوي من قبل الحكام الاداريين والاجهزة الامنية باعتبارها امرا لا يمكن التهاون فيه، انطلاقا من حرص الجميع على امن المجتمعات واحترام القيم والعادات الاصيلة.

وقد أبدى وجهاء عشائر مدينة السلط ارتياحهم لما جاء في بنود وثيقة الجلوة العشائرية الجديدة التي اطلقتها وزارة الداخلية أخيرا، معتبرين ان الوثيقة تصب في المصلحة العامة للمواطنين وتعتبر مطلبا سعى اليه الجميع منذ اعوام مضت للحفاظ على الحقوق العامة للمواطنين وصون كرامة المجتمعات.

وقال الوزير الاسبق والعين السابق الشيخ مروان الحمود الذي ساهم في حل الكثير من القضايا العشائرية لاعوام طويلة: اننا احوج ما نكون الى تماسك المجتمعات وترابطها ووحدة الجميع للحفاظ على المكتسبات الكبيرة التي ساهمت في تطور ونهضة البلد في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها.

واضاف : ان وثيقة الجلوة العشائرية وما تضمنته من بنود مطلب مشروع يصب في المصلحة العامة، وتؤرخ لمرحلة جديدة قوامها الامن والامان والمحافظة على السلم المجتمعي، مشددا على اهمية احترام الجميع للوثيقة وتطبيقها بكل حزم ودون تهاون من قبل الجهات المعنية لآثارها الإيجابية على السلم المجتمعي.

واعتبر الحمود، ان اجلاء القاتل واهله واقربائه للجد الرابع –بحسب الاعراف القديمة – وانتقالهم من محافظة الى اخرى بعيدا عن ممتلكاتهم ووظائفهم ومدارس ابنائهم هو ظلم لما له من تداعيات سلبية تؤثر على العائلات اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا، موضحا ان الانماط المعيشية السائدة قديما كانت تسهل عملية اجلاء العائلات من بيوت الشعر التي يقطنونها الا ان التطور العمراني والتعليمي والاقتصادي اوجد صعوبة في اجلاء عائلات الجاني لمدن اخرى، فكان لزاما تغيير اسس الجلوة العشائرية بما يواكب الحداثة والتطور.

وشدد الحمود على ان يكون القضاء هو الفيصل والاساس في اي قضية بما يضمن حل تلك القضايا المترتبة عليها الجلوة العشائرية بحيث تقوم الجهات الامنية والقضائية والحكام الاداريين بتسريع اجراءات حل تلك القضايا لانهاء الخلافات، لافتا الى انه مطلب يسعى لترسيخه الجميع في المستقبل بحياديه تامة.

وقال ان المطلوب حاليا من عقلاء العشائر عند حدوث قضية ما ضبط النفس وعدم الانجرار وراء القضايا الصغيرة وعمليات الانتقام بالاعتداء على الممتلكات العامة وان يكون العقل والحكمة والرحمة اساس التعامل مع اي قضية تطبيقا للمبدأ الرباني لقوله تعالى في سورة فاطر «ولا تزر وازرة وزر اخرى».

واكد ان على الحكام الاداريين في المحافظات دور أساسي وفاعل ومهما في الاسراع بحل القضية منذ البداية، مطالبا الجميع الالتزام ببنود الوثيقة لما لاهميتها في ترسيخ السلم المجتمعي ووضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار بعيدا عن المصالح الشخصية.

ومن جهته، قال الشيخ طعان أبو هزيم: ان وثيقة ضبط الجلوة العشائرية جاءت في وقتها حيث ما تزال أسر وعائلات اردنية تدفع ثمنا باهظا لذنب لم ترتكبه أصلا سوى صلة القرابة التي تربطها مع شخص أرعن لا يقدر عواقب الأمور.

وأشار أبو هزيم الى ان الجلوة العشائرية كانت مطبقة في الماضي قبل مفهوم الدولة ومؤسساتها الرسمية، عندما كانت الناس تسكن بيوت الشعر وتترحل من مكان لآخر دون تعقيدات، أما في وقتنا الحالي فأصبحت تقطن بيوتا من حجر وساكنوها يذهبون الى مدارسهم وجامعاتهم واعمالهم ومصالحهم اليومية ضمن المدن والاحياء التي عاشوا فيها منذ سنوات طويلة.

وأيد ما جاءت به الوثيقة، مؤكدا انها ستعمل على انصاف كافة الأطراف وخصوصا وضع حد للمغالاة والتشدد بالمطالبات المالية فيما يتعلق بـ «الدية المحمدية »، حيث اصبحت حاليا يقدرها قاضي القضاة، كما ان الأفعال التي يرتكبها أحد أطراف القضية والتي يطلق عليها «فورة الدم» من اعتداء على المنازل والمزارع والاخذ بالثأر يتم التعامل معها كقضية منفصلة ويعاقب كل من يقترفها كقضية منفصلة عن القضية الرئيسية، كما ان الجلوة على جرائم القتل فقط ستقتصر على (القاتل، والد القاتل، أبناء القاتل) من الذكور فقط لا غير، ومدتها الجلوة سنة واح?ة قابلة للتجديد ومن لواء الى اخر، في حين انها كانت تطبق في السابق على كافة العائلة من ذكور واناث لسنوات طويلة ومن محافظة الى أخرى.

وعن الاثار السلبية الناجمة عن الجلوة العشائرية التي لحقت بأحد العائلات، قال خالد الحديدي شقيق احد الجناة في قضية قتل قبل 16 عاما «: إن شقيقي قتل احد ابناء عشيرة اخرى أسفرت عن اجلائنا من مدينة السلط الى مدينة جرش منذ 16 عاما مع اخوتي الثمانية واسرهم والاعمام ما استدعى ترك ممتلكاتنا ومدارس ابنائنا ووظائف البعض منا في السلط ومنعنا من دخول مسقط رأسنا منذ 16 عاما ما اثر علينا نفسيا واقتصاديا واجتماعيا.

واضاف «ابنتي كانت بالمرحلة الابتدائية عند اجلائنا من السلط الى جرش والان اصبحت طبيبة بعد تخرجها من الجامعة ورغم مضي تلك الاعوام الطويلة ما زلنا غير قادرين على العودة لمنازلنا التي نملكها ولا نستطيع التصرف بممتلكاتنا من اراض وعقارات ما رتب علينا اعباء مادية في ظل الاوضاع الاقتصادية التي نعيشها. واكد ان هنالك ظلما يقع على العائلات عند الاجلاء لاعوام طويلة، داعيا ان يكون القضاء هو الفيصل بالقضية والجميع يحترم القضاء الاردني وقراراته، مبينا أن قرار تطبيق وثيقة الجلوة العشائرية الجديدة على القضايا الجديدة فقط د?ن القديمة يجب مراجعته لانصاف الجميع.

وأيد الشيخ ذيب النسور ما جاء في وثيقة الجلوة العشائرية، مؤكدا ان الكثير من وجهاء العشائر طالبوا ومنذ اعوام للتنبه لقضية الجلوة العشائرية وتم دعوة 500 وجيه من وجهاء العشائر من كافة المحافظات في العام 2015 لمدينة السلط وتم طرح وثيقة شرف شعبية في ديوان عشيرة النسور توصي وحسب رؤى جلالة الملك ان تكون الجلوة على دفتر العائلة فقط

وطالب ان تدرس كل قضية بظروفها الخاصة ماديا واجتماعيا خاصة في بند الدية بالوثيقة، مؤكدا ان الجميع سيتعاونون لتنفيذ وثيقة الجلوة لضمان سيادة القانون وتهدئة النفوس وارساء الامن والامان.

ترحيب بوثيقة ضبط الجلوة في المزار الجنوبي


حظيت وثيقة ضبط الجلوة العشائرية التي اطلقتها وزارة الداخلية مؤخرا بترحيب من أطياف لواء المزار الجنوبي، لما تضمنته من محاور ستسهم بالخروج من تداعيات هذا السلوك الإجتماعي المؤرق للعديد من أفراد المجتمع الذين طبقت عليهم شروط الجلوة.

في هذا الصدد التقت  القاضي العشائري الدكتور قبلان الخرشة الممثل للواء المزار الجنوبي، الذي أكد بدوره تأيده لقصر الجلوة العشائرية لما لها من أثار اجتماعية سلبية على اهل الجاني والمستضيفين لهم، منوها أن الوثيقة تمثل قرارا إداريا، يتعاطى معه الناس كما يتعاطون مع قرارات الحكام الإداريين.

ودعا إلى تحديد النطاق المكاني والزماني للجلوة، وان تكون ضمن المحافظة وليس ضمن الأحياء المتقاربة، لافتا إلى أهمية سيادة القانون ومبدأ تحميل العقوبة للجاني وحده، مبينا أن هذا الأمر لابد أن يتم بمشاركة أساتذة علم الإجتماع والشريعة الإسلامية لبث الوعي بالمبادئ التي لابد أن تسود المجتمع ومنها أن "لا تزر وازرة وزر أخرى".

واشار إلى اهمية تنوير المجتمع بالآثار الاجتماعية لهذه السلوكيات التي منها الثأر والجلوة، مع التأكيد بأن حالة التغير المجتمعي التي يعيشها المجتمع الأردني اليوم لا تتقبل ما كان سائدا من سلوكيات في السابق.

ونوه إلى أهمية أن يكون القرار متوازنا من جميع جوانبه، إضافة إلى الزاميته وذلك لأنه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني، ملمحا إلى ان سن مثل هذا القانون يمكن الحاكم الإداري تنفيذه دون مسائله أو خرق لحقوق الانسان.

وبين أن اقتصار الجلوة على من يلتقون بالجد الثالث او الثاني مقبولة شيئا ما، ومع مرور الوقت وتجذر ذلك واتباع الناس لها وتكرارها؛ يصبح أمرا طبيعيا معتادا وعادة دارجة، مبينا أنه مع الوثيقة اذا أصبحت قانونا ملزما صادرا عن السلطة التشريعية وهو من اختصاصها، بحسبه.

من طرفه أشاد الوجيه العشائري جاسر الطراونة بصياغة الوثيقة التي رأى أنها تلبي تطلعات وآمال المتضررين من الاجراء السابق فيما يخص الجلوة، لما كان فيه من إجحاف وضرر مالي ونفسي للكثير من الأبرياء، الذين لم يقترفوا أي ذنب سوى صلة القربى من الجاني ولو كانت بعيدة.

وأضاف أن بعض من كانت تطبق عليهم الجلوة لا يعرفون الجاني شخصيا، مشيرا إلى أن الوثيقة ونظامها الجديد تحفظ ممتلكات الناس من التخريب والأعتداء تحت مسمى فورة الدم.

وعبر عن ترحيبه بإصدار هذا القانون الذي يتماشى مع حجم التزايد السكاني، حيث أن بعض الجلوات كانت تطال المئات ممن يخسرون عملهم وبيوتهم ويبقون اشهرا وسنوات دون أي عمل ولا مكان استقرار.

ومن جانبه لفت استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين المحادين، إلى أن المجتمع الأردني يمر بمرحلة إنتقالية من مجتمع ريفي للمدنية، وتتجاذبه ركيزتين بهذا الخصوص؛ القانون المدني والأعراف والتقاليد المتجذرة التي يعد دورها حاضرا في هذه المرحلة الإنتفالية.

وألمح إلى اهمية تنظيم التحديات التي يواجهها المجتمع خاصة مايتعلق بالجرائم والجلوة وما يصاحبهما، والتي تلحق ضررها الأكبر بالأشخاص المنضبطين بالقانون، بسبب جرم وعدوانية ارتكبها شخص أو اكثر، وذلك بالنظر لما يرافق الجلوة من اتساع لنطاقها نحو سياسية التهجير القسري لأناس أبرياء.

وأشار إلى أن التجاذب والتأرجح الناجم عن هذا السلوك يتسبب لدى الجُلاة بما يسمى بالرهاب الإجتماعي، الذي ينعكس سلبا على الأشخاص وادائهم الاجتماعي والوظيفي والنفسي.

وقال المحادين أن الوثيقة التي اطلقتها وزارة الداخلية مؤخرا تمثل خطوة على الطريق الصحيح نحو عقلنة هذه السلوكيات، التي سبقتها الكثير من المحاولات التي لم يكتب لها النجاح، مشيرا إلى أن هذه الوثيقة تتطلب حملة وطنية تشاركية لتعظيم القانون وتعزيز سيادته وضبط الإنفعالات التي يبررها البعض بما يسمى بثورة الدم.

من جهته بين أستاذ الدراسات الفقهية والقانونية في جامعة مؤتة الدكتور محمد الرواشدة أن ما ورد في هذه الوثيقة وبنودها، لا يخرج عما ورد في الشريعة الإسلامية وما قاله الفقهاء المجتهدون في الزمن القديم والمعاصر، مثمناً العمل والجود المبذولة في صياغة هذه الوثيقة، ومنوها إلى أهمية تعميمها على كل أبناء الوطن والإلتزام بما ورد فيها.

الرأي
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير