النسخة الكاملة

كورونا تسفر عن "اضطراب تعلّم الأطفال والشباب والكبار" بشكل غير مسبوق

الخميس-2021-09-08 09:09 am
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - يوافق الأربعاء، اليوم العالمي لمحو الأمية، الذي يصادف تاريخ 8 أيلول/سبتمبر من كل عام، وجاء هذا العام تحت شعار "محو الأمية من أجل تعافٍ محوره الإنسان: تضييق الفجوة الرقمية "، في الوقت الذي أسفرت فيه جائحة فيروس كورونا عن "اضطراب مسيرة تعلّم الأطفال والشباب والكبار على نحو غير مسبوق".

ووفق آخر الإحصاءات فإن نسبة الأمية في الأردن بلغت 5.1% عام 2020 للسكان الأردنيين الذين أعمارهم 15 سنة فأكثر.

ويهدف هذا اليوم إلى التركيز على التفاعل بين محو الأمية والمهارات الرقمية التي يحتاجها الشباب والكبار غير الملمّين بمهارات القراءة والكتابة، وفرصة لإعادة تصوّر مستقبل التدريس والتعلّم لأغراض محو الأميّة وذلك في غمرة جائحة فيروس كورونا وما بعد اندثارها.

ويُعتبر محو الأمية محركا للتنمية المستدامة وجزءاً متأصلاً في التعليم وشكلاً من أشكال التعلّم مدى الحياة المبنيّة على أساس الإنسانية، كما هو منصوص عليه في الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة "ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع".

وبدأ الاحتفال بهذا اليوم عام 1967 بغرض تذكير المجتمع الدولي بأهمية محو الأمية وتكثيف الجهود المبذولة نحو الوصول إلى مجتمعات أكثر إلماماً بمهارات القراءة والكتابة، ويقام هذا العام وسط وجود ما لا يقل عن 773 مليونا من الشباب والنساء غير قادرين على القراءة والكتابة (ثلثي الرقم من النساء) وذلك على مستوى العالم.

ووفقاً للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، وصلت نسبة الأمية في الوطن العربي إلى نحو 21%، وبلغت بين الذكور العرب نحو 14.6%، بينما ترتفع لدى الإناث إلى 25.9%.

ونقلت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان عبلة عماوي في بيان، بيانات دائرة الإحصاءات العامة لعام 2020، بلوغ الأمية عند الإناث نسبة 7.5% مقارنة ب 2.7% عند الذكور للسكان الأردنيين الذين أعمارهم 15 سنة فأكثر.

وبلغت النسبة 29.7% للفئة العمرية 65 فأكثر (46.6% للإناث و12.9% للذكور)، وتنخفض النسبة بشكل كبير عند الفئة العمرية (15-19 سنة) والتي وصلت إلى 0.7% (0.5% للإناث و 0.9% للذكور)، كما بلغت النسبة 32% عند الإناث اللاتي يرأسهن أسرهن، و7.7% للإناث اللاتي يرأسهن أسرهن ويقل دخلهن عن 200 دينار، وبلغت 60.8% للإناث اللاتي يرأسهن أسرهن من العاملات في المهن الأولية.

وتبين أن أعلى معدلات الأمية بنسبة 8.9% كانت في محافظة معان (12.1% للإناث و5.8% للذكور) وأدناها في محافظة إربد 4.1% (6.6% للإناث، 1.6% للذكور)، وبلغت في محافظة العاصمة 4.2% (6.1% للإناث و2.4% للذكور)، كما بلغت النسبة في الريف 7.8% (11.5% للإناث و4.2% للذكور) بنسبة أعلى من الحضر والبالغة 4.7% (7% للإناث و2.5% للذكور)، مما يستدعي تكثيف الجهود لخفض نسب الأمية وخاصة بين الإناث وكذلك في الأرياف والبوادي والمناطق النائية.

وبينت عماوي أن نتائج دراسة "الظروف المعيشية للاجئين السوريين في الأردن المستندة لنتائج مسح (2017-2018) للاجئين السوريين داخل وخارج المخيمات"، والتي أعدتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فافو) عام 2019، أظهرت أن 26% من اللاجئين السوريين لم يكملوا المرحلة الابتدائية، مقابل 15% من البالغين الذين تبلغ أعمارهم 20 سنة وما فوق حصلوا على شهادة الثانوية أو ما بعد الثانوية، كما أن (2% إلى 5٪) من اللاجئين السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين (18 و 22 عامًا) يلتحقون بالتعليم ما بعد الثانوي، مقارنة بـ (24% إلى 46٪) من الأردنيين في هذه الفئة العمرية.

ولفتت عماوي أن الأردن يُعدُّ واحدًا من البلدان التي قطعت شوطًا كبيرًا في مكافحة الأمية، وذلك إيماناً منه بحق التعليم للجميع حقاً أصيلاً كفله الدستور الأردني، وتحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية أمام الجميع بوصفه مرتكزاً أساسياً في قانون التربية والتعليم، مشيرة أن الأردن حقق نقلة نوعية في قطاع التعليم العام للأردنيين وغير الأردنيين، وبدأ بتنفيذ برامج محو الأمية منذ صدور الدستور الأردني عام 1952، حيث كانت نسبة الأمية آنذاك نحو 88% إلى أن وصلت 5.1% عام 2020 للسكان الأردنيين الذين أعمارهم 15 سنة فأكثر، حيث قامت وزارة التربية والتعليم بفتح 165 مركز لتعليم الكبار ومحو الامية في مناطق مختلفة من الأرياف والبادية، بواقع 21 مركزاً للذكور و144 مركزاً للإناث.

في 1961 كانت نسبة الأمية في الأردن بين الذكور 49.9%، و84.8% بين الإناث، وفي 1976 أصبحت نسبة الأمية 32.4%، وكانت نسبة الأمية لدى الذكور في حينه 19.1%، و45.7% لدى الإناث.

وبلغ عدد صفوف تعليم الكبار ومحو الأمية في 1975/1976، 373 صفا تخرج منها 4395 طالبا وطالبة.

وأشارت عماوي إلى استمرار وجود تحديات في مجال محو الأمية، وهي تتزامن مع زيادة سريعة في الطلب على المهارات اللازمة لسوق العمل، والتي من أبرزها ظاهرة التسرب من المدارس، حيث انه وبالرغم من تحقيق مجانية التعليم وإلزاميته وشموليته لكل المواطنين حتى سن السادسة عشر، والذي انعكس على العديد من المؤشرات الوطنية ومنها ارتفاع نسبة الالتحاق في هذه المرحلة إلى 97.8% (97.8% ذكور و 97.8% إناث) حسب التقرير الإحصائي للعام الدراسي (2019/2020)، إلا أن عددا لا بأس به من الطلاب ذكوراُ وإناثاُ يتسربون من المدرسة قبل سن السادسة عشرة من عمرهم.

وبلغ العدد التراكمي لعدد المتسربين في المرحلة الأساسية خلال تسع سنوات فقط في الفترة (2011-2019) 44120 طالبا وطالبة (22715 طالبا، 21405 طالبات)، مضيفة أن ذلك يشكل عائقاً رئيسياً أمام تحقيق الأهداف المنشودة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويؤثر على رأس المال البشري وإنتاجيته، ويولد تكاليف اجتماعية على المجتمع لمعالجة الأثار المترتبة على مشكلة الأمية والتسرب مثل الفقر والبطالة وعمالة الأطفال وزواج الأطفال والعمل غير المنظم وانحراف الأحداث والجنوح وغيرها من المشاكل الاجتماعية.

وأضافت أن من أبرز التحديات أيضاً رفض بعض النساء الالتحاق بمراكز محو الأمية بسبب عدم تمكنهن من ترك أطفالهن في المنزل بمفردهم، والذي يتطلب توفير برامج إلكترونية منزلية وربط شرط التحاقها ببرنامج محو الأمية بتعليمها حرفة أو صناعة يدوية ومساعدتها في تسويقها لزيادة دخلها، بالإضافة إلى الثقافة السائدة بعدم اعتبار تعليم كبار السن أولوية، وضعف الوعي بأهمية تعلم القراءة والكتابة، وخجل كبار السن للذهاب لمراكز محو الأمية، وانشغالهم في العمل وعدم توفر الوقت الكافي لديهم، ولعدم توفر منصات إلكترونية خاصة بمحو الأمية .

وبينت عماوي أن جائحة فيروس كورونا أسفرت عن اضطراب مسيرة تعلّم الأطفال والشباب والكبار على نحو غير مسبوق، وفاقمت أوجه عدم المساواة في الانتفاع بفرص بنّاءة لتعلّم القراءة والكتابة، كما وأدى التحول المباغت إلى التعلّم عن بعد إلى وجود الفجوة الرقمية القائمة على صعيد الاتصال بالإنترنت والبنية الأساسية، فضلاً عن القدرة على استخدام التكنولوجيا.

وأشارت عماوي إلى بيانات دائرة الإحصاءات العامة للأعوام (2010-2017) التي أظهرت أن 55.6% من الإناث لا يستخدمون الإنترنت مقابل 44.4 % من الذكور (15سنة فأكثر).

وأضافت أن الجائحة قد يكون لها تداعياتها، خاصة عند تعطيل الدراسة لفترات مما يؤثر سلباً على بعض المهارات التي اكتسبها الكبار، حيث غابت برامج محو أمية الكبار في العديد من البلدان ومنها الأردن عن الخطط التعليمية الأولية، كما دفع انتشار الفيروس العمال إلى التوقف عن تعلم القراءة والكتابة.

وأوصى المجلس الأعلى للسكان بعدة إجراءات لتحسين منظومة محاربة الأمية، والتنسيق مع مختلف الجهات الفاعلة في مجال محاربة هذه الظاهرة، وأهمها التنوع في أشكال التعلم والتواصل مع الطلاب مثل مقاطع الفيديو القصيرة والغنية بالمعلومات أو العينات الصوتية، ونشر كتب صوتية ومدرسية مجانية عبر الإنترنت حتى لا تتوقف مليات التعلم الخاصة بهم أثناء الأزمات والطوارئ، وإعداد برامج خاصة لفئات الشباب البالغين ضمن الفئة العمرية (15-35 سنة) غير المتعلمين أو الذين لهم مستوى قرائي متدن بهدف تمكينهم من أساسيات القراءة وتأهيلهم مهنياً.

وكذلك ضرورة إيجاد السبل الكفيلة بإقامة روابط فعالة بين مهارات محو الأمية والمهارات التقنية والمهنية في إطار السياسات والممارسات والنظم وإدارتها، حيث أن الطلب الجديد على المهارات والزخم الناتج عن السياق الحالي للرقمنة يتطلب ضرورة ربط برامج التدريب المهني والتقني ببرنامج محو الامية، كونه بدون معرفة القراءة والكتابة لن نصل لمستوى العمالة الماهرة.

وأشارت إلى أهمية توفير منصة شاملة تجمع الخبراء والمعنيين في مجال محو الأمية من معظم دول العالم لتبادل الخبرات والإسهام في توفير فرص عمل للناجحين المتحررين من الأمية وتمكينهم من الإدماج الاقتصادي والاجتماعي من خلال ربط عمليات محو الأمية بالمشاريع المدرة للدخل، وكذلك الربط مع برامج الحماية الاجتماعية بحيث يتم اشتراط الالتحاق بمحو الأمية كشرط للحصول على المعونة النقدية بالتعاون مع صندوق المعونة الوطنية وصندوق الزكاة، وتشجيع مبادرات المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص، بالإضافة إلى توفير وسائط نقل صديقة لكبار السن، وتوفير الأجهزة المساندة وبما يضمن سهولة وصولهم إلى خدمات مراكز محو الامية لكبار السن.

يضاف إلى ما سبق حث الشباب على القيام بدورهم المجتمعي في القضاء على الأمية، وذلك من خلال تدريب طلاب الجامعات للعمل كمعلمين لمحو الأمية في المجتمعات المحلية، وتنفيذ حملات توعية ووعظ وإرشاد لتعزيز النظرة الإيجابية نحو مكافحة الأمية، وتعزيز دور وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الاجتماعي لرفع الوعي حول أهمية الالتحاق ببرامج محو الأمية.