جفرا نيوز -
جفرا نيوز - ترزخ أندية المحترفين لكرة القدم مجتمعة، تحت الديون التي تصل إلى ملايين الدنانير، ولا شيء يعجبها من الإيرادات الفقيرة التي تصل خزينتها المالية، والتي لا تغطي فاتورة مصاريفها الكثيرة والمتعددة، بعدما اقتربت قيمة تعاقدات الأندية الجماهيرية لفريق الكرة إلى حدود المليون دينار، من دون وجود مصادر للدخل وليدة الاستثمارات الحقيقية.
تعاملت الأندية مع الديون، من خلال ترحيلها من موسم إلى آخر، حتى تفاقمت طمعا في الإنجازات الكروية، الأمر الذي زاد من النفقات، وهو أمر ما قابلته إيرادات ومصادر دخل ضعيفة ، لا سيما في وجود نشاطات أخرى ترعاها الأندية، وفي ظل عدم وجود سياسة مالية متوازنة بين المصاريف والإيرادات، ولا تروي الأموال القليلة التي تحصل عليها الأندية الجماهيرية مثل الفيصلي والوحدات من صفقات بدل الرعاية، والتي انخفضت للنصف هذا الموسم بسبب تداعيات جائحة كورونا، ظمأ الإدارات المتعاقبة، كما أن ما يأتي للنادي من اتحاد الكرة كبدل البث التلفزيوني، إلى جانب مكافآت ألقاب منافسات الكرة مجتمعة، لا يكفي لسداد جزء بسيط من مصاريفها، خصوصا رواتب فريق الكرة من جهاز فني وطبي ولاعبين لأشهر معدودة، لتبكي أندية المحترفين سوء أحوالها المالية ما استطاعت إليه سبيلا.
نقطة نظام
يقول المثل:” دوام الحال من الحال”، إلا أن حال أندية المحترفين المسيطر عليه من قبل الديون والالتزامات المالية الثقيلة، يدوم منذ سنوات على واقع الكرة المحلية، حتى باتت الأزمة المالية الخانقة، القاسم المشترك الأكبر لحديث تلك الأندية في كل موقف، ولعل منع أندية الجزيرة، الرمثا، الحسين إربد، البقعة والسلط، من التعاقد مع لاعبين بقرار من الاتحاد الدولي، يفسر بشكل أوضح الحال الذي وصلت إليه أندية المحترفين، والتهديدات التي تطول أندية أخرى إذا لم تتمكن من استيعاب الموقف، وكذلك ظهر موقف الحجز على أموال نادي الجزيرة لأكثر من مرة، وهو ما تم تفاديه بفعل تسويات قانونية لأكثر من مرة، دون أن يتوقف شبح الديون عن مطاردة "الشياطين الحمر”.
وما زاد من حرج الموقف، تلويح مدربي ولاعبي أندية المحترفين بالإضراب والتوقف عن التدريبات، وهو المشهد الذي تكرر لدى أغلب أندية المحترفين، إلى جانب الشكاوى التي ترتفع من فترة إلى أخرى لدى لجنة أوضاع اللاعبين في اتحاد الكرة، ما يعطي إشارات خطيرة عن الوضع المتردي الذي وصلت إليه صناديق الأندية المالية، ولو تم تقليب الأوراق والفواتير المالية لدى العديد من أندية المحترفين، سيتم اكتشاف حقيقة راسخة متمثلة في غياب سياسة مالية واضحة المعالم يمكن البناء عليها لسنوات مقبلة.
هناك من يتساءل.. ما علاقة اتحاد الكرة بسوء الأوضاع المالية لدى أندية المحترفين؟ الإجابة تتسرب من السياسة التي اتبعها اتحاد الكرة، وكذلك وزارة الشباب، وجهات أخرى منذ سنوات بعيدة، في تقديم الدعم للأندية، وعودتها على الاستهلاك من دون الإنتاج، مع استثناء حالات قليلة لدى الأندية الجماهيرية والتي تعاني أيضا الأمرين ماليا، رغم تميزها بمصادر الدخل عن أندية أخرى.
ولعل إقحام الأندية في مشروع الاحتراف منذ الموسم 2008-2009، رغم عدم وجود بنية تحتية لتطبيقه ساهم في وضع الأندية في مأزق، هذه الأندية التي لم تستطع حينها مقاومة إغراء إلى معونة الاحتراف، والتي وصلت إلى 100 ألف دينار وفق دفعات شهرية لكل ناد، وتوقفت منذ 3 سنوات بسبب عدم وجود راع رسمي لبطولات اتحاد الكرة، خصوصا دوري المحترفين.
ولم تقدم سقوف التعاقدات المالية التي حددها اتحاد الكرة لأندية المحترفين في الموسم الحالي الشيء الكثير، لنجد أن الأندية التي اعتمدت على نتاجها من اللاعبين، والتزمت بالسقف المالي المحدد، تعاني من تهديد الديون الثقيلة، كما أنها مهددة أيضا بعقوبات من "فيفا”، تبعا لشكاوى سابقة بحقها، ما يفرض على اتحاد الكرة وضع نقطة نظام سريعة، وترتيب الأمور قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه للأندية والكرة الأردنية في المواسم المقبلة.
حلول واهنة
عندما تعمق النظر في الحلول التي تنفذها أندية المحترفين لرفد خزينتها المالية، تجد بأنها حلول واهنة، ذلك لأنها لا تكفي لسداد فاتورتها المالية الشهرية، مع وجوب تقدير وقفة وانتماء جماهير الأندية التي تهب صغارا وكبارا، في حملات دعم جماهيرية، يتشارك فيها "الغلابى” ورجال الأعمال لرفد خزينة ناديهم رغم الظروف الاقتصادية الصعبة على الجميع عموما.
على سبيل المثال، نظم الوحدات 3 حملات دعم جماهيرية في الفترة الأخيرة، ورغم جمال الخطوة اجتماعيا، إلا أنها لم تكف لسداد راتب شهر واحد لمنظومة فريق الكرة الأول.
الأمر نفسه ينطبق على نادي السلط، الذي انطلق في حملة شعبية مماثلة، التف حوله جماهيره ومحبيه الأوفياء، إلا أنها ايضا لم تف بالغرض المطلوب، حتى هدد النادي بالاعتذار عن المشاركة الآسيوية، لتبقى تلك الحلول لا تلبي طموحات الأندية الكثيرة، وبقي التخلف عن سداد الرواتب قاسما لهذه الاندية.
التغيير مطلوب
وتفرض تلك المعطيات السابقة الذكر، على أندية المحترفين نفض غبار الاستهلاك، وتفعيل مفهوم الإنتاج عبر التسويق بمعناه الشامل والحقيقي، لا بالاعتماد على لجان طوعية لديها الكثير من الأفكار ولا تملك الحلول الواقعية، بل يجب اللجوء إلى فريق عمل تسويقي متخصص نظير رواتب شهرية، ونسب مالية على إنجازها خطوات مهمة، ما يقودها إلى التسويق بجماهيرتها بالشكل الأمثل والصحيح، كما يجب الاعتماد على "مطور أعمال” متخصص صاحب سيرة ذاتية وشهادات متخصصة معزز بالخبرة العملية الطويلة والمثمرة، هذا "المطور” يستطيع رسم خطة استثمارية وفق مواطن القوة المدروسة اقتصاديا وجماهيريا لكل ناد، وتنفيذها على أرض الواقع، بما يساهم في جذب الكثير من الرعاة، والداعمين، والعمل بمفهوم الإدارة الاحترافي كما في إدارة الشركات الكبيرة، الأمر الذي يوفر مصادر دخل إضافية.
كما أن هناك حاجة ماسة يحتاج إلى فتح باب العلاقات العامة محليا وخارجيا، وجذب الأعضاء الفخريين القادرين على إثراء الحلول المالية للنادي، بما يتفق مع نظام الأندية المعمول به حاليا، ولعل كل ذلك يجعل أندية المحترفين تفكر بالعمل بدلا من أن مواصلة البكاء على سوء أحوالها المالية.