النسخة الكاملة

"دكان النسوان" ينتشل الأطفال ويعيدهم للمدارس

الخميس-2021-06-20 09:41 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - "دكان نسوان” ذلك المكان الصغير هو أشبه بعالم كبير من الحب والسعادة وإحساس بالأمان لغادة أسعد داخل بيتها، واستطاعت من خلاله توفير ولو أدنى متطلبات الحياة لها ولعائلتها.

هذا المشروع الإنتاجي، أنشأته أسعد لتستجمع قواها وتساند عائلتها التي اتعبتها الحاجة و”قلة الحيلة” وتسببت بخروج ابنائها من المدرسة والانضمام إلى صفوف عمالة الأطفال.

مشروعها المنزلي الصغير "دكان نسوان” هو الاسم الذي جذب زبائنها، إذ نجح واستطاعت أن تؤسس لحياة كريمة مع صغارها.

كثيرة هي قصص السيدات اللواتي حفرن بالصخر وكن قويات منتجات وسندا للعائلة والأبناء، واستمر عطاؤهن بالبحث عن الأفضل دائما. وأسعد وجدت نفسها في عالم التجارة "الصغيرة”، بعد دعم خاص حصلت عليه من جمعية رواد الخير ضمن مشروع "حماية الأطفال من العمالة”.

وفي تفاصيل حكايتها، تقول أسعد إنها منذ سنوات حاولت أن تساعد زوجها الذي مر بضائقة مالية كبيرة، من خلال مشروع خاص بها ببيع الملابس، إلا أنها لم تستطع الاستمرار ولم يكتب لها النجاح، وفي ذات الوقت لم تتوقف عن البحث عن مصدر يدر الدخل على عائلتها دون الحاجة إلى طلب المساعدات المستعجلة والآنية.

وخلال تلك الفترة، اضطرت العائلة إلى إخراج اثنين من ابنائها من المدرسة وتشغيلهما في أحد محال تصليح السيارات، ليساعدا الأسرة في توفير متطلبات العائلة الاساسية، ولكن هذا الأمر ترك غصة في قلب أسعد التي لم يرضها الحال، فهي التي تركت الدراسة عند وصولها الصف السابع، لم ترغب في يوم من الأيام أن يؤدي ضيق الحال بأبنائها إلى هذا المآل، وهي ترى أن العلم هو طريقهم الوحيد لأن يكونوا في أفضل حال. تواصلت أسعد مع جمعية رواد الخير الخيرية، التي تعمل على مشروع إعادة تأهيل الأطفال العاملين في سوق العمل، وإعادتهم إلى مقاعد الدراسة، وتقديم الدعم لعائلاتهم، لتكون أسعد ضمن الأسر التي استفادت من هذا البرنامج من خلال حصولها على مساعدة مالية فورية، بدأت فيها بإطلاق مشروع "دكان نسوان”.

من أين جاءت هذه التسمية للمشروع؟ تقول أسعد إن الاسم تم طرحه بطريقة عفوية، حيث قامت بعمل "جروب” عبر الواتساب على هاتفها، وجمعت ما يقارب 150 سيدة فيه، إذ تنشر عليه إعلانات وعروضا للمنتجات المنزلية والغذائية، وتقوم ببيعها لهن مع خدمة التوصيل.

بذلك، استطاعت أسعد أن تضع قدمها على بداية الطريق الذي مهد لها أن تكون على قدر من المسؤولة، وتستمر بتطوير العمل لتنقل عائلتها لحال أفضل، من العوز والحاجة إلى الانتاج والعمل المشترك بمساعدة زوجها وجميع أفراد عائلتها.
وتضيف أسعد، "بعد ذلك ازداد عدد السيدات اللواتي يتواصلن معي لشراء بضاعتي ووصل عددهن لما يزيد على 450 سيدة، جمعهن جروب الواتسآب”، لافتة الى أنها لم تكن تتقن التعامل معه، والآن هي تدير هذا العمل بكل دقة وتقوم بإيصال البضاعة لكل سيدة في المجموعة.

وعلى الرغم من أنها من سكان مدينة الرصيفة في الزرقاء، إلا أن زبائنها يتواصلون معها من عدة محافظات، وترى في ذلك أنه "باب رزق وتوفيق من عند الله ليسندها في رعاية أبنائها والوقوف بجانب زوجها يدا بيد”.

كان اسم المشروع "دكان نسوان” جاذبا للسيدات، بحيث يفضلن التواصل مع "سيدة” للحصول على المنتجات المختلفة والشراء "أونلاين”، من خلال مجموعة الواتسآب، لتجد أسعد الكثير من الناس ممن يبادرون إلى سؤالها بطرافة "شو هالاسم؟!”،
وعند شرح فكرة مشروعها تلمس الكثير من الدعم والثناء، بالتالي زيادة أعداد الراغبين بمساعدتها من خلال التواصل معها بشكل دائم.

تقول "في فترة اضطررت إلى أن أبيع بعضا من عفش بيتي لدعم عائلتي وحمايتها من السؤال والعوز، ولكن الآن لدي القدرة على أن أجدد أثاث بيتي وأدعم أبنائي في دراستهم”، مبينة أن طفليها اللذين تركا كتبهما ودفاترهما لمساعدة العائلة؛ عادا للمقاعد الدراسية.

وبفضل عملها ومساعدة رواد الخير في دعمها، ووجود سيدات وعائلات تتواصل معها لشراء منتجاتها، استطاعت أن تتخطى تلك المرحلة، وتعود حياتها الأسرية لطبيعتها، كما أنها تستعد الآن للحصول على دورة من "رواد الخير” لتعلم مهارات التسوق الإلكتروني والحصول على وكالة لتكون مندوبة لإحدى وكالات الملابس، في محاولة لزيادة الدخل وتحسين نوعية العمل.

لم يتوقف حلم وشغف أسعد بالتطوير إلى هنا، بل إنها تسعى إلى "شراء سيارة خاصة بها لتقدم خدمة التوصيل للزبائن، وتزيد من مدخولها المادي”، بدعم كذلك من رواد الخير، وتكون بذلك حققت حلمها في المشروع والاستقرار والاعتماد على الذات في كل مراحل تجارتها، التي تعتبرها على الرغم من "تواضعها” إلا أنها "طوق النجاة” الذي انتشل العائلة والأبناء تحديدا من أن تنهش أحلامهم عمالة الأطفال، وتنتقص من طموحاتهم، وكما تقول لكل طفل في الحياة، حقه في أن "يتعلم” ويحقق ما يصبو إليه.

قصة "غادة” تُعد إحدى قصص الكفاح، فلم تسمح لضغوطات الحياة أن تقف عائقا في طريق لمساندة أطفالها، ولم يهدأ لها بال إلا بعد أن عاد أطفالها للمدرسة، واستقرت حياتها مع زوجها، ولم يعد للفراغ والملل مكان في حياتها.

وترى أسعد أن لكل امرأة القدرة على أن تصنع من تفاصيل يومها وقدرتها على الإدارة، مشروعاً ناجحاً ينهض بالمستوى الاقتصادي والمعيشي لجميع أفراد عائلتها.
 

الغد
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير