جفرا نيوز -
جفرا نيوز- إعداد: د. احمد زياد أبو غنيمة
أسباب صدور دستور 1952م:
التطورات السياسية والإجتماعية التي تلت صدور دستور 1946م، كان لها الدور الأبرز في صدور دستور عام 1952م، والتي يمكن تلخيصها بالآتي:
-اندلاع الحرب العربية – الإسرائيلية في العام 1948م:
وما تبعها من احتلال الصهاينة أجزاء كبيرة من أراضي فلسطين التاريخية، وما نتج عنها من لجوء أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى الضفة الغربية والأردن، الأمر الذي ادى إلى تغيير البنية السكانية والإجتماعية والإقتصادية للمجتمع الأردني.
كان من نتائج حرب 1948م، زيادة الوعي السياسي والقومي على الساحة الأردنية، وظهور العديد من الأحزاب السياسية التي جعلت من مقومات إنشائها ضرورة المحافظة على الجبهة الداخلية للدولة الأردنية وتقويتها في وجه المطامع الإسرائيلية.
-قرار الوحدة بين الضفتين:
إذ كان لا بد للفلسطينيين وقد حلت النكبة ببلادهم في العام 1948م، أن يقرروا مستقبلهم السياسي في ضوء الواقع السياسي الجديد المفروض عليهم، وبعد الهدنة الثانية بحثت اللجنة السياسية للجامعة العربية أمر إنشاء حكومة فلسطينية، ولكن الحكومة الأردنية عارضت هذا الاقتراص معارضة شديدة، على أساس ان سكان فلسطين سواء النازحين للضفة الغربية أو الشرقية بما يشكلون من الأغلبية الساحقة من عرب فلسطين يرفضون هذه الحكومة، وبتاريخ 23 أيلول 1948م، أعلن في غزة تشكيل حكومة عموم فلسطين برئاسة احمد حلمي عبد الباقي، ودعت هذه الحكومة ( حكومة عموم فلسطين) إلى عقد مجلس وطني في غزةن والذي عقد بتاريخ 1 تشرين الاول 1948م.
وكرد على هذا المؤتمر، فقد تنادى مجموعة من الزعماء الفلسطينيين لعقد مؤتمر شعبي في عمان في نفس وقت انعقاد المجلس الفلسطيني في غزة، اي في 1 تشرين الاول 1948، كتعبير عن رفضهم لمؤتمر غزة، واتخذ المؤتمرون قرارات جاء فيها " انهم يعلقون أكبر الآمال على الملك عبدالله في حفظ حقوق عرب فلسطين"، وفوّض المؤتمرون الملك عبدالله تفويضا مطلقا أن يتحدث باسم عرب فلسطين، كما دعوا إلى وحدة اردنية فلسطينية.
وانعقد مؤتمر كبير في اريحا في 1 / 12/1948م، ضم النخبة من زعماء ووجهاء فلسطين في تلك الفترة، واتخذ قرارات عديدة، منها:
1-القول بالوحدة الأردنية الفلسطينية.
2-يبايع المؤتمر جلالة الملك عبدالله ملكاً على فلسطين.
3-يقترح المؤتمر على الملك عبدالله بوضع نظان لانتخاب ممثلين شرعيين عن عرب فلسطين يستشارون في امورهم.
وقدمت مقترحات المؤتمر إلى الملك عبدالله الذي قبلها قائلا: " إنه عب عظيم سأحمله، وسأبذل جهدي في سبيل أداء هذه الامانة".
وعدلت الحكومة قانون الانتخابن ودخل عدد من الوزراء من الضفة الغربية في حكومة توفيق أبو الهدى، ثم اعلن حل مجلس النواب اعتبارا من 1 كانون الثاني 1950م تحضيرا للانتخابات في الضفتين.
وقرر مجلس الأمة الأردني الممثل للضفتين في 24 نيسان 1950، إعلان وحدة الضفتين، الذي جاء فيه:
" تأكيدا لثقة الأمة، واعترافا بما لحضرة صاحب الجلالة عبد الله بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، من فضل الجهاد في سبيل تحقيق الأماني القومية، واستنادا إلى حق تقرير المصير، وإلى واقع ضفتي (الأردن) الشرقية والغربية ووحدتهما القومية والطبيعية والجغرافية، وضرورات مصالحهما المشتركة ومجالهما الحيوي، يقرر مجلس الأمة الأردني الممثل للضفتين في هذا اليوم الواقع في (7 رجب سنة 1369 الموافق لتاريخ 24 نيسان 1950) ويعلن ما يأتي:
أولا ـ تأييد الوحدة التامة بين ضفتي الأردن الشرقية والغربية واجتماعهما في دولة واحدة هي (المملكة الأردنية الهاشمية) وعلى رأسهما حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله بن الحسين المعظم وذلك على أساس الحكم النيابي الدستوري والتساوي في الحقوق والواجبات بين المواطنين جميعا.
ثانيا ـ تأكيد المحافظة على كامل الحقوق العربية في (فلسطين) والدفاع عن تلك الحقوق بكل الوسائل المشروعة وبملء الحق وعدم المساس بالتسوية النهائية لقضيتها العادلة في نطاق الأماني القومية والتعاون العربي والعدالة الدولية.
ثالثا ـ رفع هذا القرار الصادر عن مجلس الأمة بهيئتيه: الأعيان والنواب، الممثل لضفتي الأردن إلى حضرة صاحب الجلالة المعظم واعتباره نافذا حال اقترانه بالتصديق الملكي السامي.
رابعا ـ إعلان وتنفيذ هذا القرار من قبل حكومة المملكة الأردنية الهاشمية حال اقترانه بالتصديق الملكي السامي وتبليغه إلى الدول العربية الشقيقة والدول الأجنبية الصديقة بالطرق الدبلوماسية المرعية".
وبعد إقرار وحدة الضفتين، بدأ الحديث عن دستور جديد كما وعدت الحكومة، لمواكبة التطورات السياسية والإجتماعية التي طرأت على الأردن بعد هذا القرار التاريخي، وتم تشكيل لجنة لإعداد دستور جديد للبلاد تم إقراره في مجلس الامة بشقية النواب والإعيان في أواخر العام 1951م، وصادق عليه الملك طلال بن عبدالله في 8/1/1952م.
يعتبر دستور 1952من من الدساتير التي نشأت عن طريق العقد، فهو بحسب قانونيين وإن كان بمبادرة من القوى السياسية والشعبية في الأردن التي دفعت نحو تشكيل لجنة ملكية لصياغته، إلا ان نفاذه تم بعد عرضه على مجلس الأمة وإقراره من قبل ممثلي الشعب وال‘يان ومصادقة الملك عليه، فيكون بذلك العقد الإجتماعي قد ابرم بين الحاكم من جهة والشعب من جهة اخرى من خلال ممثليه المنتخبين في المجلس النيابي، فهو يعتبر من الدساتير التي نشات بالعقد وذلك من لأنه بمبادرة من السلطة التنفيذية ونوقش في البرلمان.
ما الجديد الذي جاء في دستور 1952:
-يعتبر دستور متطورا في مجال نظام الحكم، "إذ تحول النظام السياسي من نظام حكم تتركز فيه السلطات بيد السلطة التنفيذية التي يرأسها الملك ويتولاها بواسطة وزرائه إلى نظام سياسي نيابي ملكي وراثي كامل، يعتمد على مبدأ فصل السلطات واستقلال السلطات عن بعضها البعض في إطار من الرقابة المتبادلة بين هذه السلطات". وجاء إقرار المبدأ النيابي الملكي الوراثي، من خلال تقديم الدستور للركن النيابي على الركن الملكي الذي حصره بأسرة الملك عبدالله الأول بن الحسين.
-اعتبار الامة مصدر السلطات، وهذا يعتبر تحول نوعي بعد مطالبات سياسية وشعبية بان تكون الأمة مصدر السلطات، ومن خلال توسيع صلاحيات مجلس النواب وسلطاته باعتباره يمثل الشعب ويعبر عن همومهم وتطلعاتهم. وجاء هذا في المادة 24 من الدستور التي تنص على أن " الأمة مصدر السلطات، وتمارس سلطاتها على الوجه المبين للدستور".
-أصبحت الحكومة مسؤولة مسؤولية مباشرة أمام مجلس النواب، بحيث يستطيع المجلس أن يمنح الثقة للحكومة كي تباشر اعمالها، أو أن يحجب الثقة عنها فتجبر على الإستقالة بحكم الدستور.
-أكّد دستور 1952م، على الهوية القومية العربية للشعب الأردني، وجاء هذا التأكيد في المادة الاولى من الدستورالتي تنص على أن " المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة، ملكها لا يتجزأ، ولا ينزل عن شيء منه، والشعب الأردني جزء من الأمة العربية".
- الأخذ بالنظام النيابي البرلماني الكامل كاسلوب في الحكم، المتمثل بوجود رئيس للدولة ( الملك ) مصون غير مسؤول، ومجلس نواب منتخب من الشعب لفترة زمنية محددةن ويمارس صلاحيات حقيقية، وأن النائب يمثل الامة باكملها ولا يمثل دائرة انتخابية معينة، وأن الوزراء مسؤولون أمام مجلس النواب عن جميع الاعمال المتعلقة بإدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية.
-اعتبر دستور 1952م المواطنين ، متساوين أمام القانون، ولا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العِرق أو اللغة أو الدين، وأكّد دستور1952م على الحقوق والحريات الأساسية للمواطن الأردني.
وأخيراً وليس آخراً،،
جاء الدستور الأردني للعام 1952 محكوما بتحقيق هدفين رئيسيين:
1-التأسيس لنظام حكم برلماني يكون فيه مجلس النواب مجلس حُكم، ويقوم هذا المجلس على بالتأثير على تشكيل الحكومات ومراقبة أدائها، وهذا من أكّدت عليه المواد الدستورية التي كرّست رقابة مجلس النواب لأعمال الحكومة وقراراتها.
2-التحول إلى نظام حكم اكثر ديمقراطية يحقق توازن اكبر بين السلطات الحاكمة في الدولة.
المراجع:
-شتيوي، موسى وآخرون، الإصلاح الدستوري في الأردن، مركز الدرسات الاسترتيجية، الجامعة الأردنية، 2016.
-أبو غنيمة، أحمد، ملامح الحياة السياسية في الأردن، عمان، حزيران 1998م.
http://palestine.assafir.com/Article.aspx?ChannelID=147&ArticleI- D=1964