جفرا نيوز -
جفرا نيوز- على مدار 73 عامًا من الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين، تعرضت الجغرافيا فيها من مدن وقرى وأحياء وشوارع وأودية وخِرب، إلى تغيير ممنهج من الأسماء الفلسطينية الأصيلة إلى العبرية الإسرائيلية المؤقتة، وما زال مشروع "عَبرَنة" فلسطين جاريًا حتى الآن.
وكالة الأنباء الأردنية (بِترا)، رصدت أسماء كثيرة لمدن وقرى وشوارع فلسطينية وجبال وأودية على امتداد الجغرافيا الفلسطينية، قد تعرضت لتغيير أسمائها، وتواصلت مع أحد المؤرخين في مدينة النَّاصرة بفلسطين المحتلة، واستشارت مختصة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، ليتبين أنَّ مشروع "عبرنة فلسطين" يجري على قدم وساق بشكل مخالف للقانون الدولي والإنساني، ولم ينتهِ حتى اللحظة.
رئيس دائرة دراسات الشَّرق الأوسط في الجامعة المفتوحة ورئيس مؤسسة بيت الذَّاكرة للتراث في مدينة الناصرة البروفيسور مصطفى كبها، أوضح، أنَّه خلال 73 سنة غيرت إسرائيل منذ إقامتها نحو 80 ألف مسمى لقرى ومدن وأودية وجبال وسهول وشوارع ومبانٍ وحوارٍ وجادات فلسطينية الأصل والاسم.
وأضاف، أن أحد أهم تجليات الصِّراع هو الصراع على الرواية التاريخية، وتسميات الحيز المكاني، وهذه القضية تجري عبر عملية "عبرنة" وتهويد المكان، وتغيير الاسم المكاني الأصلي عبر لجنة التَّسميات الحكومية الإسرائيلية.
وبين كبها، أنَّ هذه اللجنة تعتمد 3 طرق لتغيير الأسماء الفلسطينية إلى العبرية وهي، تغيير الأسماء كليًا، وترجمة الأسماء العربية إلى العبرية، والإبقاء على الأحرف نفسها للأسماء، ونطقها بشكل يؤدي إلى معنى آخر غير الذي يعنيه الاسم العربي الأصيل. وأكد أنه يعمل اليوم على إكمال موسوعته الفلسطينية التي تحمل عنوان، "لكل عين مشهد"، حيث إنَّ الأسماء الفلسطينية الأصيلة مرتبطة بالطبيعة البصرية، وهو ينهي عامه الـ 32 في عملية توثيق للاسم الأصيل لهذه البلاد التي تتعرض لأنواع الاحتلال كافة.
وأشار البروفيسور مصطفى كبها، إلى أن مدينة "تل أبيب" الإسرائيلية ليس اسمها "تل الربيع"، حيث إن الاحتلال ابتلع 6 قرى فلسطينية هي، المسعودية (صميل) والشيخ مونس وجماسين الغربية وجماسين الشرقية وجريشة وسارونا، لإقامة "تل أبيب"، التي تقع على كثبان رملية شمال مدينة يافا.
ودعا وسائل الإعلام والباحثين والمدارس والجامعات ومنظمات المجتمع المدني، الى استخدام الأسماء الفلسطينية الأصيلة للمدن والقرى والخِرب الفلسطينية حتى لا تصل عملية "عبرنة" فلسطين إلى أهدافها.
من جهتها، لفتت الخبيرة القانونية نهلا المومني، النظر إلى أن قيام إسرائيل بـ "عبرنة" المعالم الفلسطينية من مدن وقرى وأحياء وشوارع وغيرها من المعالم التي تعكس الهوية الفلسطينية، يُعد إحدى الأدوات التي تستخدمها دولة الاحتلال لتهويد دولة فلسطين، وتعد في الوقت ذاته إحدى المخالفات الصارخة التي ينتهجها الاحتلال بحقِّ الجغرافيا والهوية الفلسطينية.
وقالت، إنَّ هذا الانتهاك الذي يمس الهوية الفلسطينية أرضا ومكانا، يشكل مخالفة في القانون الدولي الإنساني، وخاصة لاتفاقيات جنيف وتحديدا اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية السكان المدنيين لعام 1949.
وأضافت أن منظمة "يونسكو" درجت بموجب قراراتها على رفض الأعمال التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ورفض أي تغيير للمعالم والميزات الثقافية، منها قرار يؤكد بطلان جميع الإجراءات الإسرائيلية الرَّسمية الرامية إلى تغيير طابع مدينة القدس وهويتها، ولا يخفى على أحد أن تغيير أسماء المعالم هو جزء من تغيير الهوية.
ولفتت النظر إلى أنَّ المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، تقدم عام 2011 بتقرير إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة حول الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية المدن الفلسطينية المحتلة.
وأشار التقرير إلى أنَّ الحالة في الأراضي الفلسطينية تزداد سوءا؛ بسبب السياسات الإسرائيلية والممارسات الاستفزازية التي تقوم بها إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال، وبسبب الانتهاكات واسعة النطاق كالاستيطان، وتغيير أسماء المدن، وأسماء الشوارع، منتقدا دعوة وزير النقل الإسرائيلي آنذاك إلى "عبرنة" أسماء الطرق والمدن، خاصة في القدس الشرقية للمضي أكثر في تهويد المدينة.
ودعا التقرير الدول إلى القيام بمسؤولياتها، وتوقف هذه الممارسات، وتعمل على محاسبة إسرائيل في الوقت ذاته.
وبينت المومني، أنَّ الممارسات الإسرائيلية تُعد مخالفة للعديد من الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان التي أكدت حق الإنسان في الحفاظ على هويته التي تعد الجغرافيا بأسمائها وحيثياتها جزءا لا ينفصل من الهوية الكبرى للإنسان، وهي جزء من كينونته الإنسانية التي تلتزم الدول بكفالتها، والحفاظ عليها.
وأضافت أن إسرائيل لم تكتفِ بهذه الانتهاكات، بل سعت وما زالت إلى إعطاء هذه الممارسات صفة شرعية قانونية من خلال سن وإقرار قوانين تجيز لها على المستوى الوطني إجراء هذه التغييرات على أسماء المعالم الفلسطينية؛ مما يجعلها مخالفة لالتزاماتها الدولية التي تفرض على الدول عدم إقرار تشريع وطني يخالف ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية.
يشار إلى أن فلسطين وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، حيث بدأت سلطات الاحتلال بعمليات القتل والتشريد بحق الفلسطينيين، وتدرجت في تغيير الأسماء الفلسطينية الأصيلة لكل معالم الجغرافيا هناك، وما زالت مستمرة حتى اليوم.
بترا