جفرا نيوز -
رصدت نقابة الأطباء خلال الفترة الأخيرة حالات اعتداء تعرض لها الأطباء والعاملون في القطاع الصحي بالمملكة من قبل مرافقين للمرضى في المستشفيات او المراكز الصحية، فيما لم تشفع لهم الضغوط الكبيرة التي يواجهونها في مكافحة جائحة كورونا في منع الاعتداءات عليهم.
ومع ان حالات الاعتداء على الكوادر الطبية ليست وليدة جائحة كورونا او مرتبطة بها، حيث كانت موجودة قبل ذلك، وبين فترة وأخرى نشهد حدوثها، الا انها باتت تشكل ضغطا نفسيا وقلقا عليهم، ما استوجب حسب أطباء وقانونيين اتخاذ اجراءات جديدة لحمايتهم وتغليظ العقوبات، وتفعيل قانون المسؤولية الطبية الذي يضمن حقوق الأطباء والمرضى على حد سواء، دون اللجوء للاعتداءات غير المبررة بأي شكل من الأشكال.
وكانت نقابة الأطباء اول أمس طالبت من أي طبيب يتعرض لاعتداء أثناء تأديته واجبه الرسمي التواصل مع أحد المحامين المكلفين من قبلها بمتابعة قضايا الاعتداءات على الأطباء.
القائم بأعمال نقيب الأطباء الدكتور محمد رسول الطراونة أكد ان تعيين محام لمتابعة قضايا الاعتداءات على الكوادر الطبية ليس اجراء جديدا، فهو متبع منذ سنوات، الا ان النقابة جددت اسم محام جديد اخر ليتولى الدفاع عن قضايا الأطباء في المستشفيات الخاصة والحكومية بعد انتهاء عقد المحامي السابق، للتواصل مع اي طبيب معتدى عليه لمتابعة الاجراءات في المحكمة.
واضاف ان نقابة الأطباء تتابع الاعتداءات التي قد يتعرض لها الأطباء، حيث تصلهم شكاوى عن اعتداءات جسدية وضرب بحقهم، مشيرا الى انه قبل اسبوعين تعرضت طبيبة لاعتداء في احد المستشفيات الخاصة.
وأكد الطراونة ان الاعتداءات على الكوادر الطبية لم تصل لغاية الان الى مسمى الظاهرة، متمنيا ان لا تصبح ظاهرة في مجتمعنا لأنها غير مقبولة اجتماعيا وهي دخيلة علينا ومستهجنة، وجميع الجهات تتابعها كوزارة الصحة ممثلة بالدائرة القانونية ونقابة الأطباء.
وطالب بتغليط العقوبات على المعتدي اذا ثبت التقصير منه، وان تكون رادعة بحقه، فالاعتداء ليس وسيلة للحصول على حقه، واذا ثبت ان التقصير من الطبيب فهناك طرق قانونية يستطيع اتخاذها ضده، بالإضافة لتنظيم اماكن الاكتظاظ في المستشفيات خصوصا اقسام الطوارئ التي تشهد ازدحاما واكتظاظا من قبل المرافقين، بحيث يتم تنظيم بيئة العمل وتزويدها برجال أمن للحماية والوقاية، لافتا الى ان معظم الاعتداءات تكون في أقسام الطوارئ.
وبين ان النقابة بصدد عقد دورات للأطباء متعلقة بمهارات التواصل، لأن بعضهم ليس لديه الخبرة الكافية للتعامل مع مرافقي المرضى، وطرق ابلاغهم بحالتهم المرضية بالطريقة اللازمة، ناهيك عن أهمية وجود محام لتثقيف الأطباء بحقوقهم في حال الاعتداء عليهم لحمايتهم.
وبخصوص الأخطاء الطبية التي قد تحصل، قال الطراونة ان ملف الأخطاء الطبية بدأ التعامل معه وتفعيله من جديد، من خلال قانون المسؤولية الطبية، اذ تقدم الشكاوى لنقابة الأطباء او اللجنة الفنية العليا بوزارة الصحة في هذا الشأن، مؤكدا انه بعد دراسة موضوع الاعتداءات على الكوادر الطبية سابقا تبين ان 85% منها ليس متعلقا بالأخطاء الطبية.
من جهتها، طالبت الباحثة القانونية الدكتورة دانييلا القرعان، بتفعيل قانون المسؤولية الطبية والصحية، والحاجة الملحة لقانون اخر يوضح ما هي الاجراءات والقواعد والمعايير الخاصة بممارسة مهنة الطب، مشيرة الى ان قانون المسؤولية الطبية بقي في ديوان التشريع مدة كبيرة بين الاخذ والرد، والاعتراض والتجويد، وهو غير مفعل بالرغم من مروره بجميع المراحل التشريعية.
ولفتت الى ان الأخطاء الطبية شائعة في العالم اجمع، وقد تحصل في المجال الطبي نتيجة اسباب عدة، الا انه في الأردن لا يوجد نظام واضح للإبلاغ وكيفية التعامل مع هذه الحالات، او قانون واضح المعالم كما في الدول المتقدمة، ما يؤدي الى حصول اعتداءات من قبل المراجعين وهو امر غير مبرر ابدا، وعليهم الاتجاه لجهات معينة لأخذ حقهم، داعية الى عدم اسقاط الحق الشخصي في قضايا الاعتداءات.
بدوره، قال الخبير واختصاصي الوبائيات وامين عام وزارة الصحة سابقا الدكتور عبد الرحمن المعاني ان جوهر العمل الطبي يقوم على شفاء المرضى وبذل الأطباء عناية طبية صادقة تجاههم، وعلى الرغم من ذلك زادت حالات الاعتداء على الكوادر الطبية بالاونة الأخيرة في المستشفيات والمراكز الصحية بالقطاعين العام والخاص.
ورأى ان الاعتداءات سلوكيات خاطئة تعمل تشويه الوجه المشرق في المملكة وكوادره الطبية الرائدة الذي لا ينكر احد ان لها مكانة هامة وسمعة كبيرة، لكن بعض المرافقين يقومون للأسف بتوجيه الإهانة والشتم وضربهم، حتى تصل الى تهديدهم بالقتل أحيانا.
واعتبر ان ارقام الاعتداءات على الكوادر الطبية قد تتفاقم اذا لم يتم مواجهتها بحزم وشجاعة، وقد يدعي البعض انها ناتجة بسبب الأخطاء الطبية والمعاملة الطبية غير اللائقة من قبل بعض الأطباء الذين لا يملكون مهارات التواصل وهذا وارد، عدا عن الروتين والاجراءات المعقدة في بعض اقسام الطوارئ في المستشفيات والمراكز الحكومية، الا ان كل ذلك ليس مبررا قطعيا للاعتداء على الأطباء.
ودعا المعاني الى ضرورة وضع استراتيجية تقوم بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية وذات العلاقة، من وزارة الصحة ونقابة الأطباء ووزارة التربية وخطباء المساجد والجامعات، للتوعية اللازمة بأهمية دور الأطباء بالمجتمع، وخضوع الأطباء الجدد لدورات تثقيفية في مهارات الاتصال والتواصل واستخدام مفردات تخفف من معاناة المرضى، بالإضافة للتوعية القانونية للأطباء حول حقوقهم وواجبات المريض.
وفيما يتعلق بأقسام الطوارئ بالمستشفيات، طالب بإعادة النظر فيها بحيث يتم فصل تام ما بين مكان علاج المرضى والمرافقين منعا للاحتكاك بينهم، وفي نفس الوقت القضاء التام على الواسطة والمحسوبية في معاملة المرضى لتكون واحدة على حد سواء، وتوفير الكوادر الطبية اللازمة لأقسام الطوارئ والأقسام التي تشهد ازدحاما.
ونوه المعاني الى اهمية وجود خطوات توفر الحماية للأطباء والمرضى، لاسيما تفعيل قانون المساءلة الطبية، لمساعدتهم على العمل في بيئة يكتنفها الثقة والأمان، واعادة النظر بالقوانين ذات العلاقة بحيث لا يتم توقيف اي طبيب مشتكى عليه الا بعد ثبوت الخطأ الطبي بحقه.
الرأي