وأثارت الحادثةغضب الجميع، بخاصة نشطاء حقوق الحيوان الذين عبّروا عن استيائهم من تصرف الشباب ولا مبالاة السلطات بحالة الكلاب السائبة، مطالبين بمحاسبة مرتكبي الفعلة الشنيعة حتى إن أحدهم قدّم مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عنهم.
قتل الحيوانات إرهاب
ولم تمرّ الحادثة مرور الكرام، فأذنقاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بمحافظة نابل، جنوب العاصمة،بإيقاف الشباب الأربعة الذينتورّطوا في تعذيب قطط وكلاب، وتم إيداعهم في الإصلاحيةلعدم بلوغهم السن القانونية لسجنهم.
وليست هذه المرة الأولى التي ترصد في تونس عمليات تعذيب أو قتل للحيوانات السائبة، فقبل سنة، أثارت حادثة قتل أكثر من 20 كلباً في ملجأ للحيوانات، بجزيرة جربة جنوب شرقي البلاد، من جانبشباب من المنطقة،استياء واسعاً بين المدافعين عن حقوق الحيوان في تونس، نظموا خلالهاوقفة احتجاجية في العاصمة للتنديد بالانتهاكات التي تتعرّض لها الحيوانات.
ورفع المحتجون الذين تجمّعوا يومها في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة شعارات منها تندد بأن"قتل الحيوانات إرهاب" وشعار "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
يذكر أن الكلاب السائبة التي تكاثرت في السنوات الأخيرة أصبحت مصدر إزعاج للمواطنين، وكثيراً ما تقوم السلطات البلدية في المحافظات الكبرىبحملات للقضاء على الكلاب الضالة، خشية أن تؤذي الناس.
ووفق أرقام رسمية، قتلت الشرطة البلدية في تونس عام 2018 ما يناهز 40 ألف كلب ضال، وأشارت تقارير إعلامية إلى أن قرابة 50 ألف شخص تعرّضوا في العام ذاته لمهاجمة حيوان مشبوه. لكن تبقى طريقة معالجة التصرف بهذه الحيونات تثير انتقاد المجتمع المدني في تونس.
تعديل القانون
في هذا الصدد، تقول جميلة عمار، رئيسة جمعية "رحمة" للرفق بالحيوان لـ"اندبندنت عربية"، "أنها حررت محضراً في مركز الشرطة منذ يومين بشأن تسميم 30 قطاً". تضيف عمار بنبرة فيها الكثير من الامتعاض، "لا أحد يهتم لروح الحيونات هنا، حتى مركز الأمن لم يكترث لذلك ويحاول مماطلتنا".
وبخصوص مطالبهم برعاية الحيونات، خصوصاً السائبة منها، تقول إن "تعديلالقانون القديم الذي لم يعُد مفعّلاً بالأساس لتجربم تعذيب وقتل الحيونات من أهم المطالب، أيضاًتأسيس ملاجئ تشرف عليها الدولة بالتعاون مع المجتمع المدني، تجمع فيها الحيوانات السائبة من أجلالاعتناء بها ومداواتها".
لكن جميلة عمار لم تكن متفائلة كثيراً، فقالت، "يبدو أن ما يطلبه المجتمع المدني في تونس صعب المنال في الأوضاع التي تعيشها البلاد"، مضيفةً، "نواب الشعب لا يهتمون لأرواح البشر، فكيف ننتظر منهم الاهتمام بروح الحيونات". وأوضحت، "طلبنا لتعديل القانون القديم مرميّ منذ سنوات في رفوف المجلس لكنهم لم يفعلوا شيئاً".وتصف حالة الحيونات السائبة في تونس بالكارثية حتى إن الفضلات التي يرميها الناس الذين يعانون الفقر بحسب قولها، لم تعُد كافية.
مركز خاص
من جهته، يقول مدير عام الصحة في بلدية تونس عمر النيفر إن "بعض المواطنين هم سبب تكاثر الكلاب في الشارع لأنهميرمونها بعد انتهاءالمصلحة وبدورها تلك الكلاب تتكاثر". ويفيد النيفر بأنه "منذ عام 2017، أسستبلدية تونس مركزاًخاصاً لتعقيم الكلاب السائبة على غرار بلدان عدة من العالم، وهو يُعنى بعملية كشف صحي على الكلاب بعد جلبها من الشارع، ثم تعقيمها وتلقيحها وأخيراً إعادتها إلى مكانها في الفضاء العام بعد أن يتم وضع خرز في أذن كل كلب يمرّ على المركز".لكنهيقر بأن "النسق غير كافٍ لمعالجة الكم الهائل من هذه الكلابالسائبة التي أصبحت تسبب قلق للمواطنين".
كما يقول النيفر إن "رئيسة بلدية تونس أخذت قراراً مهماًمنذ أربعة أشهر يمنعقتل الكلاب من طرف الشرطة البلدية التي تعتبرها ممارسة مشينة في هذا العصر"،لكن للأسف بحسب تعبير النيفر "هذا هو الحل الذي كان متوافراً سابقاً، نظراً إلى تكاثر الكلاب التي تسبب إزعاجاً كبيراً للمواطنين،لكن بإمكانات البلدية الحالية لا يمكن معالجة الوضع"، داعياً "المجتمع المدني إلى أن ينخرط بجدية في إيجادحلول جذرية وتأسيس ملاجئ خاصة لإيواء الكلاب".