وتتمثل فكرة برنامج الكاميرا الخفية "أنجلينا 19"، بإيهام ضيوفه من المشاهير في مجالات الفن والرياضة والإعلام وحتى السياسة، بأن التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد يسبب الوفاة عبر تمرير مشاهد صادمة عن طريق ممثلين يؤدون دور متلقي التلقيح، ليظهر بعدها أنه يسبب أعراضاً خطيرة مباشرة بعد التطعيم نتيجة الدخول في نوبات صرع، بحسب المشهد التمثيلي.
وتشارك في تقديم برنامج "أنجلينا 19" الممثلة الأميركية من أصل إسباني، لينا ساندس، التي تقوم بدور الممثلة الأميركية، أنجلينا جولي، نظراً لتشابه ملامحهما، وأيضاً من أجل تسهيل إيقاع الضيوف "في الفخ"، وذلك بحضور أطباء معروفين في تونس.
تحمّل المسؤولية
واعتبر مكتب منظمة الصحة العالمية في تونس أن هذا البرنامج يمثل إساءة إلى الجهود التي تبذلها المنظمة للحد من انتشار الفيروس والقضاء عليه، كما استغربت حضور طبيب في الحلقة، وكذلك استعمال شعار المنظمة في العديد من المقاطع من دون الحصول على إذن مسبق منها.
وطلب مكتب المنظمة من السلطات التونسية ومن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، التدخل وفقاً لما يمليه القانون التونسي، للحد من الإساءة للمجهود العالمي في مقاومة تفشي "كوفيد-19"، من خلال ضرب أهم آلية لوقف تفشيه، وهي اللقاح.
وفي تصريح لرئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري النوري اللحمي، أكد أنه "من حق الشركة المنتجة الدفاع عن نفسها بعد ما أعلمناها باحتجاج منظمة الصحة العالمية وبعد هذه الإجراءات ما يمكنّا أخذ القرار اللازم"، ودعا الشركة المنتجة لأن تتحمل مسؤوليتها وتقوم بإيقاف البرنامج من تلقاء نفسها.
قرار سياسي؟
من جانبه، يقول منتج البرنامج وليد الزريبي إن "البث متواصل لبرنامج الكاميرا الخفية "أنجلينا-19، ولا يمكن إيقافه بقرار سياسي"، على حد قوله.
ويصف الزريبي بيان منظمة الصحة العالمية وبيان الأطباء في تونس وبيانات بعض المنظمات الناشطة في المجتمع المدني قائلاً، "جملة هذه البيانات سياسية وليست علمية". متسائلاً، "هل يمكن محاكمة الأفكار الفنية بمقاييس من خارج الفن؟ هذا مؤسف ومخجل في بلاد ينص دستورها على حرية الرأي والفكر والتعبير".
وواصل، "من حق الجهات الصحية المختصة وعلى رأسها الحكومة، أن تقود حملة تحسيسية توعوية ترشد الناس وترسخ الوعي بضرورة الإقبال على أخذ اللقاح، لكن في المقابل من حق صناع الأعمال الفنية من دراما وسينما ومسرح وشعر ورواية أن يقدموا شيئاً آخر مختلفاً".
ويعتقد منتج برنامج المقالب المثير للجدل في تونس، أنّه "لا يمكن للأعمال الفنية التي تحترم نفسها أن تتحوّل إلى بوق دعاية للخطابات الرسمية، وإذا كان هذا البرنامج يؤثر في حملة التلقيح بشكل مباشر، فلا شك أن هناك خللاً ما في منظومة الصحة مجتمعة، محلياً ودولياً".
"منظمة الصحة العالمية أخطأت"؟
ويرى أن "الصحة العالمية أخطأت مرات عدة في مقاربتها في التعامل مع هذه الجائحة"، مضيفاً "من كانت له القدرة أن يواجهها بأخطائها؟ لم نسمع أي من هذه الأصوات". وختاماً يرى الزريبي أن "الفن وحده له القدرة على قول كل هذا".
من جهة أخرى، احتجت العمادة الوطنية للأطباء، على بثّ برنامج الكاميرا الخفية "أنجلينا-19"، لما يمثّله من تأثير سلبي في سير عملية التلقيح وإدخال المغالطات في ذهن المواطن حيال التلقيح.
ودعت في بلاغ لها يوم الإثنين إلى عدم الانسياق وراء هذا التيار، ومعتبرة أن المشاركة في مثل هذه البرامج يمكن أن تسيء لمهنة الطب وتحط من قيمة الأطباء، ما يوجب عقوبات بحسب مجلة واجبات الطبيب، معبّرة عن مساندتها ودعمها التام لحملة التلقيح ضد فيروس "كوفيد–19"، ومطالبة بالتسريع في نسق هذه الحملة.
وتعرف تونس وضعاً وبائياً وصف بالخطير جراء تسارع انتشار الفيروس وارتفاع عدد الوفيات.