جفرا نيوز -
جفرا نيوز- بقلم الدكتورة سهام الخفش
لم يعد بيننا وبين انهيار المنظومة الصحية في ظل تفشي فايروس كورونا إلا خطوات قليلة ، فالأردن يواجه أسوأ كارثة صحية في هذا القرن ، لم تكن في الحسبان ولا في التوقعات ولا حتى في علم الفلك والتنجيم ، هذا الضلع الذي أطاح برؤوس كبيرة ، وكشف عورات النظام الصحي ، والتخبط في إدارة الأزمة ، فخلية الأزمة أصبحت تحتاج الى إدارة أزمة أخرى لتديرها ، تناقضات في التصريحات ، عبثية في القرارات ، عدم ثقة المواطن بالخدمات الصحية ، حتى المطاعيم أصبح مشكوكًا في أمرها وانعدمت ثقة الشارع فيها ، كذلك قد نجد بعض الكوادر الصحية وهم الجيش الأبيض الذي يجب أن يكونوا خط الدفاع الأول والمحصن بالمطعوم ، لا يزال عدد منهم لم يتلق المطعوم لأسباب غير معروفة .
الحكومة تواجه حربًا شرسة مع هذا الفيروس والمواجهة عنيفة، والخوف كبير جدًا بين أروقة السلطة ولا يمكن الاستهانة به.. في حال خرج النظام الصحي -لا قدر الله- عن سكة الخدمة ، معنى ذلك الموت سوف يكون بالمجان، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية متردية جدًا وذلك الضلع الذي لا يقل خطورة عن الوضع الصحي ، وقد أوجع بيوت الأردنيين ، فتفشي البطالة والفقر كتفشي الفيروس وكلاهما أخطر من الآخر ، ولمعالجة هذا الملف الشائك ، نحتاج إلى إدارة حكيمة توازن بين هذين الملفين وليس أحدهما على حساب الآخر .
ومع ذلك ليست الحكومة وحدها المسؤولة عن هذا التفشي أمام مواطن مستهتر ضارب القوانين وأوامر الدفاع عرض الحائط ، فالمسؤولية مشتركة وعلى الجميع اتباع القواعد والسلامة العامة .
إضافة إلى ذلك فإن من المعروف أن وزارة الصحة حاليًا في وضع مادي متأزم، وهي جزء من ميزانية الدولة المنهكة أصلاً ، والمطلوب حاليًا هو دعم الوزارة والالتفاف حولها؛ لرفد الوزارة بالكوادر والكفاءات ، وأن يعلق كبار الدولة والمسؤولون ناقوس الخطر ، والعمل على دعم ميزانية الصحة سواء من القطاع الخاص أو المتنفذين المقتدرين في هذا الوطن والذين أكلوا من خيراته أيام العز والرخاء -وأهلا يا سيدي وتأمر سيدي-
في هذه المرحلة الصعبة على الجامعات وكليات الطب والتمريض أن تكون بالميدان وترفد الكوادر الصحية المنهكة، .وتحسب ساعات العمل الميدانية من الساعات الدراسية ، نحن في حرب وفي ظرف استثنائي ، إن خرجت الأمور عن السيطرة سيكون الخاسر هو الوطن والأجيال القادمة ، الوطن ليس بالأغاني والأهازيج وهاشمي هاشمي ، الوطن بحاحة الى سواعد لتبني وليس لتدمر.
وما يقلق الجميع حاليًا ، هو ما يحدث على الصعيد الداخلي ومحاولة البعض التحريض والعبث بالأمن والوحدة الوطنية مطالبين بالإصلاح والعدالة .
الكل يعلم بأن لدينا خلل وترهل إداري وفساد متأصل ومتجذر بين أركان ومؤسسات الدولة ، والجميع يطالب بالإصلاح ، أحزابًا , وأفرادًا ، ومثقفين ، وكُتّاب ومؤسسات مجتمع مدني ومجلس الأمة الموقر ..والكل يتمنى ويترقب أن يرى وراء القضبان من نهبوا وعبثوا بمقدرات الوطن ، ومن هم ضد الإصلاح الذي لا يتناغم مع مصالحهم ومنافعهم الشخصية .
ولكن مع احترامي لهذه المطالب المحقة إلا أننا لا نسعى إلى صب الزيت على النار ، في وقت عصيب ، وفي وقت نحن بأمسّ الحاجة إلى الوحدة الوطنية .
الظرف دقيق وحساس والمعادلة الثلاثية صعبة للغاية.
الكل يتمنى الإصلاح، وسيكتب التاريخ مَن هم المخلصون؟ ومن هم الفاسدون؟ وستحاسبهم الأجيال القادمة ، لا نريد التحشيد في هذا التوقيت الصعب ، ونأمل من الأحزاب والمؤسسات الوقوف صفًا واحدًا لأجل الوطن ، وعلينا أن ندرك بأنّ هناك فرقًا شاسعًا بين الوطن والحكومة ، فنحن نحاسب الحكومات الفاسدة ، ونحمي الوطن بكل ما لدينا من قوة ، لأن الوطن أكبر منا جميعا ولنحتكم إلى لغة الحوار والعقل .
حماك اللّٰه يا وطني وليذهب كل فاسد الى مزبلة التاريخ ..