جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب: المحامي علاء مصلح الكايد
في عالم السياسة، سواء على مستوى الدول أو الجماعات وحتى الأفراد، ما من أحد يتحلّى بالموضوعية والشجاعة ليقرّ بالهزيمة إلا ما ندر.
اليوم، تشهد ساحتنا المحلّيّة حالة صدمة تلت أحداث مستشفى السلط الأليمة، لم تعالجها الدولة بالإنكار بل بمواجهة واقع حاجة الإدارة العامة للإصلاح ولم يكن ذلك بجديد بل إستبق الملك الجميع إلى ذلك في مناسبات عدة كان أبرزها لقاء جلالته الأخير مع وكالة الأنباء الأردنية منذ أسابيع سبقت الحادثة ولدى إفتتاح دورة المجلس النيابي ولدى تكليف الحكومة وفي اللقاءات الممنهجة مع القوى والتيارات الوسطية.
ما علينا إدراكه على الصعيد الموازي، أو بعبارة أدق ما يتوجب علينا أن نجيب عليه من الأسئلة الطبيعية:
هل كان للخارج - من مختلف المصادر - دور في محاولة تقويض إستقرار الأردن؟ وهل وصلت المنحنيات حدّ الخطر تاريخيّاً؟
هل هناك دولة عربية تشترك مع العدوّ في أطول خطّ تماسٍّ جغرافيّ بقدر الأردنّ؟ وهل يعقل أن يكون ذلك بلا أثر؟
هل أحبط الأردن سابقاً عمليات تخريبية موِّلت ووجِّهت من الخارج أم لا؟ وهل إنقطع ذلك التوجيه يوماً؟
تلك وأكثر أسئلة يفرضها المنطق السياسي، ربما أن السواد الأعظم لا يرغب حتى بالإستماع إليها لكنها وقائع يدلل التاريخ على صدق وجودها وديمومة خطرها.
فالتاريخ هو من يجيب عن كلّ ذلك بالدليل والبرهان، وهو زادُ من أراد تعاطي السياسة وسَبْر أغوارها، وهذا ما يفسّر محاولات النيل من الإستقرار عبر دعوات عملت على إستحضار شعارات ليست من الحدث في شيء، بل إن ذلك هو الأسلوب العصريّ للفتنة.
الآن؛ كُتب للأفواه الموجّهة أن تخسر الجولة التي لطالما راهنت عليها حيث صُدمت بوعي شعبيّ سُرعان ما إستفاق، فكلّ الأوتاد التي دُقّت على مدار أعوام طويلة لم تعش أكثر من يومين وعلى مساحة صغيرة من الأرض والبشر، وبقي العقل الجمعيّ الأردني يضع معادلة الأمن والإصلاح نصب عينيه وفق عقيدته مؤمناً بأن مسيرة الإصلاح متلازمة مع الأمن والعكس صحيح، وهذا ما كان يتوجب على تلك الأصوات المغرضة إدراكه.
وعليه؛ ستكون الهجمات المرتدّة غاية في الشراسة، فالمطلوب ليس الفوضى فحسب بل رأس الأردنّ، وبما أن الفرصة قد لاحت في ذهن أولئك ثم ضاعت، سيقودهم الأسى من الخسارة إلى زيادة في فقدان البوصلة والإتّزان، وستترافق تلك الهجمات مع سيول من الإفتراءات طالما أن الحديث مُرسلٌ كعادته بلا دليل، وطالما أن الجبهة تؤكّد منعتها مراراً وتكرارا.
فما يُبثّ لا بد وأن يُقرأ مع مواقف الأردن الدولية والتي تتكشف بين حين وآخر بعض آثارها على شكل تجاذبات، فالمعركة مستمرة لم تتوقف لكنها تظهر إلى العلن أحياناً، وستبقى كذلك حتى يزهُق الباطل.
مطلوب الآن إغلاق أبواب الفتنة، وتمتين جبهة الداخل، فلكلّ فعلٍ ردُّ فعل، ولا يملك المفلس سوى التشكيك سلاحا، فدعوه يستهلك ذاته بعيداً عن عقيدتنا وثوابتنا ورصيدنا الوطني، ولنستكمل مسيرة الإصلاح بوتيرة أعلى، على أسس ما سلف تعداده من مخزون وطني قد لا يروق للكثيرين في إقليم تحفّه النار من كلّ حدب وصوب.
أما الإصلاح، فمئة عام من عمر الدولة - أي دولة - تحتاج ثورة إدارية تعيد تموضعها وتقوم على صيانة محركاتها وأدواتها وعلاج ما أصاب بعض مفاصلها من تكلّسات وتشوهات، ولدينا القدرة على ذلك إذا ما سلكنا الطريق المنتج وإستعنّا بالشرفاء القادرين.
حمى الله الأردن قيادة وشعبا