جفرا نيوز -
جفرا نيوز - عدنان السواعير
بالانتهاء من التعديل «الحقيقي» الأول لحكومة الدكتور الخصاونة، لا بد من وقفة تأمل ومراجعة ومحاسبة لما تم لغاية اللحظة وعما يحمل من معان للمرحلة اللاحقة، كي نتفق على آلية صحيحة لهذه المراجعة، لا بد أن نكون متفقين على ماهية «المسطرة» أو وحدة القياس التي يجب أن نقيس بها درجات النجاح أو الفشل، رغم أنه وإن أردنا الحديث بموضوعية ودون أي تعصب، فإن فترة الحكومة الكلية لن تعطي أبداً المؤشرات الصحيحة لكل ذلك.
مسطرتنا للقياس هي خطاب التكليف السامي لهذه الحكومة ورد رئيس الوزراء على خطاب التكليف السامي وكلماته في مجلس النواب للحصول على الثقة ورده على ملاحظات السادة النواب، وجميعها حددت التحديات التي على الحكومة مواجهتها أيضاً في المرحلة المقبلة، ما الذي تم إنجازه وما هو بطور الإنجاز؟
التحدي الأكبر هو شبح هذا الوباء والذي يطاردنا يومياً ليس فقط بتعرضنا للمرض أو خطف أرواح الكثير من الأعزاء علينا وخاصةً كبارنا وكل ما يمثلونه بالنسبة لنا وأيضاً أرواح شباب بعمر الورد، وهذه لا شك هي الخسارة الكبرى والتحديات الأخرى والتي هي نتيجة حتمية للوضع الوبائي، وأخص هنا التحديات الاقتصادية والاجتماعية والوضع التعليمي والوضع المالي للدولة الأردنية، وأخيراً تحدي الإصلاح السياسي الذي طفا على الساحة بعد الانتخابات النيابية الأخيرة.
بالتأكيد جميع هذه التحديات، وكل واحدة أصعب من الأخرى ولقدر صعوبتها لا يحسد الرئيس على الوضع الذي هو به فعلياً، لكن كيف واجه الرئيس هذه التحديات وكيف انعكست على تعديله الأخير؟
في ما يخص التحدي الوبائي، الرئيس أعطى ثقةً كبيرة للفريق الصحي، وواضح من هذا التعديل أنه قد منح أحد نجوم مواجهة الوباء حقيبةً ثقيلة ممثلةً بوزارة الداخلية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على درجة الثقة الموجودة لدى الرئيس تجاه هذا الفريق رغم كل المشاكل التي تتمثل بالمرحلة الحالية من توفر اللقاح وعدد الأردنيين الذين حصلوا عليه.
التحدي أو التحديات الأخرى التي نجمت عن التحدي الأول والتي بالنهاية لا تقل أهمية، هل واجهها الرئيس بالثقة نفسها أو بقدر موازٍ، الفريق الاقتصادي، تخلى الرئيس عن رئيسه ولا يظهر واضحاً من سيتولى رئاسة هذا الفريق. وهذا بحد ذاته سيزيد من صعوبات المرحلة، وخاصةً في مواجهة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي لدولتنا الأردنية، البطالة وصلت لدرجات عالية والأرقام التي أعلن عنها رئيس ديوان الخدمة المدنية هي لا شك مرعبة ويجب مواجهتها لأنها تنذر بما هو أسوأ (سأفرد لهذه الأرقام مقالاً منفصلاً)، في هذا المجال أعتقد أنه كان إيجابياً تفرغ وزير العمل لهذه الوزارة وحدها لما تحمله هذه الوزارة من أهمية في التوازن الاقتصادي والاجتماعي، الوضع المعيشي للأردنيين يزداد سوءًا والفقر يهجم بقوة ويسيطر على مساحات دائماً أوسع بالمجتمع الأردني، الشراكة مع القطاع الخاص أين وصلت وما خطط الحكومة لهذه الشراكة التي يجب أن تبنى على أسس متينة؟
الوضع المالي وأمام الالتزامات الداخلية والدولية وشح المساعدات الدولية يعاني الأمرين، وهو بالأصل كان مرهقاً، لكنه بالتأكيد مع هذا الوباء يزداد سوءًا، ناهيك عن الوضع التعليمي والتربوي الذي نمر به، لم يفهم في هذا المجال وفي ظل كل الصعوبات التي تعيشها العائلات الأردنية دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، اعتقادي أن نوايا الرئيس ورغبته بترشيق فريقه كان من الواجب تلاشيها في هذا المجال بالذات في الوقت الحالي.
أمام كل ذلك، يبدو الإصلاح السياسي أمرا ليس ذا أهمية، لكن لكل ما قيل لهذه اللحظة منذ الانتخابات النيابة وباختصار، لا بد أن نصل لقناعة بأنه يجب أن تتاح للأردنيين فرصة من يمثلهم بحق داخل مجلس النواب والذين يجب أن يكونوا على مقدرة من إدارة مختلف الملفات التي تحدثت عنها، وهنا تكمن أهمية هذا الإصلاح والذي بالتالي يصبح من أهم التحديات.
أكتفي بهذه التحديات الداخلية وانعكاساتها ودلالاتها على هذا التعديل.