جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب عدلي قندح
إن أحدث مفاهيم استقلالية البنوك المركزية والسياسة النقدية مرتبط بمدى استقلالية التغير في أسعار الفائدة المحلية عن أسعار الفائدة العالمية وخاصة عندما تكون سياسة سعر الصرف المتبناة من الدولة هي سياسة سعر الصرف الثابت، كحالة الأردن الذي يعمل بسياسة سعر صرف ثابت مقابل الدولار الأميركي منذ العام 1995.
وتشير دراسات الى أن هذه السياسة قد نجحت في توفير مرساة موثوقة للسياسة النقدية، وقد خدم ربط سعر الصرف الثابت الأردن بشكل جيد في الحفاظ على استقرار الأسعار وجذب رؤوس الأموال الأجنبية والاستثمار ولا سيما من المنطقة.
الا أن مفهوم استقلالية البنك المركزي والسياسة النقدية ارتبط منذ بداية ظهوره بمدى انفصاله عن الحكومة، وهو مفهوم مشابه لاستقلالية القضاء. فالمؤسسة المستقلة هي التي تحدد أهدافها وأدواتها وتتخذ قراراتها من دون تدخل من الحكومة أو السلطة التنفيذية. ويشير مفهوم استقلالية البنك المركزي في كثير من الأحيان الى انعدام قدرة الحكومة على إجبار البنك المركزي على تمويل عجز الموازنة بشكل مباشر.
ان استقلالية البنك المركزي تعني أن تكون قرارات البنك، وخصوصا فيما يتعلق بالسياسة النقدية مستقلة، على أن تكون هذه السياسة متسقة إلى حد كبير مع السياسة الاقتصادية العامة للدولة، وتعني الاستقلالية عند البعض أيضا ان يكون البنك المركزي مفوضاً وحده بالعمل على تحقيق استقرار الأسعار.
تأسس البنك المركزي الأردني في العام 1964 مع القليل من الاستقلال القانوني، مثله مثل العديد من البنوك المركزية في المنطقة آنذاك. ومع مرور الوقت زادت درجة الاستقلالية الفعلية بشكل كبير.
لكن درجة استقلالية البنك المركزي الأردني زادت بشكل ملحوظ، وخاصة الاستقلال في آلية العمل متأثرا على حد سواء بتطور أدوات السياسة النقدية وانضباط السياسة المالية، بمعنى عدم لجوء الحكومة لتمويل عجز الموازنة من البنك المركزي مباشرة.
وقد كان التغير الرئيس في عمل السياسة النقدية في الأردن في شهر أيلول (سبتمبر) 1993 عندما بدأ في اعتماد السياسة النقدية غير المباشرة للتحكم في السيولة وأسعار الفائدة في السوق، حيث أدخل البنك المركزي الأردني أداة شهادات الإيداع الخاصة به.
وفي العام 1998، قام البنك المركزي الأردني بإدخال أداة أخرى لمجموعة أدواته غير المباشرة، حيث أطلق برنامج تسهيلات نافذة الإيداع لليلة واحدة، والتي أتاحت للبنك المركزي الأردني إدارة السيولة على أساس يومي ووفرت أرضية لأسعار الفائدة للإقراض بين البنوك.
لن أقوم بتتبع تطور ادوات السياسة النقدية في الاردن ولكن سأجيب على تساؤل رئيس أثير في بداية المقال وهو: هل يعكس التغير في أسعار فائدة البنك المركزي الرئيسة حالة التضخم المحلية ومعدلات النمو الاقتصادي في الاردن أم حالة التغير في سعر فائدة أموال بنك الاحتياطي الفيدرالي؟
ويتمتع البنك المركزي الأردني بالاستقلالية في تحديد هامش فرق بين اسعار الفائدة المحلية والأميركية لصالح أدوات الدينار.
السؤال الذي يطرح الآن هو: هل يمكن تضييق الهامش بين أسعار الفائدة المحلية والاميركية والانحراف في الاتجاه المعاكس عن مستويات أسعار الفائدة الاميركية؟! الجواب لا جدوى من تضييق الهامش ومن غير صالح الأردن الانحراف بالاتجاه المعاكس.