جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب ماهر أبو طير
تتضارب الأرقام حول عدد المتعثرين، غير القادرين على الوفاء بالتزاماتهم المالية، وبين من يقول ان العدد يصل الى مليون شخص، او من يقول اقل منذ ذلك، باتت لدينا مشكلة هنا
رئيس اللجنة القانونية في مجلس الاعيان يقول: "عدد المدينين المتعثرين المطلوبين للتنفيذ القضائي أكثر من عدد موظفي الدولة بالكامل مما يجعل الحكومة غير قادرة على تحمل نفقات حبس هؤلاء المدينين لضخامة الكلفة المالية الباهظة التي ستشكل عبئا كبيرا على موازنة الدولة، ويتوجب العمل على معالجة أزمة المدينين المتعثرين، ولا بد أولاً من الاستمرار بعدم ملاحقة المطلوبين لدوائر التنفيذ لحين انتهاء الجائحة التي تمر بها البلاد”.
كلام العين على أهميته يربط التعثر المالي، بأزمة كورونا، ويطالب بعدم ملاحقة المطلوبين حتى تنتهي الجائحة، لكن لا احد يعرف متى سوف تنتهي الجائحة، في ظل هذه الظروف.
اللافت للانتباه هنا، ان الكل يتناسى فكرة مهمة، اذ ان مسلسل التعثر بدأ قبل كورونا، واشتد خلال فترة تفشي الوباء، وحتى ينتهي، ستكون اعداد جديدة قد انضمت الى المتعثرين، فالمشكلة هنا تتورم كل يوم، بما يعني اننا سنصحو امام وضع جديد، يوجب تغيير القوانين والتعليمات، خصوصا، ان جائحة كورونا، ستترك اثرا حادا على اقتصادات العالم، ولن تنتهي قصتها في عام او عامين كون ضحاياها، على الصعيد المالي، يزداد عددهم يوما بعد يوم.
هذا يقود إلى الاستخلاص الجريء ذاته الذي وصل اليه رئيس اللجنة القانونية في مجلس الاعيان، حيث يقول: ” لا بد من تعديل قانون التنفيذ لتحقيق التوازن بين حقوق الدائن ومراعاة ظروف المدين المعسر، بحيث يقتصر إصدار قرار الحبس على المدين الذي يملك مالاً وقام بإخفائه أو تهريبه بعد انشغال ذمته بالدين، أما المدين المعسر، الذي لا يملك مالاً، فلا يجوز حبسه إذا ثبت للقاضي عدم قدرته على السداد، لأنه لا جدوى ترتجى من حبس المدين في هذه الحالة سوى فقدانه لعمله وتشريد عائلته واضطرار أطفاله للتسول في الشوارع وبالتالي خلق كارثة اجتماعية جديدة لا تقل عن كارثة جائحة كورونا التي تعانيها البلاد، علاوة على ذلك ما سوف تحمله خزينة الدولة من نفقات حبس المدين”.
هذا الملف غير قابل للتأخير، والحكومة امتلكت الجرأة للتعامل مع ملف المطلوبين الأردنيين في الخارج، على خلفيات مالية، والذين كان ممنوعا تجديد وثائق سفرهم بما يخالف أساسا حقوق الانسان، ويتجاوز على الدستور، ولا تغطية قانونية لهذا المنع، مثلما بدأت التعامل مع قانون المالكين والمستأجرين الذي دمر القطاع الخاص، خصوصا، ان الملاك في غالبيتهم لا يريدون ان يصدقوا ان الدنيا تغيرت، ويواصلون طلب رفع الإيجارات، او الطلب من المستأجر الرحيل، وكأن الدنيا في احسن احوالها، وهي أيضا يفترض ان تكون قادرة للوصول الى حل جذري بشأن المتعثرين، وغير المسددين للحقوق المتوجبة عليهم، عدا حالات النصب والاحتيال، وما يرتبط بالشيكات والكمبيالات وسندات الامانة، وضرورة تغيير بنية الاقتصاد الداخلي، بحيث لا يواصل الاعتماد على ضمان الحقوق بالوسائل ذاتها من شيكات وكمبيالات وسندات امانة وغير ذلك، بعد ان كبرت المشكلة، واصبح عدد المطلوبين بمئات الالاف، ولا قدرة أساسا لأي حكومة على ملاحقتهم او سجنهم، بما أدى فعليا الى تجميد العقوبات، لاستحالة تنفيذها أيضا بشكل فني، على كل المطلوبين، لو تم الوصول اليهم في وقت واحد.
هذه مهمة صعبة، لكنها ممكنة، لان أصحاب الحقوق، من حقهم الحصول على حقوقهم، ولا يجوز أيضا تصويرهم بصورة المعتدي، او وضعهم في خانة الذي يرجو من اجل حقوقه، فهو متضرر أيضا، وهذا يعني ان ابداع حل ضمن تكييف معين، امر مهم، خصوصا، ان هناك فرقا بين القادر وغير القادر، وبين المتعثر وغير المتعثر، وبين المدين غير العامل، او المحتال، وبين المدين العامل الذي لم يعد دخله يكفيه، على سبيل المثال.
اذا كانت الحكومة ستقوم بفتح مبين على الصعيد الداخلي، فعليها ان لا تتأخر في هذا الملف، وهي قد دخلت ملفات ثانية بجرأة، وعليها هنا، ان تجد حلا وسطا، يكون مقبولا، مع ادراكنا مسبقا ان القصة ليست سهلة، خصوصا، ان رضا المتعثر يعني بالضرورة غضب الدائن.