النسخة الكاملة

"حماس" تسعى للاستفادة من رياح الربيع العربي

الخميس-2012-02-02
جفرا نيوز - جفرا نيوز- تساعد رياح الربيع العربي سفينة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الإبحار وهي تسعى الى الخروج من عزلتها الدولية لتتصدر الحركة الوطنية الفلسطينية.

علاقات 'حماس' بسوريا وايران تتغير

في الأسبوع الحالي سار اكبر زعيمين للحركة التي تأسست قبل 25 عاما ويدعو ميثاقها الى تدمير دولة اسرائيل وإنشاء فلسطين 'من النهر (الأردن) الى البحر' في اتجاهين مختلفين تماما لإجراء محادثات رفيعة المستوى وبدآ يظهران كخصمين.

وتوجه رئيس المكتب السياسي لـ'حماس' خالد مشعل الذي يتمركز في سوريا منذ فترة طويلة الى الأردن ليلتقي بالملك عبد الله الذي عقد والده الراحل اتفاقا للسلام مع اسرائيل عام 1994. وقد ينقل مشعل مقره الى هناك او الى قطر التي قامت بالوساطة ليقوم بأول زيارة منذ ان طرد الأردن 'حماس' عام 1999 .

اما اسماعيل هنية رئيس إدارة 'حماس' في قطاع غزة فانطلق من هناك لإجراء محادثات مع الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد عدو اسرائيل اللدود.

وايران غير راضية عن 'حماس' لأنها لم تساند سوريا الحليفة العربية الرئيسية لطهران في أزمتها. وقال مصدر دبلوماسي إن ايران لم تقدم تمويلا لـ'حماس' منذ آب (اغسطس).

وتعمل حركة 'حماس' من وراء ستار من التصريحات. ومن الصعوبة بمكان قراءة أساليب عمل قيادة 'حماس'. وينفي متحدثون وجود اي صراعات داخلية على السلطة او انقسامات.

لكن محللين يعتقدون أن مشعل قرر إنهاء ارتباطه الوثيق بسوريا التي تمر بأزمة الآن وان يستمر في مسار المصالحة مع حركة 'فتح' التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وفي تخفيف حدة موقفه المناهض لعقد سلام مع اسرائيل.

وقال هاني حبيب المحلل السياسي في غزة: 'مشعل اظهر درجة عالية من المرونة وهو صادق فيما يتعلق بتحقيق المصالحة وعبر عن مرونة ازاء تحركات الرئيس عباس السلمية وهو الشيء الذي لم يلق صدى إيجابيا في صفوف قادة الحركة في غزة'.

ويقول المحلل الاسرائيلي ماتي ستاينبرغ من جامعة حيفا إن من الواضح أن مشعل 'يريد دفع المصالحة مع فتح الى الأمام' والحديث عن دولة فلسطينية بحدود عام 1967 بدلا من حدود 1948 التي كانت قائمة قبل قيام دولة اسرائيل.

وأضاف أن مشعل مستعد ايضا لتعليق العمل العسكري ضد اسرائيل وقبول فكرة عباس عن 'المقاومة الشعبية' من خلال الاحتجاجات الحاشدة غير العنيفة. وتصر عناصر بحركة 'حماس' على حق 'المقاومة المسلحة'.

ويتكهن محللون بأن هدف مشعل ربما يكون إنهاء عزلة حركته وتحويلها الى شريك أساسي في مفاوضات السلام بالشرق الأوسط واذا حدث هذا فلن يستطيع الغرب ولا اسرائيل تصنيف 'حماس' كتنظيم إرهابي.

وفاجأ مشعل (55 عاما) 'حماس' الشهر الماضي حين أعلن أنه سيتنحى قبل انتخابات داخلية للقيادة من المقرر إجراؤها في آذار (مارس) بعد 14 عاما على رأس الحركة. ولا يأخذ الكثير من المحللين هذا الأمر على محمل الجد.

وهم يعتقدون أنه يريد ان يرشح مجددا لفترة رابعة وهو امر لم يسبق له مثيل بعد أن يتخلص من معارضي سياساته الجديدة ويهزمهم ويؤكد سيطرته الكاملة ليقود الحركة الى موقع الصدارة في الأراضي الفلسطينية.

وترجع الجذور السياسية والروحية لحركة 'حماس' الى جماعة الاخوان المسلمين السنية العربية وليس ايران الشيعية التي مولت وسلحت 'حماس' وحزب الله اللبناني اللذين يقول بعض المحللين إنها تستغلهما في تهديد اسرائيل بالوكالة.

وفي منطقة الشرق الأوسط التي تزداد انقساما بين قوى سنية وشيعية تشعر 'حماس' بالحرج من صلاتها بالرئيس السوري بشار الأسد والأقلية العلوية الشيعية التي ينتمي لها والتي هي الآن على شفا حرب أهلية مع الغالبية السنية وقادتها من حركة الاخوان المسلمين التي انتفضت ضد الأسد.

ومن المؤكد أن ايران أمدت 'حماس' بالمال وتقول اسرائيل إنها وفرت لها صواريخ وأسلحة أخرى.

وبعد أن قام هنية (48 عاما) بزيارة مصر وتونس وتركيا والسودان هذا الشهر حض عباس على وقف محادثات السلام والتعاون الأمني مع الاسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة.

وقال يوم الجمعة: 'اليوم الأغراب هم اولئك الذين ينادون بالتطبيع مع المحتل'.

ويقول محللون إنه ليس واضحا ما اذا كان هنية الذي قام لتوه بأول جولة خارجية منذ أربع سنوات يعتبر نفسه الخليفة المحتمل لمشعل ام صنوه في السياسة الفلسطينية.

ويقول المحلل المقيم في غزة ابراهيم أبراش إن انتقال مشعل الى الأردن او قطر وهي واحدة من أشد المنتقدين للرئيس الأسد سيمثل اكثر من مجرد تغيير أماكن وأضاف: 'سوف تشكل ايضا انتقالا في السياسة'ز

لكن غزة لاتزال معقل الحركة

وقال دبلوماسي غربي: 'هنية موجود في غزة ولم يتغير شيء فعلا بينما مشعل يبحث عن مكان جديد للإقامة ويتغير. نظرا لهذا أقول إن هنية يتمتع بأفضلية'.

ويعتقد البعض في حماس أنه ليس هناك حاجة الى تبني موقف أقل حدة مع اسرائيل لأن صعود الإسلاميين بالمنطقة الآن سيثني اسرائيل عن تكرار الحملة التي شنتها اواخر عام 2008 واوائل عام 2009 لوقف إطلاق الصواريخ من غزة والتي قتل خلالها 1400 فلسطيني.

ويختلف ستاينبرج مع هذا الرأي. وقال: 'جماعة الاخوان المسلمين لا تريد مشاكل مع اسرائيل بسبب غزة في الوقت الذي تعزز فيه سلطتها في مصر وهو أمر سيستغرق سنوات. مشعل يكيف نفسه مع جماعة الاخوان المسلمين في مصر'.

وثارت خصومة مريرة بين 'حماس' و'فتح' منذ عام 2007 حين سيطرت الحركة الاسلامية على غزة مما قسم الفلسطينيين الى قسمين. وفي العام الماضي وقعت الحركتان اتفاقا للمصالحة لكنهما لم تنفذاه بعد لتبنيهما سياسات متعارضة.

وترفض 'حماس' عقد اتفاق دائم مع اسرائيل. وتقول إنه قد تكون هناك هدنة طويلة الأجل تسمح بإقامة دولة فلسطينية وهو وضع تعتبره اسرائيل مثل حرب مؤجلة.

وقال مشعل إن جهود إبرام اتفاق مع اسرائيل تحتاج لمزيد من الوقت وهو ما اعتبره البعض في حماس تساهلا وانتقدوه.

ومن وجهة نظر ستاينبرغ هو 'مستعد لدفع المصالحة مع فتح الى الأمام ليصبح في وضع السيطرة' على منظمة التحرير الفلسطينية التي تهيمن عليها حاليا حركة 'فتح'.

ومنظمة التحرير هي أهم مصدر للقوة للسلطة الفلسطينية التي يرأسها عباس والتي تعتبرها حماس مستضعفة تقبل بالاتفاقات التي تريح اسرائيل من أعباء الاحتلال.

وقال المحلل الفلسطيني هاني المصري إن ثقة 'حماس' بنفسها تعززت وإنها مقتنعة بأنها قادرة على الفوز بأغلبية في منظمة التحرير الفلسطينية.

وأضاف أن العقبة الرئيسية امامها هي اسرائيل والاتفاقات الموقعة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل. وقال إن حماس في الوقت الحالي ليس لها موقف واضح من الاتفاقات الموقعة والمسؤوليات مع اسرائيل.

وقال المحلل السياسي أبراش 'هنية يحاول أن يروج لنفسه بأنه الزعيم القادم للفلسطينيين وأنه الذي يمثلهم وليس فقط كقائد لحركة حماس.

'بسبب شخصيته المعتدلة ووجوده في غزة في فلسطين وخطاباته أكسبته جماهيرية واسعة في العالم العربي والإسلامي اكثر من مشعل'.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير