جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د. رعد محمود التل*
خرجت اللجنة المالية بمجلس النواب بـــ16 توصية قدمتها كتوصيات للحكومة بشأن مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2021. شملت هذه التوصيات محاور عدة ذات علاقة بدعم موازنات كل من وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة العمل وإعطائها الأولوية، إضافة الى زيادة المساهمة السنوية للحكومة في إيرادات صندوق المخاطر الزراعية من خلال رفع مخصصات صندوق المخاطر الزراعية، وإعفاء المزارعين من فوائد القروض من مؤسسة الإقراض الزراعي، للمساهمة بدعم المزارعين والمحافظة على استمرارية هذا القطاع الذي يحقق الأمن الغذائي!
لكن أبرز توصيات اللجنة كان يتعلق بتخفيض إجمالي الإنفاق العام في مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية بنحو (148) مليون دينار! على الرغم من تأكيد اللجنة ضرورة وأهمية دعم وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة العمل!! اللافت بأن ما يقارب 103 ملايين من التخفيض الموصى به في الإنفاق العام كان من بند الإنفاق الرأسمالي؛ أي ما يقارب 70 % من الإنفاق المخفض للأسف! و44 مليونا من بند النفقات الجارية!!
نقول للأسف لأن هذا التخفيض بالإنفاق العام يقع في جانبه الأكبر ببند الإنفاق الرأسمالي الذي ورغم كل المساعي لتأكيد أهميته في دفع عجلة النمو الاقتصادي لم تر اللجنة المالية ضرورة لهذا الإنفاق! إن الإنفاق الرأسمالي مولد أساسي للنمو، من خلال تراكم رأس المال الحقيقي والقيمة الإنتاجية التي يضيفها في الاقتصاد عن طريق مشاريع البنية التحتية والصناعية والزراعية وتوليد الطاقة! هذا التخفيض في جانب الموازنة العامة سيحمل التأثير السلبي على الاقتصاد الأردني بشكل عام؛ حيث سيتم تأجيل أو إلغاء مشاريع رأسمالية كانت مدرجة في الموازنة على اعتبار أنها غير ضرورية، وسيزيد من حجم الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها! نقول ذلك على اعتبار أن هذه النفقات الرأسمالية هي نفقات حقيقية تم وضعها أصلاً بمشروع الموازنة بمكانها الصحيح وليست نوعاً آخر من الإنفاق!
نعلم أن الموازنة لهذا العام قد تكون الأصعب منذ سنوات في تاريخ البلد والتي يتطلب إعدادها الموازنة بين الصحة والاقتصاد، لكن السؤال الآن هل تخفيض حجم الموازنة العامة وموازنة الوحدات المستقلة بمبلغ 148 مليون دينار سيؤثر من الواقع الاقتصادي الحالي في خضم ارتفاع عجز الموازنة لمستويات قياسية، ودين عام غير مسبوق وخدمة دين بلغت 1.5 مليار دينار أردني وعادلت 55 % من عجز الموازنة لهذا العام والمقدر بأكثر من 2.6 مليار دينار؟
لم تأت توصيات اللجنة المالية بمجلس النواب على ذكر آلية احتساب الدين العام التي اتبعتها وزارة المالية، والتي تظهر أرقامها انخفاض الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بعد استثناء ديون الضمان الاجتماعي المترتبة على الحكومة والتي تبلغ ما يقارب 6.5 مليار دينار أردني! هذه الآلية "التجميلية” لواقع المديونية تحتاج لتفسير مقنع لأسباب تطبيقها!
علينا أن نتذكر دائماً أن إدارة المالية العامة لتخفيض العجز بالموازنة وبالدين العام هي وسيلة وليست هدفا بحد ذاته. فالسياسة المالية هي إحدى الأدوات الاقتصادية التي تستخدم بهدف تمكين الاقتصاد ودفع عجلة الإنتاج لتعزيز وتحسين نسب نموه. وهذا ما تتطلبه هذه المرحلة الصعبة تحديداً، وهو أن يكون تحفيز الاقتصاد وتحسين إنتاجيته هما الأساس وليس "سياسة مالية تجميلية” لن تغير واقعاً أو تحدث فرقاً!