جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب سلامة الدرعاوي
تداعيات كورونا الاقتصادية على القطاع الخاص كانت كبيرة جداً لدرجة أنها لن تزول بزوال الوباء، فالآثار عميقة في هيكل الاقتصاد وأنشطته وعملياته الإنتاجية والتشغيلية المختلفة.
فالأمر لم يقتصر على تراجع الطلب على منتجاته في الأسواق المحلية والخارجية نتيجة عوامل متعددة، بل كان التحدي بالاستمرار بذات الهيكل التشغيلي وكأنه لا توجد كورونا، أوامر الدفاع المختلفة ألزمته بالحفاظ على العاملين وعدم اللجوء للهيكلة خوفا من تنامي معدلات البطالة بشكل مخيف من قبل الحكومة التي لا تقوى خزينتها على التشغيل من الجديد في موازنتها المثقلة بعجز مالي مزمن يتجاوز المليارين، ومديونية تناهز الـ107 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، وبقيمة إجمالية تناهز الـ32 مليار دينار.
القطاع الخاص بكافة فعالياته ومستوياته تعرض لضغوطات مالية وإجرائية بموجب القرارات الحكومية، فهو ملزم بعدم تسريح أي من العاملين لديه، وملزم بدفع كامل الرواتب للعاملين، و50 بالمائة للذين يعملون عن بعد، وعليه مواصلة التزامه بدفع فواتير الطاقة والكهرباء والأقساط، والفوائد حتى للقروض التي تأجلت، واشتراطات الضمان وكامل المستحقات الضريبية، كُل هذا ملزم القطاع الخاص بدفعه وكأن كورونا لم تصله.
صحيح ان الحكومة اتخذت مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى تقليل هذه الاعباء وتخفيف تداعياتها، كما حصل مع حزمة البنك المركزي تحديدا والتي وفرت سيولة جديدة للقطاع الخاص مع تأجيل اقساطه وتوفير عمليات إقراض له للحفاظ على استدامة اعماله من خلال تمكينه من شراء مواد خام لعملياته الإنتاجية، ودفع رواتب العاملين لديه، لكن في الحقيقة ان هذه العمليات والتدابير بعد ما يقارب العام على الوباء ما تزال قاصرة على معالجة المشكلة الأساسية التي يعاني منه القطاع الخاص وهي النمو في ظل هذه الجائحة.
هذا يقود للحديث عن ان مشاكل القطاع الخاص ليست مشاكل مادية بالدرجة الأولى، فأكثر من نصف مشاكل وتحديات القطاع الخاص هي ذات طبيعة اجرائية تتعلق بعلاقته اليومية مع مختلف مفاصل القطاع العام من مؤسسات وهيئات ودوائر ذات علاقة مباشرة بعمله.
المشاكل الإدارية اليومية التي تعترض أنشطة القطاع الخاص المختلفة تحديداً في هذه الفترة الاستثنائية تتطلب من الحكومة إعادة تقييم مصفوفة الإجراءات الرسمية التي لها مساس مع القطاع الخاص، والعمل على إزالة المشاكل المزمنة فيها، وتسريع وتيرة العمل الرسمي لمعالجة مشاكل رجال الاعمال مع تبسيط منظومة الإجراءات بين الطرفين.
السبب في الدعوة لذلك ان الحكومة وخزينتها لا تمتلكان المرونة المادية الكافية التي تمكنها من تقديم أي شكل من أشكال الدعم المالية المباشر للمتضررين من كورونا او حتى يكون لديها القدرة الكبيرة في إعلان خطة تعاف اقتصادي شامل دون اللجوء لتوفير مخصصات ذلك التعافي من الاقتراض الخارجي تحديداً، وما يترتب على ذلك من انعكاسات سلبية على المديونية العامة التي باتت مستوياتها مقلقة اقتصادية.
العمل على معالجة مصفوفة الإجراءات الرسمية مع القطاع الخاص مثل تلك المتعلقة بالجمارك والمواصفات والغذاء والدواء وغيرها من الهيئات سيكون له مردود إيجابي مهم لا يقل عن الدعم المالي، بل سيعوض الكثير من العجز الرسمي في تقديم المعونة المالية المباشرة، بتخفيف وطأة الإجراءات وتسهيلها على رجال الاعمال والمستوردين والمصدرين والمصنعين والتجار في آن واحد.