جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب سلامة الدرعاوي
تسمع يوميا خطابات رنانة من مسؤولين حكوميين ونوّاب وإعلاميين تقترب للمثالية التي يتمناها كُلّ شخص، بالمقابل عندما تنظر إلى الأفعال تجدها على النقيض التام وعكس ما يتحدثون به ويعلنونه، لتظهر الحقيقة أن المسألة في كثير منها تكون إما لأغراض شعبوية، أو تمثل حالة من الابتزاز الخفي المتعلق بالمصلحة الشخصية.
حكومة ما تصف نفسها بحكومة "الحراثين”، لتقترب أكثر وأكثر من نبض الشارع والطبقات الفقيرة والمتوسطة، لنكتشف بعدها أنها أنجزت غالبية مشاريع الخصخصة وبيع الأصول التي شابتها شكوك ومغالطات صريحة في إجراءاتها وخطواتها التي كشفها تقرير اللجنة الملكية لتقييم التخاصية، ثم تقول إنها حكومة حراثين.
لا بل إن العجب هو أن أحد الوزراء الحاليين يظهر في فيديو وهو يقول لمتابعيه على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي انه حراث ابن حراث ولم يغيره المنصب، علما انه هو وأفراد عائلته خريجو الجامعات الغربية ووالده مسؤول سابق في القطاع العام، ومع ذلك يخاطب الشّارع بانه حراث ابن حراث.
نائب يقتحم بسيارته الفارهة "رينج روفر” آخر طراز، حرمة مصنع في منطقته الانتخابيّة بحجة التفتيش على من يعمل في المنشأة والتأكد من انهم من أبناء دائرته الانتخابيّة، مستغلا الحصانة البرلمانيّة في التطاول على القطاع الخاص والاستقواء عليه.
رئيس وزراء سابق يصف نفسه بالليبراليّ المتحرر والقريب من المؤسسات الدوليّة، تكون بعهده الحريات العامة بأسوأ أشكالها منذ عقود من الزمن، ويحدث في فترته ما لم يحدث في فترة الأحكام العرفية.
مؤسسة إعلامية متخصصة بالهجوم شبه اليوميّ على شركات كبرى معينة، وتشويه صورتها ودورها والتصيد لها، بسبب ان الشركة لم تمنح هذه المؤسسة إعلانا تجاريا.
وزير يتحدث عن ضرورة ترشيق القطاع العام، ويعلن خطة لإعادة هيكلته بكلفة 82 مليون دينار، ثم نكتشف أنها -أي الخطة- تجاوزت كلفها الإجمالية النصف مليار دينار من جانب، وهروب معظم الكفاءات الإدارية في القطاع العام للخارج من جهة أخرى.
مسؤول من العيار الثقيل وبشكل مفاجئ يصبح مدافعا عن بيئة الأعمال والقطاع الخاص، ويطالب برفع الحجوزات ومنع السفر عن شخصيات متهمة بالتهرّب الضريبيّ وإلحاق الأذى الاقتصاديّ بالخزينة، لنتفاجأ انه على علاقة مادية خفية مع هذا الشخص المتهرّب.
نوّاب يتحدثون عن العدالة في التعيينات واحترام القانون وسيادة الشفافية في الإجراءات، وسرعان ما تتغير هذه الخطابات إلى أوراق وطلبات تعيينات وتنقلات وترفيعات تعطى للوزراء عقب كُلّ اجتماع في مجلس أو لجنة، لا بل إن الأمر يصل إلى التهديد والوعيد للحكومة والوزراء اذا لم يتم تلبية طلباتهم.
المظاهر السابقة تشكّل حالة من الانفصام الشخصي الحاصل في خطاب فئة كبيرة من المجتمع، وتتطلع إلى توظيف هذا الأسلوب الى مزيد من الشعبويات وتحقيق مصالح شخصية مباشرة، متلاعبة بمشاعر الأردنيين وحاجاتهم المعيشيّة.
الاقتراب من الشّارع ومشاكله لا يكون بهذا النهج الذي ساهم مع كل أسف بزيادة فجوة الثقة بين المسؤول والإعلامي والنائب مع المواطنين الذين معهم كُلّ الحق في مواقفهم، لان الغالبية من تلك الشرائح تتلاعب بهم وتوظف احتياجاتهم وطلباتهم لأغراضهم الشخصية بعيدا عن المصلحة العامة، فليس كُلّ ما يلمع ذهباً، هناك دائما شيء مخفي من تلك الشعارات والخطابات الزائفة.