جفرا نيوز -
جفرا نيوز - في ظل انتشار فيروس كورونا في العالم أجمع، وتسخير كل القوى والإمكانات لمحاربته، يواجه مرضى السرطان حول العالم عموماً وفي مصر خصوصاً، معاناة مزدوجة أولها المرض الخبيث ومحاربته، وثانيها الجائحة التي أرهقت الطاقم الطبي، وأعاقت وصول المرضى إلى الخدمات الصحية اللازمة.
وتحكي جيهان الأصيل، محاربة السرطان، (48 عاماً) ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة "كنسر كير" في مصر لـ"الشرق"، إنه مع بداية ظهور الجائحة والحديث عن أن مرضى السرطان من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بكورونا نتيجة ضعف مناعتهم، سادت حالة من الخوف والقلق في ما بينهم.
وأشارت إلى توقف كثير من المرضى عن العلاج الكيماوي والإشعاعي، أو تأجيل عملياتهم بسبب اكتظاظ المستشفيات بحالات كورونا، وخوفهم من الذهاب إلى هذه المستشفيات تجنباً للعدوى.
وقالت: "كنت محظوظة نظراً لأني أنهيت العلاج الكيماوي والإشعاعي، وما زلت أتلقى العلاج الهرموني كل 3 أشهر"، مضيفة: "اضطررت لتأجيل الفحوصات الدورية التي أقوم بها بعض الوقت، حتى تتراجع حالات الإصابة في الموجة الأولى".
وشددت على وجود "مرضى أقل حظاً"، لافتة إلى إحدى الحالات التي تتابعها المؤسسة، وهي سيدة تفاقمت معاناتها مع بداية الموجة الأولى.
وأضافت أن هذه السيدة، لم تستطع الذهاب إلى المستشفى لإجراء العلاجات اللازمة، بسبب عجز المستشفيات عن استقبال حالات غير حالات كورونا في هذه الفترة. وبيّنت، أن عدم حصولها على العلاج، ساهم في انتشار سرطان الثدي إلى الرئة، مشيرة إلى أنها "ترقد الآن في العناية الفائقة".
إصابة رغم العزل
وروت نهى رمضان لـ"الشرق"، عن معاناة والدتها، مريضة سرطان الرئة، مع فيروس كورونا. ولفتت إلى أن والدتها حبيسة المنزل منذ أكثر من عامين بسبب المخاوف من التقاط أي عدوى، نظراً إلى ضعف المناعة لديها بسبب المرض.
ومع انتشار فيروس كورونا، تفاقمت عزلتها في المنزل الذي لم تغادره منذ مارس الماضي سوى مرات قليلة، لافتة إلى أن العائلة اضطرت لمتابعة علاجها في المنزل.
وأضافت: "نعيش حالة من الرعب منذ بداية الأزمة"، خصوصاً أن المصاب بسرطان الرئة يعاني من صعوبات في التنفس أغلب الوقت، وهو ما يتشابه مع أعراض كورونا.
ورغم العزلة، إلا أن والدة نهى رمضان أصيبت بالفيروس المستجد، بعدما ارتفعت حرارتها، واضطرت العائلة لنقلها إلى المستشفى وإجراء الفحوص، ليتبين إصابتها بالفيروس.
توقف العلاج
واضطرت نور علي، محاربة سرطان الثدي، لأن تتوقف عن تلقي جرعات العلاج الكيماوي بسبب إصابتها بفيروس كورونا، قبل 3 أشهر.
وقالت لـ"الشرق": "رغم أنني شفيت من كورونا، إلا أن الطبيب طلب إجراء أشعة مقطعية كل أسبوعين، ليطمئن أن حالتي تسمح بالعودة لتلقي العلاج"، معربة عن خشيتها من يؤدي توقف العلاج لتدهور حالتها الصحية.
وبالمثل أصيبت رانيا سعيد، وهي مريضة أيضاً بالسرطان، بفيروس كورونا في ديسمبر الماضي، ولا تزال تشعر بآثار الفيروس من خلال صعوبات التنفس.
وقالت: "أخاف أن أجري عمليتي بسبب الخوف من كورونا، رغم أن حالتي ليست مستقرة، وأعاني من انخفاض الضغط وسرعة ضربات القلب".
المستشفيات تئن
حال المرضى في مواجهة فيروس كورونا، لا تختلف عن حال المستشفيات. إذ قال الدكتور صلاح مبروك خلف، طبيب في "معهد جنوب مصر للأورام" في أسيوط، واستشاري الأمراض الباطنية والأورام، لـ"الشرق"، إن "مريض الأورام أكثر عرضة للإصابة بكورونا، وهو ما يتطلب اتخاذ اجراءات احترازية مشددة، وتجنب الاختلاط والاحتكاك ببيئة المستشفيات".
وأضاف، أن ما سبق، يدفع الأطباء إلى تأجيل العمليات غير العاجلة، أو تغيير بروتوكول العلاج، بما يقلل من عدد مرات ذهاب المريض إلى المستشفى.
ولفت إلى أن المستشفيات أُجبرت على تخفيض عدد الحالات التي تستقبلها، وتقليل عدد الأسرّة بنحو 50%، للحفاظ على التباعد وسلامة الموجودين في المستشفى، من المرضى والطاقم الطبي، مضيفاً: "لم نتمكن من إعطاء البروتوكول بشكل كامل للمرضى، مما أدى لنتائج عكسية عند بعض المرضى".
وأشار خلف إلى أنه يعمل حالياً ضمن فريق بحثي يشارك فيه 200 مركز عالمي، وتشرف عليه "المنظمة الأوروبية لعلاج الأورام"، لبحث تأثير فيروس كورونا على مرضى السرطان، ومتابعة حالتهم لمدة عامين، لافتاً إلى أنه يتابع حالة نحو 70 مريض سرطان أصيبوا بكورونا. وبيّن أنه من المنتظر "عرض النتائج الأولية خلال 6 أشهر، على أن تنشر النتائج كاملة بعد عامين".
ولفت إلى أن الملاحظات التي يمكن رصدها، أنه كلما كان مريض السرطان في حالة متأخرة يتضاعف تأثره بكورونا، ففي المرحلة الثالثة أو الرابعة من المرض، أي عندما يكون فيها المريض طريح الفراش، يصبح من الصعب عليه تجاوز تأثير كورونا، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى الوفاة".
وأوضح أن التدخين والإصابة بأمراض الكبد والكلى والقلب، عوامل تزيد من خطورة إصابة مريض السرطان بكورونا، مشيراً إلى أن "مريض السرطان بحاجة لتقوية مناعته عن طريق الأكل، والتوقف عن الممارسات الضارة كالتدخين، علاوة على تجنب الاحتكاك غير الضروري، واتباع إجراءات احترازية مشددة".
أزمة عالمية
حال المصابين بالسرطان في مصر، ليس فريداً، إذ يمكن تعميمه على العالم بأسره. والثلاثاء، أشارت "منظمة الصحة العالمية" في بيان، إلى أن الجائحة كان لها "تأثير عميق" على تشخيص مرض السرطان وعلاجه في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى أن سرطان الثدي أصبح أكثر أنواع المرض شيوعاً.
وقال الدكتور أندريه إلباوي، من قسم الأمراض غير المعدية في المنظمة، في حديثه عبر الفيديو في جنيف عشية اليوم العالمي للسرطان الذي صادف الخميس، إنه " حين بدأت أزمة فيروس كورونا الجديد منذ أكثر من عام، كان تأثيرها على رعاية مرضى السرطان صارخاً، إذ تعطلت خدمات معالجة السرطان جزئياً أو كلياً بسبب الجائحة، لدى 50% من الحكومات، التي توفر هذه الخدمات".
عبء اقتصادي
وبحسب "منظمة الصحة العالمية"، فإن العبء الاقتصادي لمرض السرطان على المجتمعات ضخم ومتزايد، وقدرت تكلفته بـ 1.16 تريليون دولار، في العام 2010.
وقال الدكتور إلباوي: "عام 2020، بلغ عدد الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالسرطان على مستوى العالم 19.3 مليون شخص، مع زيادة عدد الوفيات إلى 10 ملايين وفاة".
وبحسب الوكالة الأممية المعنية بالصحة، كان هناك 2.3 مليون حالة سرطان ثدي جديدة عام 2020، تمثل ما يقرب من 12% من جميع حالات السرطان. كما أصبح السبب الرئيسي للوفاة من السرطان بين النساء في جميع أنحاء العالم.