جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب محمود الخطاطبة
بعد نحو عشرة أعوام على انطلاقة الشرارة الأولى لما يُسمى بـ”الربيع العربي”، في الرابع عشر من شهر كانون الثاني 2011، وبالتحديد في تونس الخضراء، لم تُحقق الثورات والاحتجاجات، التي اجتاحت أكثر من بلد عربي، أي غاية أو هدف انطلقت من أجله.
كثير من الشعوب العربية، المقهورة منذ عقود، كانت ترى في ذلك "الربيع”، مُنجيًا ومُخلصًا، وكانت أنظارها تتجه صوبه، ببصيص من الأمل، لعل يكون في نهاية نفقها المُظلم، نور، ولو خافت.
البداية كانت في تونس، حيث استطاعت الثورة هناك، الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، بعد ثلاثة وعشرين عامًا في السلطة، تبعتها مصر، والذي تنحى رئيسها السابق، محمد حسني مبارك، بُعيد نحو ثلاثين عامًا على رأس "الأهرامات”، على وقع احتجاجات شملت معظم المدن المصرية، فليبيا، التي لقي رئيسها معمر القذافي حتفه على يد "الثوار”، بعد أن حكم البلاد لمدة تجاوزت اثنين وأربعين عامًا، ثم سورية، التي ما تزال تنزف دمًا، أرضًا وشعبًا.
تلك الشعوب، التي فقدت عشرات المئات من الأرواح، وآلاف الإصابات منها بالغة، فضلًا عن الاعتقالات والتجاوزات، كانت تُطالب دومًا، بمزيد من الحريات والديمقراطية، والعدل، وتوفير وظائف، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والقضاء على الفساد والفاسدين، الذين أوغلوا في دماء الشعوب، التي تُعاني الأمرين.
اليوم، وبعد مضي عشرة أعوام، على انطلاق شرارة "الربيع العربي”، يُعيد التاريخ نفسه، فهذه تونس الخضراء، تشهد، منذ حوالي أسبوعين، مظاهرات واحتجاجات لمئات الشباب، وذلك بالتزامن مع تظاهرات واعتصامات في لبنان، الذي يُعاني أسوأ أزمة اقتصادية، والعراق، الذي تم تمزيقه بدم بارد.. والمطالب هي هي لم تتغير، باستثناء ما طرأ من جديد، جراء وباء فيروس كورونا المستجد، الذي بات منتشرًا في كل دول العالم.
وكأن الشعوب العربية، مكتوب عليها، أن تبقى تعيش في حروب وأزمات وويلات، وضنك عيش، وعدم عدالة، وسياسات اجتماعية ظالمة، ناهيك عما سببته جائحة كورونا بأزمة صحية، جُل الدول العربية غير مستعدة لمثل هذه الأزمات، بالإضافة إلى ما تسببت به من عرقلة للتعليم، وإغلاق آلاف المنشآت، وإلغاء عشرات الآلاف من الوظائف وفرص العمل.
كثير من أبناء الشعب العربي، كانوا يعتقدون بأن "الربيع العربي”، سيجلب لهم الديمقراطية والعدالة، والقضاء على الفساد والفاسدين، وإحقاق حقوق وإنصاف مظلومين.. لكن بعدة عشرة أعوام، وللأسف، كانت النتيجة تدهورًا للاقتصاد، ومزيدا من المعاناة الاجتماعية، لا بل زادت عملية تقييد الحريات، وتكميم الأفواه، وتدهور الظروف المعيشية للعديد من الأسر.
وبعيدًا عن أن "الربيع العربي”، استغلته دول غربية أو إقليمية، لتحقيق مآرب ومنافع ذاتية، فضلًا عن أحزاب وقوى داخلية ركبت الموجة، في سبيل الحصول على نصيب، تعتبره حقا، من "الكعكة”.. إلا أن الظاهر الوحيد هو أن ذلك "الربيع”، الذي يُعتبر نوعًا من الاضطراب السياسي، لم يُحقق أهدافه وغاياته، التي نادى به المتظاهرون والمحتجون، الذين باتوا أكثر فقرًا وإهمالًا.
لم يُحقق "الربيع العربي”، الديمقراطية المأمولة، ولا حريات معقولة، ولا حتى استقرارا اقتصاديا.