جفرا نيوز - تحت شعار "رؤية ملك" يحتفل صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية بمرور ٢٠ عاماً على تأسيسه بالتزامن مع الاحتفالات بمرور ١٠٠ عام على تأسيس الدولة الأردنية الحديثة.
ويطلق الصندوق بهذه المناسبة الوطنية الكبرى، مشروعاً موجّهاً للشباب بعنوان "درب المئوية" يهدف إلى تعريفهم بالتاريخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي للأردن، ومساعدتهم على وعي دورهم في حمل الرسالة والاستمرار ببناء الوطن إضافة إلى ترسيخ مفاهيم الانتماء في نفوسهم.
وتحضر دلالات مئوية الدولة ومعانيها السامية في باقة من مشاريع الصندوق التي طُورت بما يواكب الاحتفالية التي ستستمر على مدار العام، ومنها برنامج "الموهبة في خدمة المجتمع" ومسابقة "تحدي التطبيقات الإلكترونية".
•التأسيس والرعاية الملكية
أُسّس صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية بمبادرة ملكيةٍ سامية، على إثر ما لمسه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين خلال جولاته في أرجاء المملكة ولقاءاته مع أبناء شعبه في مناطقهم، من حاجةٍ ماسّة إلى إنشاء مشاريع تنموية وإنتاجية تُسهم في تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
فقد جاء في رسالة وجّهها جلالة الملك لرئيس الوزراء أواخر عام 2001: "لقد لمستُ حماس المزارعين في عجلون والأغوار والصيادين في العقبة للعطاء والإنتاج، إذا ما توفرت لهم وسائل الدعم والمشورة الفنية اللازمة، وأسعدني شغفُ المتقاعدين العسكريين للتدرب على مهارات الحاسوب الحديثة، وإقبال أبناء البادية والريف وبناتهما على الفرص التي تمنحهم تطوير قدراتهم المعرفية من خلال التعلم عن بُعد".
وسرعان ما غدا الصندوق مظلّةً مؤسسية لدعم الجهود التنموية والاجتماعية والتعليمية والثقافية، وتحفيز التنمية الشاملة التي تعتمد على مشاريع توظِّف طاقات المواطنين في الإنتاج والإبداع.
•أهداف سامية ومهمّات جليلة
يهدف صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية إلى المساهمة في تأسيس مشاريع إنتاج ريادية للمواطنين، ودعم البرامج والأنشطة التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية الوطنية، وتشجيع الأنشطة العلمية والثقافية والرياضية والتعليمية والاجتماعية لتنمية المواهب وتقديم الحوافز للمبدعين في مجالاتهم.
ويتولى الصندوق في سبيل تحقيق أهدافه مهماتٍ عديدة من أبرزها: تأسيس المشاريع الإنتاجية التنموية وتطويرها في المحافظات، وتقديم وسائل الدعم والمشورة الفنية اللازمة لها، وتأسيس المؤسسات والشركات أو المساهمة أو المشاركة فيها، والمساهمة في عملية التدريب والتأهيل المهني للمواطنين، ومساعدة الطلبة المتفوقين في جميع المراحل التعليمية، ودعم الأنشطة العلمية، ودعم للمجتمعات المحلية بما يؤدي إلى تطويرها وتحسين الظروف المعيشية فيها.
وتمثل مشاريع الصندوق محطات خدمة استراتيجية رائدة، تحاكي مراحل تقدُّم الشباب في مسيرتهم من خلال تقديم خدمات نوعية تلائم المرحلة التي يمرون بها، سواء أكانوا طلبة في المدارس والجامعات، أو مقبلين على العمل، أو موظفين من القياديين المستقبليين، أو مبدعين، أو باحثين.
وبمرور الوقت، اتسعت مظلة عمل الصندوق لتشمل عدداً من القطاعات والمجالات والحقول ضمن محاور رئيسة أبرزها: بناء القدرات، والتدريب والتشغيل، والزراعة، وتمويل المشاريع الصغيرة، والسياحة وإحياء التراث، وتكنولوجيا المعلومات، والبنى التحتية، وتعزيز ثقافة الحوار والتمكين الديمقراطي.
ويعمل الصندوق ضمن قيم مؤسسية واضحة تقع الاستدامةُ في طليعتها، إذ إنّ بعض المشاريع ما زالت مستمرة منذ ١٦ عاماً. ومن تلك القيم أيضاً: الحاكمية، والقدرة على الوصول للفئات المستهدفة، والابتكار، والقيادة، والتطوير، وتعزيز الإنتاجية، والريادة، والإبداع، والتنوع.
•برامج رياديّة
استلهم صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية الرؤى الملكيةَ لتطوير الميزة التنافسية للشباب الأردني لدخول سوق العمل والالتحاق بالفرص التشغيلية، وذلك من خلال تعريفهم بسوق العمل وإكسابهم المهارات الوظيفية والتقنية والتدريب العملي، فوفّر لهم حوالي ٢٠٠ ألف فرصة مباشرة وغير مباشرة ضمن محور "رفع قابلية التشغيل والإعداد لسوق العمل"
واستثمر الصندوق في طاقات الشـباب من خـلال تزويدهم بالدعـم الفني والمالي واللوجسـتي اللازم للإبداع والتميـز والابتكار، وزيـادة قدرتهـم علـى الانخراط فـي مجتمعاتهـم المحليـة، موفّراً حوالي ٩٢ ألف فرصة مباشرة وغير مباشرة للفئات المستهدفة من الشباب ضمن محور "الريادة".
ويعمل الصندوق على زيـادة معـارف الشـباب وبنـاء قدراتهـم وتطويـر مهاراتهـم بمـا يتناسـب مـع متطلبـات العصـر، من خلال محور "القدرات ورفع الإنتاجية"، الذي قدَّم حوالي ٣٧ ألف فرصة مباشرة وغير مباشرة لبناء قدرات الشباب وإكسابهم المهارات التقنية.
ويوفر الصندوق الأدوات التـي تسـاعد الشـباب علـى تبنـّي فكـر المواطنـة الفاعلـة ونشـر القيـم والممارسـات المدنيـة وتعزيزها، خاصـة تلـك التـي تضمّنتهـا الأوراق النقاشـية لجلالة الملك، فوفّر الصندوق ضمن محور "التثقيف الوطني والتوعية المجتمعية"، حوالي ١٣٠ ألف فرصة مباشرة وغير مباشرة للشباب.
ولإيجاد منبرٍ شبابي مؤسسي يتفاعل من خلاله شباب الوطن في جميع المحافظات مع السياسات الوطنية والمبادرات الشبابية في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، أُطلقت مبادرة "هيئة شباب كلّنا الأردن" بوصفها واحدة من حلقات الوصل بين مؤسسات القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني وقطاع الشباب، فنجحت بجهد دؤوب في توفير حوالي ٢ مليون فرصة مباشرة وغير مباشرة.
•تحويل التحدّيات إلى فرص
انطلق صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية في عمله أثناء الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا، من مفهوم "تحويل التحديات إلى فرص"، فواصلَ تنفيذ مشاريعه وبرامجه من خلال الوسائل التقنية المتاحة، للإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة مع الفئات المستهدفة واستدامة الدور الذي يؤديه في المجالات التنموية المختلفة.
وفي هذا الإطار، شارك الصندوق من خلال ذراعه الشبابي، في الحملات التطوعية لتطبيق تدابير السلامة العامة خلال عقد امتحانات الثانوية العامة وإجراء الانتخابات النيابية، إضافة إلى تنفيذ سلسلة من الحملات التطوعية لتعقيم المساجد والكنائس والمحال التجارية وتوزيع الأدوية والطرود لمستحقيها.
ودعماً للجهود الوطنية، قدّم الصندوق الدعمَ لفريق طبي أردني لتصنيع جهاز تنفس اصطناعي للحالات الطارئة، كما وجّه الدعمَ لتطبيقَ "أمان".
•20 عاماً من الإنجاز
برؤية ملكية يحدوها الأمل في زيادة الفرص المتاحة لتحقيق التنمية الشاملة في الأردن، انطلق الصندوق في عام 2001 من فكرة تحفيز التنمية بالاعتماد على الموارد البشرية المزودة بالعلم والتدريب، وقد تحقّق ذلك في البداية من خلال تدريب وتأهيل مجموعة من المتقاعدين العسكريين على مهارات الحاسوب الحديثة واللغة الإنجليزية وتأسيس مشاريع زراعية (مثل معاصر زيت الزيتون البكر) لتوفير فرص عمل لهم في المحافظات.
وتوالت بعد ذلك المبادرات والمشاريع والبرامج الخلّاقة، على غرار إطلاق محطات المعرفة (2002)، وتنفيذ مشروع التغذية المدرسية (مبادرة الفيتامينات)، وتنظيم ملتقى شباب الأردن الأول (2003)، ثم ملتقى شباب الأردن الثاني (2004) الذي مثّلت توصياتُه حجرَ الزاوية في إطلاق مشاريع وبرامج نوعية، من بينها: مشروع دعم البحث والإبداع لطلبة الجامعات، وتأسيس مكاتب الإرشاد الوظيفي ومتابعة الخريجين، ودعم وتسجيل براءات الاختراع، ومشروع المنح الدراسية للطلبة المتفوقين غير المقتدرين.
وشهد عام 2005 إطلاق برنامج "طريقك إلى مهنتك" الذي طُبق في ستّ جامعات قبل أن يجري تطويره إلى مشروع "التدريب من أجل التشغيل" (درب)، كما أُطلق البرنامج التلفزيوني الشبابي "الحكي إلنا" الذي وفّر منبراً للشباب للتعبير عن آرائهم وأفكارهم.
وفي عام 2007 أُطلقت جائزة الملك عبد الله الثاني للإنجاز والإبداع الشباب تنفيذاً لإحدى توصيات المنتدى الاقتصادي العالمي الذي استضافه الصندوق، وذلك لتكريم الرياديين المجتمعيين من الشباب العرب الذين أوجدوا حلولاً مبتكرة لمواجهة تحديات مجتمعاتهم.
ولتطوير المهارات الابداعية وبناء القدرات القيادية، وضعَ الصندوق مشروع تطوير الخدمة المدنية في 2010 لتأهيل موظفي القطاع العام في مجال القيادة وادارة المؤسسات.
ولتشجيع صناعة الألعاب الإلكترونية بوصفها تمثل قطاعاً واعداً من شأنه توفير فرص للتشغيل الذاتي ووضع الأردن على خريطة صناعة الألعاب الإلكترونية في المنطقة، أطلق الصندوق في عام 2011 قمة صناعة الألعاب الإلكترونية، ومختبرات صناعة الألعاب الإلكترونية، ومسابقة تحدي التطبيقات الإلكترونية.
وفي عام 2012 أطلق الصندوق في لواء القصر مشروع التحريج الوطني (جذور)، الذي يعدّ أكبر مشروع للتحريج منذ سبعينات القرن الماضي، إذ يمتد على مساحة 20 ألف دونم، عمل على زراعتها 25 ألف متطوع.
ولتزويد الأردنيين بالموارد المتعلقة بالاستشارات المهنية والتدريب والتوظيف وريادة الأعمال والتطوع، استحدث الصندوق بوابة "فرص" الإلكترونية بالتعاون مع شركاء محليين وإقليميين في عام 2016، لتكون المنصة الوطنية الأشمل للتطوير المهني في المملكة.
وفي عام 2017 أطلق الصندوق مشروع "محاربة الفكر المتطرف" لاستهداف المنظومة الفكرية للتطرف. وفي عام 2018 أطلق مختبر صناعة الألعاب الإلكترونية المتنقل، لزيادة الوعي لدى الشباب بأهمية صناعة الألعاب ودور التكنولوجيا من خلال الوصول إلى المناطق البعيدة.
وشهد عام 2019 إطلاق عدد من المشاريع لتوسيع قاعدة المستفيدين بالتزامن مع احتفالات المملكة بمرور 20 عاماً على تولي جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية، إذ أُطلق مشروع التربية الإعلامية والمعلوماتية الذي يهدف لبناء قدرات نوعية لدى الشباب في التعامل مع مصادر المعلومات ووسائل الإعلام ودعم قدراتهم في التعبير عن الذات. كما أُطلق مشروع الزمالة مع مجلس النواب، بهدف ترجمة الرؤى الملكية في مجال التمكين السياسي للشباب إلى برامج عملية، والاطلاع على الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب.
وأُطلقت كذلك النافذة التمويلية للبحوث العلمية التطبيقية، التي تستهدف الباحثين المبدعين والمتميزين وأصحاب الأفكار الريادية ممن لديهم أبحاث علمية تطبيقية أو الذين أوجدوا حلولاً تطبيقية لمشاكل مجتمعاتهم المحلية. كما انطلقت مسابقةَ تحدي الريادة المجتمعية، بهدف إحداث تنمية مستدامة في المجالات المختلفة والاستثمار بقدرات الشباب وطاقاتهم للمساهمة في إحداث التنمية وإيجاد محركات تغيير إيجابية في المجتمع.
•مشاريع تنموية ومبادرات خلّاقة
تسعى المشاريع التنموية إلى تحفيز البيئة الاقتصادية وتحسينها، مع التركيز على المجتمعات المحلية لتأسيس مشاريعها المدرّة للدخل والمولِّدة لفرص العمل، والارتقاء بثقافة المبادرة والمشاركة في الأنشطة الإنتاجية.
وفي هذا الإطار، ساهم الصندوق في عام 2003 في بناء الشراكات الاستثمارية وتحفيز سياحة المؤتمرات والمعارض على الساحل الشرقي للبحر الميت، من خلال إنشاء فنادق ومنتجعات على غرار مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات وفندق هيلتون ومنتجع سمارة، لتصبح المنطقة وجهة للمؤتمرات ولتشجيع القطاع الخاص على انشاء الفنادق والمنتجعات.
وبهدف تقديم الخدمات المالية المستدامة لأصحاب المشاريع الصغيرة والمدرّة للدخل، أُسس البنك الوطني لتمويل المشاريع الصغيرة ونشر ثقافة التمويل للمشاريع الناشئة في عام 2004. وشهد العام نفسه تنفيذ برامج لتطوير القطاع الزراعي وتنميته، بهدف إنتاج محاصيل ذات جودة عالية، وإنشاء بؤر تنموية في المناطق التي تحتاج إلى تمكين، وتوفير فرص عمل لأبناء المجتمع المحلي.
وللمساهمة في تعزيز القطاع السياحي والفندقي عبر إعداد الكفاءات الفندقية وتعزيز ثقافة التعلم المهني لدى الشباب وتأهليهم وتدريبهم في مجال فنون الطهي، جاء تأسيس الأكاديمية الملكية لفنون الطهي في عام 2008. كما أسست عدة مشاريع بهدف توفير بنية تحتية لاستقطاب الاستثمارات في محافظة معان، ومنها منطقة الروضة الصناعية، وواحة الحجاج، والمجمع السكني للطالبات، ومشروع الطاقة الشمسية.
وفي عام 2010 كان العاملون في القطاع السياحي على موعدٍ مع تأسيس الشركة الأردنية لإحياء التراث، والتي تهدف إلى توفير فرص عمل لأبناء المحافظات، ودعم قطاع السياحة في المملكة، وصناعة منتجات لإحياء التاريخ الأردني. وفي العام نفسه أُسِّست شركة تطوير المشاريع الريادية (Oasis500) تحت مظلة الصندوق، بهدف تدريب رياديين وتأهيلهم وتشجيعهم للتوجه نحو تسجيل الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا والصناعات الإبداعية. كما أُنشئت شركة السنبلة للإنتاج الفني، بهدف تشجيع صناعة الأفلام في الأردن، وكذلك الشركة الأردنية لترويج المنتجات الزراعية التي تهدف إلى تطوير القطاع الزراعي وتنميته من خلال إيجاد نماذج زراعية قادرة على التصدير للأسواق غير التقليدية.
ومثّل عام 2011 محطة نوعية في إطلاق عدة من مشاريع الصندوق، من بينها تأسيس الشركة الأردنية لترويج المنتجات التراثية، بهدف تطوير المنتجات الحرفية والغذائية التقليدية وترويجها تحت اسم علامة تجارية هي (أردن).
وبالتوازي مع البرامج والمبادرات، قدّم الصندوق في مجال تحسين البيئة الاقتصادية، والمشاريع المولِّدة لفرص العمل، ٣٠ ألف فرصة مباشرة وغير مباشرة من خلال المشاريع التنموية.
•مستمرّون في تحقيق التنمية
يمضي صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية قُدُماً في مسيرته الحافلة بالإنجازات، مستنداً إلى استراتيجية متكاملة تعبّر عن رؤية واضحة للارتقاء ببرامجه وتوسيع وتنويع الفئات الاجتماعية المستفيدة منها، وإدامة التواصل مع أبناء المجتمعات المحلية ليكونوا شركاء فاعلين في العملية التنموية، قادرين على التعامل مع التحديات بكفاءةٍ وإيجابية، فهذا ما أرادته وجسّدته "رؤيةُ ملكٍ" استشرفت المستقبلَ استعداداً لعبورهِ بثقةٍ واقتدار.