جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الكاتب- ابراهيم عبدالمجيد القيسي
يقول الخبر بأن مدير الأمن الوطني، اللواء حسين الحواتمة، حكم على سائق شرطي بالسجن، بسبب وقوفه بسيارة الأمن التي يقودها في الشارع، وبطريقة مخالفة لقانون السير..
هل الخبر عادي؟!.. قد يقول بعضنا كذلك، بينما الجزء الآخر سيقول بأنه غير عادي، وأنا مع الجزء الثاني، لأن الشرطي أو العسكري بشكل عام، وحين يخالف بعض قوانين العسكرية، فإن مسؤولية محاكمته، تكون من صلاحيات قائده أو مديره المباشر، أما في الحالات التي يكون فيها طرفان أو أكثر، من بينهم شرطي أو عسكري، فإن النظر في القضية وبالتالي الحكم على المتهمين، بعد تجريمهم، يكون مسؤولية القضاء المدني والعسكري، وتكون قليلة جدا تلك الحالات التي يتدخل فيها قائد سلاح أو جهاز باستخدام صلاحياته القانونية، في إطلاق حكم على عسكري أو شرطي خالف القوانين العسكرية، لكن لماذا فعلها الحواتمة، وأية رسالة يريد تبليغها للجهاز الأمني وللإعلام والمجتمع؟!.
على الرغم من أن جهاز الأمن العام بمختلف منتسبيه، جهاز منضبط ولا يقوم منتسبوه باستغلال وظيفتهم، ومسؤوليتهم عن تنفيذ القانون، حيث قلما تحدث مواقف أو أخطاء فردية، مقارنة بحجم الجهاز وعدد منتسبيه، وحجم احتكاكهم مع الناس ومع جوانب كثيرة من الشأن العام، أقول برغم كل هذه الحقائق، فإن خطأ واحدا ومهما كان بسيطا يقع فيه شرطي، وبغض النظر عن أسباب وقوعه في هذا الخطأ، فإننا لا نرحم الشرطي المخطىء أو المخالف، ويمتد الحديث ليطال جهازه ومدراءه، ولا تسلم الدولة كلها من الحديث الناقد، بينما موقف كهذا الحكم الذي أطلقه مدير جهاز الأمن الوطني الكبير، قد لا يستوقفنا ونصفه بالموقف العادي الطبيعي.. نقول نعم، من الطبيعي ان يخطىء العسكري والشرطي في بعض المواقف، لكن الطبيعي أن تتم محاكمته من قبل مديره المباشر، وفي حالة قيام القائد المسؤول بالتدخل، يصبح الأمر غير هادي، وتكون الرسالة كبيرة ومتعددة الأهداف والعناوين، لعل أهمها (القدوة)، فحتى تكون هناك ثقة كاملة برجل الأمن، وبالتالي هيبة محببة للناس، فعليه أن يطبق القانون على نفسه إن هو أخطأ، وعليه أن لا يخطىء أصلا.
اهم وأقوى رسالة من موقف الحواتمة ليست للإعلام ولا للناس ولا سياسية، كما قد يفهم بعضنا، بل هي موجهة لرجال الأمن أنفسهم، فهم كعسكر وشرطة أفرادا وضباطا، أول من يلتقط الحكمة من الموقف الصارم الذي اتخذه الباشا الحواتمة بحق الشرطي المخالف، مفادها أن الحكم على شرطي يخطئ، وينتهك قانونا في الشارع العام، سيكون سريعا وميدانيا وقاسيا، وربما مضاعفا، لأن رجل الأمن قدوة، وهو رمز لهيبة الدولة بين الناس في الشارع، وغير مسموح له الخطأ..
أقول هذا وفي ذهني ألف موقف ارتكبته أجهزة أمنية وجيوش في بلدان كثيرة حولنا بحق شعوبها، وتقفز المقارنات لصالح عسكرنا وأجهزتنا الأمنية لا سيما الأمن العام، فالأخلاق والمسؤولية والأمانة والهيبة النبيلة، تكمن في التزام الذين ينفذون القانون بها (وتاريخهم يشهد بأنهم نبلاء)، لأنهم بهذا الإلتزام؛ وقبل حمايتهم لقانون وحقوق وأملاك وأوطان، إنما يحرسون منظومة قيم وأخلاق عالية، يدركها جيدا ويتفهمها كل من يتمتع بالأخلاق.
وأطالب اللواء الحواتمة بالعفو والصفح عن الشرطي، فالرسالة بلغته وبلغت كل الجهات، وذلك دون أن أعرف ظروف وقوعه في الخطأ، لأنني أستبعد ألا يكون لدى الشرطي سبب دفعه للوقوف بالسيارة مخالفا، والعفو هو درة تاج الأخلاق.