جفرا نيوز - تقرير: موسى العجارمة
بين الفينة والأخرى يشكون معاناتهن بصمت مطبق؛ إثر ما حدث معهن من مصاعب وخذلان تتربص لهن؛ بسبب الظروف الاجتماعية تارة والأوضاع المادية تارة أخرى، بالتزامن مع خوفهن الكبير من رفع أمر الدفاع خلال الأيام القادمة الذي سيودي إلى نهايات لا تحمد عقباها نظراً للقادم المجهول العالق أمامهن.
نساء مثقلات بالديون أمام مصير مجهول لا بواكي على حالهن المشؤوم، مطالبات بإيجاد حلولٍ سريعة لمعاناتهن الأليمة، وخاصة بأن جائحة كورونا أطاحت برزقهن ونالت أزرهن، وسط إجراءات من جهات عديدة أسهمت بتقليل الأعباء شيئاً فشيئاً.
النساء الغارمات يصارعن المجهول وسط حالة ضبابية يرثى لها، داهمت منازلهن وقطعت أوصالهن، لتعود قضيتهن في واجهة الشارع، ولتقضّ مضاجع الأردنيين من جديد، فهل من مجيب؟.
* د.ريم أبو حسان: لا بد من تحديد سعر الفائدة
وزير التنمية الأسبق د.ريم أبو حسان تشدد على ضرورة إيجاد منظومة متكاملة للتعامل مع التحديات المرتبطة بتعثر المدين وحبسه، لكون هناك عدداً كبيراً من الرجال والنساء المطلوبين من قبل التنفيذ القضائي على قضايا مالية منها: ( قروض شخصية واستهلاكية او لمشاريع إنتاجية).
وتوضح أبو حسان أثناء حديثها لـ"جفرا" أنه في ظل استمرارية إمكانية حبس المدين بموجب قانون التنفيذ على القضايا المدنية وليست الجزائية، فإن موضوع حبس المدين يبقى تحدياً كبيراً في مجال حماية حقوق الإنسان تحديداً، بالإشارة إلى أهمية حماية حقوق الدائن الذي يعد أمراً أساسياً؛ لضمان استمرار الحياة الاقتصادية، مطالبة بضمان حقوق الدائنين وعدم انتهاك حرية المدين من قبل الحكومة والسلطة التشريعية والقضاء، مع أهمية وضع سياسة جديدة تضمن حق الطرفين.
" وهناك مجموعة من التدخلات المطلوبة منها: وضع تعريف لمن هو (الغارم والغارمة)، إضافة لقيام البنك المركزي بتحديد سعر الفائدة والعمولات لشركات التمويل الأصغر المرخصة من قبل البنك المركزي وإصدار تشريع ينظم عمل الشركات المالية غير المرخصة التي تقدم قروضاً وهي السبب الرئيس في وجود مشكلة الغارمات أصلاً ". بحسب أبو حسان.
وتؤكد أن قانون (الربا الفاحش) من الممكن أن يكون رادعاً لهذه الشركات المالية غير المرخصة من خلال مراجعة المحكمة لتلك القروض، لافتة إلى أن هذا الجهد القانوني يتطلب تعاون المحامين ومؤسسات المجتمع المدني في تسجيل دعاوى مدنية باسم المدين بمواجهة هذه الشركات التي تغولت على الموطن وأسرته.
* أبو الراغب: لا يجوز حبس المدين قانونياً
* المحامي والناشط السياسي طارق أبو الراغب يبين أن مسألة وجود الغارمات سببها الرئيسي قانون الربا الفاحش، وصناديق الإقراض التي أخذت دور البنوك واغرقت الأسواق بالديون؛ لكونها تقدم قروضاً دون إشتراطات مرتبطة بكفالات وضمانات.
"ماذا عن حبس المدين؟"، يؤكد أبو الراغب أثناء حديثه لـ"جفرا نيوز" أنه لا يجوز حبس المدين قانونياً، لطالما هناك معاهدات دولية موقع ومصدق عليها في عام 2006 إلا أن قانون التنفيذ ما يزال يخالف هذا النص على الرغم من أن المعاهدات تعلو على الدستور والقوانين المحلية بحسب ما أكدته المحكمة الدستورية.
الحلول من وجهة نظر أبو الراغب تكمن بإلغاء حبس المدين كفكرة لتحصيل الدين، لأن ذلك سيجعل الدائن عندما يمنح قرضاً لأحد المقترضين، يفكر ويتحرى في كيفية عملية السداد مما سيغلق ملف الغارمات بالكامل، إضافة لإدراج "الربا الفاحش" في قانون العقوبات؛ لكون هناك ربا واضح ولكن لا يوجد أدلة قطعية.
* مبادرة أردن النخوة
مدير عام صندوق الزكاة عبد السميرات يوضح لـ"جفرا" أن مبادرة أردن النخوة للغارمات انطلقت بتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم حفظه الله الذي كان من أول الداعمين للحملة الوطنية لمساعدة السيدات الغارمات، موضحاً أن جلالة الملك دعا من خلالها إلى جهد وطني تشاركي تكريساً لقيم التكافل في المجتمع الأردني بكل أطيافه ومؤسسته .
"وترتكز المبادرة على عنصر المشاركة الفاعلة والاستدامة والاستمرارية التي تشكل مظلة لتوحيد الجهود في مختلف المبادرات عبر تفعيل الشراكة بين جميع القطاعات الرسمية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني لتحقق أهدافها بشكل فاعل وجماعي مدروس" بحسب سميرات .
حول الأهداف العامة، يشير إلى أنها جاءت لتكريس مفهوم العمل الوطني المؤسسي والمشترك والخدمة العامة كقيم وطنية عليا والتركيز على الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذه الحملة بحيث يلمس نتائجها المواطنون على أرض الواقع .
ويتابع: إنه تم إبرام إتفاقية ما بين صندوق الزكاة ووزارة العدل ومديرية الأمن العام وتم من خلالها تزويد صندوق الزكاة بأسماء الغارمات من خلال وزارة العدل وإدارة التنفيذ القضائي وحسب الشروط وأسس معينة، ومن ثم يعتمد الصندوق اسماء الغارمات ممن تنطبق عليهن الأسس والشروط المذكورة بعد التدقيق حسب الأصول دون النظر إلى الجهة الدائنة ويتم الدفع عنهن بموجب شيك لوزير العدل كأمانات التنفيذ القضائي واستلام كف الطلب عن كل غارمة من المحاكم صاحبة الاختصاص.
* المجلس الاقتصادي والاجتماعي: أطلقنا دراسة لإلغاء الحماية الجزائية عن الشيك
المجلس الاقتصادي والاجتماعي يؤكد في تصريح لـ"جفرا نيوز" أنه قام في وقت سابق بإعداد دراسة بعنوان الآثار الاجتماعية والاقتصادية لمقترح إلغاء الحماية الجزائية عن الشيك وحبس المدين، مضيفاً أن هذه الدراسة لم تنشر بعد وتطرقت الى قضية الغارمات وبينت أن الطلبات على الغارمات ارتفعت وأصبحت من (419) في عام 2015 الى (8276) مطلوبة في عام 2019، كاشفاً أن عدد الطلبات الفعالة بلغ (10320) طلباً في حين كانت الطلبات المكفوفة (15198) طلباً ليبلغ العدد الاجمالي للطلبات الفعالة والمكفوفة (25518) طلباً.
وشهدت الأعوام الماضية ارتفاعًا في عدد الغارمات، ولعل ذلك يشير إلى وجود اختلالات في الثقافة الائتمانية بشكل عام، او عدم تقييم القروض المقدمة بشكل صحيح من قبل المؤسسات المقرضة مما يؤدي الى انفاقها بالشكل غير الملائم من قبل المقترضين. وفق المجلس الاجتماعي والاقتصادي.
ويطالب المجلس الاجتماعي والاقتصادي تقييم وضع الغارمات بشكل دقيق لتجاوز المشكلة وعدم تكرارها مستقبلاً، مشدداً على تفعيل قانون البنك المركزي في إدارة وتنظيم برامج ومؤسسات التمويل الأصغر التي تعتبر البداية الرئيسة لمعالجة المشكلة، إضافة إلى ضرورة التوعية الحقيقية حول طرق الاستفادة من برامج الإقراض والإدارة المالية للمقترضين والمنتفعين.
* ماذا عن دور مؤسسات المجتمع المدني؟
مسؤول مشروع الغارمين في جمعية سنحيا كراماً الخيرية ليث حطيني ، يقول إن الجمعية أطلقت مشروع مديون (الغارمين) للإفراج عن أرباب الأسر المطلوبين أو المسجونين على قضايا مالية دون مبلغ (1000) دينار سواءً غارمين أو غارمات.
ويضيف حطيني لـ"جفرا نيوز"، أن هذه المبادرة جاءت من باب مساعدة الأسر الغارمة التي بحاجة إلى طرد الغذائي وتسديد إيجار المنزل وغيرها من الاحتياجات الرئيسة لأطفالهم، لافتاً إلى أن أبرز مطالب تلك العائلات هو الإفراج عن المعيل من السجن أو كف الطلب عنه سواء كان الأب أو الأم وسيقوم هذا المعيل بتأمين احتياجات الأسرة المادية والمعنوية، عوضاً عن أن هذا المشروع الذي يأتي كمصرف صريح من مصارف الزكاة المنصوص عليها في القرآن الكريم.
وحول برامج الجمعية، يوضح أنه خلال هذه الأعوام أسهمت الجمعية بالإفراج وكف الطلب عن (673) غارم وغارمة حتى نهاية عام 2020، ليكون هذا الإنجاز من أبناء الأردنيين الذين ساهموا بزكاة أموالهم وصدقاتهم.
* مذكرة نيابية تطالب مؤسسات الإقراض بتوعية النساء
طالب 28 نائباً عبر مذكرة نيابية من الحكومة بدراسة قروض وشروط المنح من شركات التمويل مع مراعاة الأوضاع الاقتصادية العامة في الأردن بسبب ملاحقات قضائية لعددٍ كبير من السيدات في الأردن لعدم قدرتهن على دفع وسداد قروض السيدات، مشددين على ضرورة إعفاء بعضهن، خصوصًا اللواتي بقي عليهن مبالغ قليلة.
ودعا النواب عبر المذكرة بإلزام مؤسسات الإقراض بتبصرة المقترضة بشروط العقد وفترات التسديد، وإعلامها بحقوقها قبل التعقاد و بالإجراءات في حال التعثر، مع إلزام هذه المؤسسات بتعديل طريقة تعامل المحصلين مع المقترضات وتثقيفهن وتوعيتهن بكيفية عملية السداد، وتقديم الدعم الفني والتدريبي لهن لإنجاح مشاريعهن.
يذكر أن هناك عدداً كبيراً من الغارمات مطلوبات بقيم مالية تتراوح بين 500-3000 دينار، بهدف تغطية احتياجاتهن الاقتصادية أو المعيشية أو تمويل مشروع صغير يحسّن دخل العائلة، او بدافع من الزوج أو الأسرة، وعندما لا تتمكن المرأة من السداد ترفع قضية عليها أمام المحاكم وتسجن لحين السداد.
وكان جلالة الملك عبد الله الثاني قد أطلق مبادرة وطنية لمساعدة الغارمات في عام 2019 وكان أول الداعمين لها بشكل شخصي، وحققت تفاعلاً كبيراً وغير مسبوق في المجتمع الأردني.
يشار إلى أن مجلس الوزراء أصدر قرارًا يقضي بأن "الغارمة” هي تلك المطلوبة للتنفيذ القضائي بسبب التزام مالي يقل عن ألف دينار، على أن تثبت بالدليل أن ملكية أسرتها وقدرتها المالية لم تمكنها من سداد هذا الدين.
كما أصدر مجلس النواب أقر في شهر أيار (مايو) 2018، قانون الإعسار، الذي يمكِّن الأفراد والشركات من إعادة تنظيم أعمالهم بموجب الصفقات التي يصلون إليها مع الدائنين، لكنه "لم يتناول مسألة سجن الأفراد المثقلين بالديون بموجب قانون العقوبات وقانون التنفيذ القضائي”، حسب نتائج المشروع.