جفرا نيوز - صمت مطبق تمارسه وزارتا التربية والتعليم والصحة، حول ملفات تعليمية-صحية، باتت الضبابية تغلفها، لا سيما في أعقاب الإفصاح عن الإطار العام لترتيبات عودة الطلبة للفصل الدراسي الثاني في السابع من شهر شباط (فبراير) المقبل.
ملفات ساخنة تحولت الى باردة رويدا رويدا، بعد أن وضعت على مائدة الوزارتين "الصحة والتعليم” وطال انتظار مراقبين للمشهد التعليمي والصحي على هذه المشاريع الحيوية التي تخللتها حالة من الشد والجذب، كان أهمها مشروع الوجبة المدرسية والمطبخ الإنتاجي، وعملية تدفئة المدارس في ظل هذا البرد القارس، والتعامل مع هجرة طلابية من المدارس الخاصة الى الحكومية، وبرنامج مطاعيم روتيني للصفين الأول والعاشر بهدف حمايتهم من أمراض معدية انقرض أغلبها منذ ربع قرن.
لحين اشعال فتيلة الفانوس تحت هذه الملفات، لم تعلن "التربية "ضمن رؤيتها التي يشوبها الوضوح حول آلية الدوام بقول الوزارة "بالتناوب بواقع يومين او ثلاثة ويجمع ما بين الوجاهي وعن بعد”، والحالة النفسية لتهيئة الطلبة للعودة بعد انقطاع دام قرابة العام، إلى ملف آخر سقط سهوا، يلتصق مباشرة بالمدارس الحكومية ذات الفترتين واستمرارية تقليص مدة الحصة من 45-30 دقيقة، وكيفية تنظيم اسطول النقل الحكومي للمدارس بالتنسيق مع هيئة النقل البري.
فيما لم توضح الوزارة أيضا، كيفية حماية الطلاب من أمراض الشتاء التي تصيب بحسب تقارير رسمية للصحة المدرسية بنسب مرتفعة، الجهاز التنفسي وتسبب التهاب الحلق للطلاب رغم ان "التربية” شددت في إجراءاتها الاحترازية والوقائية على حمايتهم من فيروس كورونا "كوفيد 19″، لكنها "تتجاهل” ملف كيفية حمايتهم من امراض موسمية معدية اخرى قد تنال من اجسامهم داخل الشعبة الصفية.
كذلك، قد تصطدم الوزارة كالعادة، بملف تحسين البنية التحتية للمدارس وصيانتها قبل العودة، بالإضافة الى شح في توفير الميزانيات الحكومية المخصصة لغايات توفير وسائل التدفئة الآمنة داخل الغرف الصفية، وغالبا ما تلجأ اغلب إدارات المدارس لشراء مادة الكاز لمدافئ يتنافس عليها المعلمون والطلبة، وسط تخوفات من اشعالها حفاظا على سلامة الطلبة من انبعاث غازات خانقة وبين انفاق "غير مدروس” وعدم صيانتها قبل عودة الطلبة.
وعليه، يرى مراقبون ان الوزارة وقعت في تناقض صارخ في هذه المسالة الجدلية التي تلقي بظلالها على الرأي العام في بداية فصل الشتاء، حول كيفية توفير بيئة تعليمية صحية مناسبة للطلبة والمعلمين، بذريعة الحفاظ على صحة الطلبة من مخاطر قد تنجم عن المدافئ وبين عدم استخدامها لرفع حرارة جسم الأطفال الذين باتوا "يجلسون على مقاعد البرد”.
ووفق مراقبين، فإنه وبالنظر الى فئة المشمولين بالتعليم الوجاهي للفصل الثاني، فهي تبدأ من صفوف رياض الاطفال الى الصف الثالث الأساسي، واغلب هؤلاء الطلبة كانوا يهرولون للمدرسة بحسب مناطقهم، كالمعتاد، تحت زخات المطر الغزيرة ويقعون تحت رحمة برد شهر "شباط الخباط”، الذي لا يفرق بين صغير او كبير رغم ان أجراس المدارس تنبض بالحياة.
وقبل قرار اغلاق المقاصف المدرسية بسبب الجائحة، كانت الوزارة تسمح بحسب بياناتها الرسمية أن "تقتطع جزءا من أرباح المقاصف المدرسية لصرفها على بدل المحروقات ويتم توزيعها على المديريات بنسب متفاوتة”، حيث دعت إلى توفير وسائل تدفئة حديثة (مركزية، مكيفات)، بدلا من الاعتماد على مدافئ الكاز التي تسبب العديد من الإشكالات والمخاطر على صحة الطلبة والمعلمين.
غير ان تصريحات صحفية سابقة من أغلب مديري المدارس الحكومية، أكدت "أن أغلب المدارس لا تشغل مدافئ الكاز داخل الصفوف حرصا على السلامة العامة للطلبة، والسبب الرئيس لعدم استخدامها ان نوعيتها رديئة، وبحاجة إلى صيانة باستمرار، ولا تملك المدارس ميزانية لإجراء هذه الصيانة التي تعادل تكلفتها ثمن مدفأة جديدة”.
كما يعتبر مراقبون، "ان وزراء التربية والتعليم بصفتهم الاعتبارية اخفقوا في تنفيذ استراتيجيات التربية والتعليم في مجال البنية التحتية والبيئة المدرسية المناسبة وتحقيق الهدف السامي وهو أن تكون مدارس الأردن صديقة للأطفال”.
ثمة "ضبابية” شابت تفاصيل بعض قرارات وزارة التربية وتراخي "الصحة "، ولم يتم حتى الآن التوصل الى آلية واضحة حول كيفية توزيع الوجبة المدرسية "الصحية” على 450 الف طالب وطالبة في جيوب الفقر، وحصر الاعداد النهائية من اجل تحضيرها قبل دوام الطلبة الفصل الدراسي المقبل، مما يتطلب التسريع باتخاذ القرار المناسب لرفع مستوى التنسيق مع الجهات الداعمة والمنفذة، وهما من خارج أسوار وزارتي الصحة والتربية.
وبالعودة الى اعداد الطلبة المشولين ضمن المشروع الوطني والأممي، فان آلية توزيع الوجبة على الفئة المستهدفة تشمل طلاب الصف الأول وحتى السادس الإلزامي، فيما سمحت "التربية "بعودة الصفوف الأولى (الأول حتى الثالث) مما شكل تحديا اخر لجميع الجهات المعنية.
وبذلك دفعت الوزارة تلك الجهات نحو العودة للمربع الأول وهو كيفية إيصال هذه الوجبة لمستحقيها من الطلبة، مع العلم ان وزير التربية والتعليم، تيسير النعيمي، اكد مؤخرا، ان "التربية ستجد آلية للتوزيع بالتنسيق مع اذرعها من مديري التربية في المناطق المستهدفة”.
تكتم شديد أيضا من قبل المسؤولين في وزارتي التربية والصحة، حول توقيت تنفيذ برنامج المطاعيم، رغم أنهم في سباق مع الزمن، حيث لم يتبق سوى 18 يوما للسابع من الشهر المقبل اي موعد بدء الدوام، و”المطاعيم المدرسية سيتم إتلافها، الأمر الذي يُسبب هدر أموال وزارة الصحة المخصصة للبرنامج الوطني للمطاعيم، وهي بأمس الحاجة إليها لمواجهة وباء فيروس كورونا.
وما بين انتهاء صلاحية المطاعيم وبين عودة الطلبة يوم واحد فقط، حيث إن انتظام الطلبة في السابع من الشهر المقبل، لم يعلن حتى الآن ترتيب توزيع الفرق الطبية والتمريضية المعنية بالتوجه للمدارس الحكومية لتطعيم الطلبة، بحسب جدول يحقق التوازن بين تطعيم الطلبة وتوفير الخدمة للمرضى في المراكز الصحية والشاملة.
ومع ذلك، نفذ من "خرم إبرة” المطاعيم، ما يقارب 200 الف طالب وطالبة التحقوا بالصف الأول في العام الدراسي
2020 / 2021، وهؤلاء سيتم تقوية مناعتهم ضد 3 أمراض معدية، هي: شلل الأطفال والدفتيريا والكزاز، وتُعتبر من أهم استراتيجيات البرنامج الوطني للتطعيم.
في حين ظل عالقا ما يقارب 120 ألف طالب وطالبة من الصف العاشر بانتظار قرار وزارة التربية بعودتهم للمدارس وتلقيهم التعليم الوجاهي بحسب رصد مؤشرات انتشار الوباء، علمًا بأن "العاشر” من الصفوف المستهدفة بالمطعوم الثنائي (الدفتيريا والكزاز)، بحسب البرنامج الدوري للمطاعيم.
ويرى مراقبون، أن هناك تخبطًا واضحًا في اتخاذ قرار حاسم حول آلية عودة جميع الطلبة للمدارس، علمًا بأن هناك انتشارا مجتمعيا لفيروس كورونا ونسب الإصابة بالفيروس بين الأطفال منخفضة، في الوقت نفسه لن يتم تحصين الطلبة بلقاح كورونا تحت سن 18 عامًا، متسائلين، "هل بإمكان الحكومة أن ترتب هذه الملفات بشكل مدروس ومنظم وتقديم أجوبة منطقية للرأي العام حول قضايا تمس مصلحة الطلبة الفضلى؟”.
وتطابقت هذه الآراء مع القائمين على الحملة الوطنية للعودة الى المدارس "نحو عودة آمنة لمدارسنا”، التي اعتبرت أن "القرارات الحكومية المتعلقة بآلية العودة إلى المدارس، لا تنسجم مع روح التوجيهات الملكية السامية للحكومة بإعادة الفتح التدريجي للمدارس”.
وأعربت الحملة، عن خشيتها من أن تكون هذه الإجراءات "إفراغا لقرار العودة إلى المدارس من محتواه”، خصوصا أن بعض الإجراءات تمثل تشددا ليس مطلوبا تطبيقه لضمان العودة الآمنة، مذكرة في هذا السياق "باستقرار الوضع الوبائي في الأردن فضلا عن البدء في حملة اللقاحات الوطنية لمكافحة وباء كوفيد 19”.
الغد - حنان كسواني