النسخة الكاملة

هل تخرج حكومة الخصاونة من عنق الزجاجة وتحقق طموح الاردنيين بعد اكتساب ثقة النواب؟

هل تخرج حكومة الخصاونة من عنف الزجاجة وتحقق طموح الاردنيين بعد اكتساب ثقة النواب

الخميس-2021-01-16 08:34 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - نجحت حكومة بشر الخصاونة، في اختبارها أمام مجلس النواب، ونالت ثقته بـ88 صوتا، وهي ضمن المعايير الاقتراعية، (أغلبية)، وهذا بدوره يدفع لانتقالها إلى نيل "الثقة” على استحقاق صعب هو إقرار الموازنتين: العامة للدولة والوحدات الحكومية للعام 2021.

ولا تقف تحديات الحكومة عند هذين الاستحقاقين فقط، بل يتوجب عليها، وفقا لخبراء ومراقبين، أن تذهب إلى أبعد من ذلك، "وهي صاحبة الأغلبية” الى إعادة ترتيب بيتها الداخلي والتخلص من الحمولة الزائدة في تشكيلتها الوزارية وموظفيها، جنبا الى جنب مع تعزيز خطواتها في مواجهة تداعيات جائحة كورونا، وتبعاتها الضاغطة على ملفي الاقتصاد والمجتمع.

حالة الاشتباك الجديدة بين الحكومة ومجلس النواب، كشفت عن تناغم غير معلن ضمن مستويات مختلفة، فقد نجحت بإيجاد كتلة صلبة في المجلس تساندها، ولها المقدرة على التدخل عند الحاجة، بينما يتوجب عليها مقابل ذلك، تقديم نموذج مغاير للتوقعات عن الحكومات السابقة، بعد انتهاء مرحلة "عض الأصابع” وجس النبض، عبر تقديم برنامج تنفيذي وازن وقابل للحياة، يمكن تطبيقه على أرض الواقع، ويكون مرتبطا بجدول زمني ومؤشرات أداء.

وحتى في بيان الثقة، لم ترفع حكومة الخصاونة سقف التوقعات، وظهر ذلك جليا في بيان الثقة، فقد كانت تعهداتها الأقل نسبيا بين الحكومات السابقة، غير أن ملفات ضاغطة تدفع بها بقوة الى الواجهة؛ بينها ملفا: الفقر والبطالة وحماية الاقتصاد ومنشآته.
وأشار الخبراء الى أن أولويات وبرامج الحكومة، تتبلور بردم فجوة الثقة مع المجلس والشارع معا، والدفع بإنجاز مطالب المواطنين، في نطاق المسألة التعليمية، والنهوض بها، والتوجيه الحقيقي لتحقيق إصلاحات اقتصادية وبنيوية في اقتصاد الدولة، وإعادة النظر في السياسات الضريبية القاسية، وتفعيل سيادة القانون ومكافحة الفساد، ووضع خطوط وملامح واضحة لإنجاز إصلاح سياسي عبر بوابة إعادة النظر بقانون الانتخاب، تمهيدا لما ستكون عليه المرحلة المقبلة.

فالمنظومة التربوية تحتاج لإعادة نظر علمية، تواكب أحدث ما يجري في نطاق التعليم في العالم، لإصلاحها وتطويرها، على أسس تحفظ النهوض بالمحتوى التعليمي، والطالب والمعلم والمنشأة التعليمية، للحصول على مخرجات، تسهم بتحقيق مشروع النهضة الوطنية.

وهذا أيضا يتطلب الذهاب الى الاقتصاد المنتج، بما يمكن من وضع الأردن على خريطة الدولة المنتجة، وما يساعد على وضع حد لتفاقم ارتفاع نسبة البطالة، ووقف قفزات الفقر المعيشي، عبر تحسين الواقع الاقتصادي التنموي للمواطن، وتحقيق أمان اقتصادي ومعيشي.

وهذا بدوره، يتطلب من الحكومة في الفترة المقبلة؛ إعادة النظر في آليات الإجراءات المالية والضريبية، وتخفيف أعبائها على المواطن والمنشآت الاقتصادية، ما يتطلب قبل اتخاذ هذه الخطوة، إطلاق حوار اقتصادي، تشارك فيه جميع قطاعات العمل والاقتصاد، للوصول الى مشتركات وتفاهمات وتصورات، تدفع بالبلاد الى الخروج من عنق الزجاجة.

ورأى الخبراء، أن على الحكومة ترسيخ مفهوم المواطنة والانتماء، وهذا لا يتأتى الا بحوار وطني واضح، يرتكز على خلق لغة تذهب الى صياغة الهوية الوطنية في نطاق من العدالة والحرية والأمان المجتمعي، وتعزيز ثقافة الحفاظ على مقدرات الدولة، عبر قطع يد الفساد ضمن سياق تشريعي، لحماية هذه المقدرات، وإعادة الثقة للمواطن بالمؤسسات، بعيدا عن آليات العمل السابقة في مكافحة الفساد التي أفقدت المواطن الثقة بالمؤسسات والمسؤولين، وأن تستند الآليات الجديدة في مكافحة الفساد إلى المكاشفة والشفافية والحوار الحيوي بين الدولة والمجتمع، دون تخويف أو ترويع.

ولفتوا الى ضرورة تعزيز سيادة دولة القانون، والحد من تأثيرات التعصـب المجتمعي بأشكاله كافة، وتطوير المفاهيم الاجتماعية عبر وسائط الإعلام واللقاءات الفاعلة للمسؤولين والنخب الفكرية، لخلق مناخ يسهم بوضع حد للانزلاقات الفئوية والجهوية والعشائرية.

وشدد هؤلاء الخبراء على أن تحصين الجبهة الداخلية، يتطلب من الحكومة الدفع نحو إجراء إصلاحات حقيقية، ترفع من سوية المؤسسية، ومعالجة التشوهات التي لحقت بالإدارة العامة، والملفات التي تعنى بتنمية معيشة المواطن وتمس حياته مباشرة، كالعمل والدخل والسكن والصحة والحريات والإعلام، والارتقاء بإصلاحات سياسية واقتصادية، تأخذ بيد المواطن الى الاطمئنان على مستقبله ومستقبل أبنائه.

وأكدوا أن أبرز أولويات الحكومة، تتبلور في خلق مناخات عمل جدية، تحارب خلالها جيوب الفقر والبطالة، وتدرس ما طرأ من تغييرات على القيم المجتمعية التضامنية، لتعيد إليها حيويتها وفاعليتها، بخاصة بعد تأثيرات جائحة كورونا القاسية على المواطنين.
وفي المحصلة، فإن البرنامج التنفيذي الذي ستطلقه حكومة الخصاونة بعد الانتهاء من استحقاق الموازنة العامة، وربما تقدم على تعديل وزاري يعيد التجانس والتناغم الى مجلس الوزراء والحكومة، سيكون الاختبار الأصعب لإعادة الثقة مع الشارع، دون رفع سقف التوقعات، بخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة حاليا.

كما يمكن أن يلعب البرنامج التنفيذي وأجندة وتعهدات الحكومة للعام الحالي، دورا بارزا في إعادة مفهوم سيادة الدولة والولاية العامة، اذا ما أتيح للحكومة العمل بحرية ودون ضغوط خاصة، مع انخفاض معدلات الإصابة بفيروس كورونا، ووجود مطعوم الفيروس ضمن الخطة الوطنية للتطعيم، ما يمكن الحكومة من العمل بقوة واتزان في النصف الثاني من العام الحالي، لإعادة قطاعات السياحة والاقتصاد لترميم الواقع الاقتصادي، وتعويض الخسائر التي ترتبت على عدد كبير من المنشآت الاقتصادية السياحية.

وهذا يتطلب أيضا، وفق الخبراء، وجود فريق اقتصادي قوي وقادر على التكيف مع الواقع الجديد، لإخراج الاقتصاد من أزمته بحلول خلاقة ونوعية، ما ينعكس بشكل مباشر على الحد من معدلات البطالة التي ارتفعت الى مستويات قياسية، كما يمكنه أن يحد من ارتفاع معدلات الفقر والحفاظ على ما تبقى من الطبقة المتوسطة.

وبالمجمل، يبقى الرهان على نجاح الحكومة في نيلها ثقة المواطن، بتعزيز شعوره بأنها فاعلة وقادرة على اجتراح حلول للواقع المعيشي والاقتصادي الصعب.

الغد - محمود الطراونة