النسخة الكاملة

كريشان يكتب: عن شركس وشوام الأردن يا سعادة النائب العتوم.. نص للذكرى وفيديو

الخميس-2021-01-08 10:35 am
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - بقلم - الصحفي محمود كريشان

بداية.. ان هذا البلد.. المملكة الأردنية الهاشمية التي تأسست على المحبة والحرية والتسامح وكانت ولا تزال بلد الأسرة الواحدة التي يجمعها الهواء الهاشمي النقي والعليل.. ونسائمه تعانق كافة ارجاء هذا الحمى المبارك.. وعمان هي مدينة الحب الأخوي التي شيدها الشركسي والشامي والبدوي والمقدسي لتكون عاصمة الأردن الحبيب..

كان لزاما ان نمر على هذا الاستهلال ونحن بصدد تسجيل العتب وسرد الرد على ما ورد في كلمة النائب المحترم زيد العتوم وهو يصف بكلمته تحت قبة البرلمان امس، شراكسة وشوم الاردن بعبارة لاجئين وما رافق كلمته من مصطلحات تجانب حقيقة الواقع والبناء ومداميك خالدة وضعها بكل فخر وشجاعة الشوام والشركس في بناء مملكتنا الفتية التي ستحتفل بمئوية تأسيس الدولة الاردنية الهاشمية الخيمة الوارفة التي استظل تحت ظلالها الطاهرة الآمنة الجميع من شتى اصولهم ومنابتهم الكريمة.

وهنا نود تذكيركم سعادة النائب بانه بدأت هجرة الشركس من القفقاس لأول مرة عام  1858 م بشكل متقطـِّـع ، ولكنها تزايدت خلال الفترة الواقعة بين عامي 1864 – 1878 م ، وقد تركوا وطنهم حماية لدينهم أمام محاولات القمع والإبادة ، وتحمَّـلوا المشاق والصعاب في هذا السبيل ، وارتضوا بأن يستبدلوا بلادهم القفقاسية الخضراء الجميلة وجبالها الشاهقة وغاباتها الكثيفة ومياهها الوفيرة بوطنهم الثاني الأردن ، ولم يكن في الأردن في ذلك الحين مدينة اسمها عمان ، وكل ما كان هناك بقايا إطلال رومانية لمدينة عمُّـون التاريخية ، وأبرز هذه الأطلال المدرج الروماني الشهير ، المعروف باسم ( فيلادلفيا )  والحمامات الرومانية التي ما زالت آثارها باقية في سقف السيل والاكتشافات الاخيرة بوسط البلد، والقلعة التي تشرف على خمسة أودية تتشكل منها الآن العاصمة عمـَّـان ، هذا بالإضافة إلى جامع قديم مهجور يعود في تاريخه إلى عهد الأمويين ولا صلاة تقام فيه ، وبرج عال أشبه بالمأذنة ، وتقول رواية أن الجامع والبرج من آثار البيزنطيين ، وتـمَّ تحويلهما في العهد الإسلامي إلى مسجد ومئذنة ، ثم عفا عليهما الزمن إلى أن وصل المهاجرون الشركس فقاموا ببناء مسجد مكان الجامع القديم المهجور ، وحوَّلوا البرج إلى مئذنة .

 ويذكر كتاب ( الشركس ) أن قبيلة الشابسوغ كانت أول قبيلة شركسية وصلوا إلى عمان سنة 1868 عن طريق الشام قادمين من تركيا ، وعندما حطــُّـوا رحالهم في عمان ، وسكن المهاجرون في أروقة المدرج الروماني والكهوف الكثيرة المتوفرة في أودية عمان ، وأخذوا يفكـِّـرون في كيفية العيش في هذا الوادي الذي ليس فيه إلا سيل المياه التي تنبع من رأس العين  متجهة إلى الشرق ، وكان على ضفتي السيل أشجار كثيفة تكثر فيها الحيوانات الكثيرة  ، وبقي المهاجرون من الشابسوغ على هذه الحالة المضنية إلى أن بدأت تفد أفواج المهاجرين الآخرين من القبرطاي والبزادوغ إلى عمان تباعا ، وعلى فترات متقطعة ، 

وشدَّ وصول المهاجرين الجدد من عزائم المهاجرين الأوائل ، وبدأوا في تنظيم حياتهم ومعيشتهم ، وأخذوا يشقون الأرض ويزرعونها بمحارث من الخشب من صنع أيديهم ، كما صنعوا أدوات حصد المزروعات وجنيها ودرسها ، وكانت كلها من الخشب .

وكان آخر فوج من المهاجرين الشركس قد وصل إلى عمان سنة 1900 وحطوا الرحال على شكل قوافل  برأس العين وعمان  وصويلح وكان بها عشائر العدوان الكريمة  ووادي السير وكان يكثر في المنطقة عشائر عبـَّـاد والمناصير الكريمة وجرش ، وكان يكثر في المنطقة عشائر بني حسن. 

وارجو ان اذكرك بكتاب ( جرش ... تاريخها وحضارتها ) لمؤلفه الدكتور أسامة يوسف شهاب العضيبات أن الشركس الذين استقرُّوا في جرش بنوا في عام 1298 هجرية ــ  1878 م مسجد جرش العثماني الذي لا يزال يعرف بمسجد الشركس في وسط جرش ، وينقل شهاب عن الرحالة روبنسون الذي زار جرش في عام 1890 م أن الشراكسة الذين كانوا حوالي ألف نسمة بنوا منازلهم  بعيدا عن آثار جرش الرومانية  ، وينقل عن الرحالة وليم ليبي والرحالة فرانكلين هوسكين اللذين زارا جرش في عام 1902 م قولهما إن جرش كانت قرية شركسية . 

و الرصيفة ، وضمَّت معظم المهاجرين من القبرطاي ، وكان يكثر في المنطقة عشائر الدعجة .
 وناعور ، وضمَّت معظم المهاجرين من الأبزاخ والبزادوغ وقليل من القبرطاي والشابسوغ ، وكان يكثر في المنطقة عشائر العجارمة وغيرها واشرعوا في بناء عمان ووضع مداميك خالدة في البناء الاردني المتين الشامخ. 

امام ذلك نود ان نذكركم سعادة النائب المحترم زيد العتوم بانه قد بدأت الهجرات الشامية إلى عمان قبل تأسيس الإمارة، وبالتحديد بعد عودة الدولة العثمانية وبسط نفوذها على عجلون والبلقاء والكرك في النصف الثاني من القرن التاسع، حيث كان الانتقال من دمشق ونابلس والسلط وطرابلس إلى عمان انتقالا داخليا وليس هجرة خارجية.

مع بدء العمل في الخط الحديدي الحجازي ونشوء محطة عمان، استقبلت المدينة الجديدة هجرات محدودة أغلبها من الحرفيين والتجار؛ شوام، نوابلسه، خلايلة، أرمن، سلطية..الخ. وكانت عمان أصبحت تدريجيا سوقا للزراع والبدو للتجارة والتبادل، 

واكتسبت أهميتها مع تأسيس الإمارة وازدياد الهجرات النخبوية.

ويرى سليمان الموسى أن الاستقرار النسبي الذي نجح في تحقيقه الأمير عبد الله قد شجع الحراك التجاري في إمارته فأخذ التجار السوريون المتذمرون من الانتداب الفرنسي يبحثون لهم عن موطئ قدم في هذه السوق الواعدة، حيث بدأ بعضهم يقيم مصالح تجارية في منطقة السيل التي كانت تعتبر السوق المركزي للإمارة آنذاك.

ومع اتساع النشاط التجاري الشامي في عمان وتزايد مجالات جني الربح، أخذ التجار السوريون يتخذون لهم مساكن قريبة من مصالحهم، وكانت منطقة جبل عمان؛ الدوار الأول والثاني، وشارع بسمان وشارع خرفان هي أولى المناطق التي شهدت سكناهم.

وقد تميزت مساكنهم بالأناقة والجمال الذي يميز العمارة الشامية، كما حافظ الشوام على تقاليد الحياة المدينية التي كانوا يعيشونها في دمشق الفيحاء، فنساؤهم حافظن على العادات المتحفظة للمرأة الشامية، وعلى طبيعة العادات اليومية؛ كشرب القهوة الصباحية مع الجارات، والتعاضد في الأفراح والأتراح.

وفي تلك الفترة كان التجار الشوام قد وثقوا علاقاتهم بالعائلة المالكة، جنبا الى جنب كافة الاردنيين واسهموا في بناء الوطن واقتصاده وحمايته  فازدهرت منطقة وسط عمان وتشكلت فيها شوارع تجارية زاخرة بالحركة والنشاط وكان للشوام مساهمة بارزة في هذا الازدهار.

لم يترك شوام الأردن مجالا من مجالات التقدم الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي إلا وكان لهم مساهمة مهمة فيه، ويعود ذلك إلى أنهم كانوا مقتدرين ماديا أصحاب تحصيل علمي عال وقبل ذلك انتماؤهم للاردن وولاؤهم المطلق للعرش الهاشمي النبيل نظرا لعوامل منها وحدة اللغة والدين، والارتباط التاريخي بمنطقة شرق الأردن بسوريا الكبرى.
مجمل القول: اننا في هذا الحمى الهاشمي المبارك عائلة واحدة متحابة يجمعها التاج الهاشمي العالي والخيمة التؤ نستظل وبظلالها وندفع الاذى عن هذا البلد الى اخر الدم والزمان.
Kreshan35@yahoo.com