جفرا نيوز - يتميز فيروس (كورونا) المستجد (كوفيد-19)، كسائر الفيروسات، بالقدرة على التحور الجيني أو ما يسمى بـالطفرات التي بلغت ألفين خلال عام واحد.
ووفقا للعلماء، فإن حدوث طفرات وتحورات في (كوفيد-19) كان أمرا متوقعا منذ اكتشافه، فمن الطبيعي تطور الفيروسات وحدوث تغيرات في تركيباتها الجينية كل عام أو حتى عدة مرات في العام، وفق ما نشرته صحيفة (العين الاخبارية).
ولتتبع التغيرات في الشفرة الجينية لفيروس كورونا كان أحد المهام الأساسية التي ركز العلماء على إنجازها؛ لمعرفة ما إذا كان (كوفيد-19) يتحور ليصبح أشرس أو تصحبه أعراض متطورة أو مضاعفات، وأيضا هل التحور يغير من فاعلية اللقاحات أم لا؟
تعتبرالطفرات حدوث تغيرات طفيفة في سلوك الفيروس الأصلي وتكوينه، وغالبا تكون خارجية لا تسفر عن تغيرات سلوكية، لكن إذا كانت الطفرة مؤثرة فبالتأكيد يتبعها تغير طريقة انتشار الفيروس وكيفية غزو الخلايا.
وخلصت أغلب الدراسات التي أجريت على (كوفيد-19) منذ ظهوره إلى حدوث عشرات التحورات أنتجت (8) سلالات مختلفة من كورونا المستجد، وأغلب الطفرات تتعلق بالبروتين الخارجي للفيروس، أي تمكنه من الالتصاق بفاعلية أكبر بالمستقبلات الموجودة في خلايا الأنف والفم والعين ليصبح أكثر عدوى.
وكشفت دراسة بريطانية أجريت في كلية (لندن) الجامعية أن (12,706) طفرات طرأت على فيروس (كوفيد-19)، بينها (398) طفرة حصلت بشكل متكرر ومستقل.
الدراسة التي أجريت على أكثر من (46) ألف شخص أصيبوا بالفيروس في (99) دولة حتى أواخرتموز/ يوليو، ركزت على المادة الوراثية (الجينوم) للفيروس، للتنبؤ بما قد يطرأ من تغييرات على درجة انتشار العدوى أو شدة أعراضها.
ووفقا للدراسة الأحدث في هذا الإطار، فإن العلماء توصلوا إلى أنه ليست ثمة أي طفرة تزيد من سرعة انتشار كورونا المستجد.
طرق تشكل الطفرات الثلاثة:
1- عن طريق الخطأ خلال مرحلة التكاثر الفيروسي.
2- جراء تفاعله مع فيروسات أخرى داخل الجسم.
3- بسبب تأثير أداء الجهاز المناعي للإنسان.
ومن بين الطفرات التي رصدها العلماء، تحور مهم طرأ على بروتين (سبايك) الخاص بالفيروس، واسمه العلمي (D614G)، التي قيل سابقا إنها قد تجعل العدوى أسرع وأكثر شراسة.
وبروتين (سبايك) مسؤول عن التصاق الطفيل بخلايا الجسم، لذا فإن الطفرة التي طرأت عليه جعلت الفيروس أكثر انتشارا وقدرة على التعلق بالمصاب.
كيف تعمل الطفرات الفيروسية:
تتحور الفيروسات لأنها تنسخ نفسها بأعداد هائلة باستمرار، ولإنجاز ذلك عليهم اختطاف أجهزة الخلية المضيفة التي يصيبونها، وفق عالمة الأوبئة الجزيئية (إيما هودكروفت) من جامعة (بيرن) في (سويسرا).
والتي قالت: "داخل جسم الإنسان يمكن للفيروس أن ينسخ نفسه ملايين أو بلايين المرات، إذا كنت تكتب مسودة شيء ما ملايين المرات على جهاز كمبيوتر فأنت بسرعة كبيرة ربما ارتكب بعض الأخطاء المطبعية، هذا ما يحدث مع الفيروسات".
وأضافت الخبيرة: "إنهم (الفيروسات) يرتكبون خطأ مطبعيًا في شفرتهم الجينية، يتم استبدال حرف واحد من سلسلة الحمض النووي الريبي (RNA) بحرف آخر".
وتعتبرالفيروسات التي تستخدم الحمض النووي الريبي كمادة وراثية، مثل (SARS-CoV-2)، معرضة بشكل خاص للطفرات، لأن جزيء الحمض النووي الريبي نفسه غير مستقر أكثر من الحمض النووي.
وأوضحت هودكروفت لموقع: "عملية نسخ الحمض النووي الريبي هي أيضًا أكثر عرضة للخطأ".
ويمكن أن تكون هذه الأخطاء المطبعية مفيدة جدًا للعلماء لأنها تحدث بمعدل منتظم، وتنتقل عبر أجيال من الفيروس أثناء انتشاره عبر المجتمع، وباستخدامها يمكن للخبراء تتبع نسب سلالات معينة وانتشارها عبر السكان.
عموما فإن خطأ مطبعيا واحدا أو حتى بعض الأخطاء لا يغير عادة كيفية عمل الفيروس، حتى أن البعض يؤذي الفيروس، لكن غالبية الأخطاء المطبعية غير منطقية عندما يتعلق الأمر بصحة الإنسان.
ووفقا للعالمة، فإن في حالات نادرة يمكن لبعض الطفرات أن تمنح الفيروس ميزة، مثل السماح له بإصابة الخلايا بسهولة أكبر أو الانتشار بين الناس بشكل أسرع، ويمكن بعد ذلك أن تصبح هذه السلالات الطافرة مهيمنة داخل مجموعة سكانية.
ورصد العلماء حتى الآن أكثر من ربع مليون تسلسل جيني للفيروس، الذي تم استخراجه بعد كل مسحة من مريض وقراءته بواسطة برامج مخصصة.
وبعد ترجمة التركيب الجيني للفيروس إلى سلسلة من الأحرف بشكل رمزي يقارن العلماء تسلسل القواعد البروتينية التي تسمح بحدوث طفرات.
وأوضح محمد عز العرب أستاذ الأمراض الباطنة بالمعهد القومي للكبد والأمراض المعدية في مصر:" أن العلماء اكتشفوا (7) سلالات متحورة لـ(كوفيد-19) حتى الآن، بدأت بالسلالة الأولى (L) التي اكتشفت في (ووهان الصينية)، ثم تحورت عند انتقالها إلى قارتي أوروبا وأمريكا إلى سلالة (S) التي كانت أسرع انتشارا.
وتابع: "هناك سلالات أخرى متحورة منها (V) التي تحورت إلى 3 سلالات أخرى هي: (VG) و(VH) و(VR)، أما السلالات الأقل انتشارا فهي مجموعة (O)، وآخر سلالة التي أعلنت عنها بريطانيا هي (VUI)".
وذكر الطبيب المختص أن العلماء اكتشفوا في السلالة الأخيرة حتى الآن (23) تحورا، مؤكدا أن هذه التحورات ليست مقلقة بل هي سمة أساسية من سمات الفيروس عند الانتقال من منطقة إلى أخرى.
وحددت السلطات الصحية سلالات مختلفة من فيروس كورونا، إليكم أبرزها وفقا لما نقله موقع(ABS-CBN News) عن منظمة الصحة العالمية والجهات المسؤولة.
1-سلالة الممكلة المتحدة:
قالت منظمة الصحة إن هذا المتغير يعرف باسم
(SARS-CoV-2 VUI 202012/01) وأيضًا، موضحة أن التحليل الأولي يشير إلى أنه قد ينتشر بسهولة أكبر مع زيادة تقديرية تتراوح بين (40 -70)% في قابلية الانتقال، ووفقا للمنظمة، فإن التحقيقات جارية لتحديد ما إذا كان هذا المتغير مرتبطًا بأي تغييرات في شدة الأعراض أو استجابة الجسم المضاد أو فعالية اللقاح.
والتحليل يتم بأثر رجعي لتتبع أول متغير تم تحديده في (كينت) جنوب شرق (إنجلترا) في 20 أيلول/ سبتمبر 2020، الذي أعقبه زيادة سريعة في نفس المتغير الذي تم تحديده لاحقًا في تشرين الثاني/ نوفمبر.
2- جنوب أفريقيا
تم اكتشاف المتغير الجديد المشار إليه باسم (501.V2) من قبل شبكة من العلماء في جميع أنحاء جنوب إفريقيا الذين كانوا يتتبعون جينات فيروس (SARS-COV-2)، وقالوا إن البديل يبدو أنه يركز في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية من البلاد ويهيمن على نتائج العينات التي تم جمعها منذ أكتوبر.
تم تحديده لأول مرة في خليج نيلسون مانديلا، على طول الساحل الشرقي لجنوب إفريقيا، وانتشر بسرعة إلى مناطق أخرى في إيسترن كيب، وإلى مقاطعات ويسترن كيب وكوازولو ناتال (KZN).
وقال العلماء إن المتغير كان مختلفًا عن الأنواع الأخرى المنتشرة في جنوب إفريقيا، لأنه يحتوي على طفرات متعددة في بروتين (سبايك) المهم الذي يستخدمه الفيروس لإصابة الخلايا البشرية.
وارتبط أيضًا بحمل فيروسي أعلى ما يعني زيادة تركيز جزيئات الفيروس في أجسام المرضى، وقد يسهم ذلك في ارتفاع مستويات انتقال العدوى.
ووفقًا للسلطات الصحية، فإن بين (80 -90)% من الحالات الجديدة في البلاد تحمل متغير متحور.
3- نيجيريا
كشف رئيس هيئة مكافحة الأمراض في إفريقيا عن ظهور نوع آخر من فيروس (كورونا) في (نيجيريا)، وقال (جون نكينجاسونج) مدير المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC): "إنها سلالة منفصلة من سلالات المملكة المتحدة وجنوب إفريقيا".
وذكر مركز مكافحة الأمراض في إفريقيا، على موقعه على الإنترنت، أن الباحثين يجرون مزيدًا من التحقيقات حول هذا البديل الجديد (N501Y) لتحديد ما إذا كان أكثر عدوى أو أكثر قابلية للانتقال، أو لديه القدرة على التسبب في مرض أكثر خطورة.
وتابع: "الأبحاث تجرى لتقييم تأثير الطفرات على أداء التشخيص الجزيئي والمقايسات المصلية والعلاجات واللقاحات".
4- الدنمارك
في تشرين الثاني/ نوفمبر، أبلغت السلطات الصحية الدنماركية عن حدوث طفرة في فيروس (كورونا) يشار إليها باسم المجموعة (5) الناشئة عن مزارع المنك في الجزء الشمالي من البلاد.
واستجابةً للعدوى المحتملة، قررت الحكومة إعدام جميع المنك المستزرع في الدنمارك، وتم اتخاذ هذا القرار في أعقاب المعلومات التي تفيد بأنه لم يكن من الممكن منع انتشار العدوى من مزرعة إلى أخرى، أو من الحيوانات إلى البشر.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنه تم الإبلاغ عن أكثر من (300) حالة إصابة بفيروس (كوفيد-19) بين أشخاص مرتبطين بزراعة المنك في تشرين الثاني/ نوفمبر.