جفرا نيوز -
جفرا نيوز - في بداية الجائحة منذ آذار (مارس)الماضي، ظهرت فئة مشككة بوجود فيروس كورونا، ودائمة الحديث عن أنه مؤمرة عالمية وهنالك مآرب أخرى لا تمت للحقيقة بصلة، وبالتالي كانت هذه الفئة رافضة لكل إجراءات الوقاية، ولا تلتزم بأدوات الحماية، بل تستنكر من يتبعها! ومع مرور الأشهر، وصولا للتفشي المجتمعي وتضاعف أعداد الاصابات اليومية للآلاف، والارتفاع غير المسبوق لحالات الوفاة؛ واقتراب المرض من البيوت أو اصابة أحد أفراد العائلة به، تقلصت نوعا ما هذه الفئة، وبدأت بالتراجع وتصديق أن هنالك خطرا حقيقيا يهدد الأمان والصحة. غير أن هذا التراجع، والتقلص بأعداد الفئة المشككة بحقيقة فيروس كورونا، لا يعني أبدا أنها اختفت، إذ ما يزال هنالك أشخاص كُثر "غير مصدقين”، ويشكلون خطرا على أنفسهم وعلى الآخرين، لأنهم لا يستمعون للأصوات الواعية، ولا يلتزمون باجراءات السلامة العامة، ويتهكمون على الملتزمين والواعين والحذرين من الخطر المحدق بهم.
اعتادت الثلاثينية سلمى علي خلال ذهابها الى العمل أن تلتقي جارها الذي يحرص على أن يلقي تحية الصباح عليها يومياً، وكانت تستغرب منه لأنها لم تصادف أن رأته يوماً يرتدي كمامته أثناء نزوله الى السوق والسوبرماركت، حتى قام هو بمبادرتها بالسؤال في أحد الصباحات، "انت جد مصدقة انه في كورونا”؟!
سلمى قامت بالرد عليه وأنها بالطبع مصدقة وهي تحاول ان تقي ذاتها وعائلتها من المرض، مبينةً أنه ضحك ضحكة استهزائية، وتركها ونزل ليكمل جولته اليومية التي يمر بها على كل المراكز التسويقية ويخالط عشرات الناس من دون مراعاة لأي من اجراءات السلامة والوقاية.
سلمى عبدالرحمن تستغرب من هؤلاء المشككين بالرغم من وصول الأعداد للآلاف، واقتراب المرض من غالبية البيوت، ومع ذلك يعتبرونه "مجرد خدعة وكذبة لمصالح معينة”، مبينةً أن أكثر ما يغضبها هو الشخص الأناني الذي لا يراعي غيره، لأنه غير مقتنع بوجود كورونا، بالتالي لا يتبع اجراءات السلامة لا من أجله ولا من اجل الآخرين.
وبالرغم من وجود العشرات على أسرة المستشفيات وعلى أجهزة التنفس وآلاف الحالات وأعداد ليست قليلة من الوفيات بسبب الفيروس، غير أنه وللأسف لا يزال يعيش بيننا أشخاص يعتبرونه "مؤامرة” وجاء للأهداف معينة، وهو الأمر الذي يجعل هؤلاء "محاربين” دوما لاجراءات الوقاية، وبالتالي زيادة من اعداد الاصابات وتفشي المرض أكثر.
اختصاصيون يعتبرون أن الأشخاص المشككين والذين يتعاملون مع الأمر بأنه مؤامرة، لا يملكون حس المسؤولية على الإطلاق، ويتعاملون مع الأمر ببساطة من دون إدراك الخطر الحقيقي.
ويذهب الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي، الى أنه للأسف الشديد ما تزال ثقافة اللامبالاة موجودة عند عدد من الأفراد، فهم مقتنعون بنظرية المؤامرة وأن هذا المرض ليس له وجود في الواقع والحقيقة.
ويذهب الخزاعي إلى أن البعد العالمي للجائحة ومتابعة الناس المستمرة للأخبار وتبادل الاتهامات بين الدول، وأن المرض قد يكون في حقيقته مؤامرة، كلها أمور عززت هذه الفكرة لديهم، كذلك ضعف الثقة أحيانا بين المواطن والحكومات، أوجد حالة من التشكيك، تلك العوامل جعلت هؤلاء الاشخاص غير مصدقين بوجود الفيروس، وهو ما زاد من تفشي المرض وارتفاع الاصابات والوفيات.
ويرى الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة، أن وجود هؤلاء الاشخاص له تأثير سلبي كبير في الحد من الجائحة وانتشار المرض، مستنكرا؛ ألم يخطر على بال هؤلاء "المستهترين” طرح سؤال على أنفسهم بأن كل تلك الاصابات وحالات الوفيات من أين جاءت اذا كان المرض غير موجود؟
ويضيف مطارنة "لا يمكن لاي شخص عاقل أن ينكر انتشار الفيروس بيننا، قد نختلف في التفاصيل وباجراءات معينة لكن لا يمكن الاختلاف على وجود هذا المرض الخطير مجتمعيا”، لافتا الى أن اتباع اجراءات السلامة من ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي والتعقيم، أمور لا يمكن تجاهلها، مبيناً أن "تلك هي أسس يجب اتباعها اذا كنا نخاف على أنفسنا وعلى أحبائنا وعلى وطننا”.
ويحذر مطارنة من أن "التجاهل” بالمحافظة على النفس والآخرين والوقاية واتباع اجراءات السلامة، يعني ازدياد الاعداد والتفشي الأكبر، مبينا أن الاشخاص الذين لا يأمنوا بوجود الفيروس ولا يتبعوا اجراءات السلامة يفتقدون احساس المسؤولية الاجتماعية.
ويتابع ان هؤلاء أشخاص بطبيعة الحال غير مبالين ومستهترين، وما ينبغي إدراكه أن صحة الناس هي أهم من أي اعتقاد لا أساس له، لذلك لابد من وضع حد لهم، ونبذهم اجتماعيا وحتى التبليغ عنهم إن تطلب الأمر، فهذه مسؤولية كل شخص ان يكون رقيبا في الوقت الحالي لينقذ نفسه وعائلته.
ويشير مطارنة الى أنهم أشخاص مؤذون، يعرفون ومتأكدون أن هناك مرضا ووباء، ولكنهم يحاولون أحيانا التظاهر بأنهم أقوياء ومدركين لكل شيء، وهذا دليل ضعف، مبينا أن هذا الوباء اجتاح العالم واعداد الاصابات والوفيات بازدياد، ومع ذلك لا يزال هناك اشخاص غير مصدقين لوجود المرض ويتعاملون مع الامر باستهتار!
لذلك، لا بد من عدم السكوت عن هؤلاء الأشخاص، خصوصا ان "الوقاية والتباعد هو الحل الوحيد الذي بين ايدينا حالياً للحد من هذا الكابوس الذي نعيشه”.
وكانت قد أعلنت مديرية الأمن العام واستناداً لقرار وزير الداخلية، ووفقاً لأحكام قانون الدفاع؛ أنها بدأت بتحرير مخالفات بحق الأفراد المخالفين لقانون الدفاع في المرافق والأماكن العامة والأسواق والمحال التجارية، من غير الملتزمين بارتداء أدوات السلامة العامة، والتباعد الاجتماعي.
وبينت مديرية الأمن العام أن التصدي للوباء مسؤولية جماعية وواجب وطني يتطلب التعاون والالتزام من الجميع في ظل هذه الظروف، داعية كل الموطنين للقيام بهذا الواجب تجاه أنفسهم ومجتمعهم والمساهمة في الحد من انتشار وباء كورونا، مؤكدة ضرورة الالتزام بارتداء أدوات السلامة العامة والتباعد الاجتماعي، واخذ الموضوع على غاية من الجدية لمنع ازدياد أعداد الإصابات والحد من تفشي الوباء.
وسُجِّلت (2444) حالة إصابة بفيروس كورونا المستجدّ يوم أول من أمس الثلاثاء، وبذلك يرتفع إجمالي عدد حالات الإصابة في المملكة إلى (279,892) حالة، فيما يبلغ عدد الحالات النشطة حاليّاً (27,009) حالات. كما سُجّلت (23) حالة وفاة، ليرتفع إجمالي عدد الوفيات إلى (3627) حالة.
وتدعو وزارة الصحّة الجميع إلى الالتزام بأوامر الدّفاع، واتّباع سبل الوقاية، خصوصاً ارتداء الكمّامات، وعدم إقامة التجمّعات لأكثر من (20) شخصاً، ومتابعة الحملة التوعوية التي أطلقتها الوزارة للوقاية من عدوى فيروس كورونا وتشجيع الأفراد لحماية أسرهم ومجتمعهم.