جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب عبد الرحمن الأصفر
الاقتصاد العراقي في الظروف الراهنة يواجه تحدياً حقيقياً ومنعرج خطير بعد خفض سعر الصرف التي قام بها البنك المركزي العراقي الى 1460 دينار مقابل الدولار الواحد.
ويعرف تخفيض قيمة العملة الوطنية بأنه عملية تعديل تنازلية متعمدة لسعر الصرف الرسمي تؤدي إلى تقليل قيمتها مقابل عملات أخرى.
وقد شهد العالم تخفيض العديد من الدول قيمة عملتها منذ أن تخلت الاقتصادات عن ربط عملاتها بالذهب وباتت تربطها بعملات أخرى أو بسلة من العملات وهذا الارتفاع في أسعار الصرف يعد عامل مقلق خصوصا مع استمرار التراجع في احتياطيات البنك المركزي من الدولار على مدى العام الحالي.
ويبلغ الاحتياط النقدي للعراق من الدولار نحو 50 مليار دولار بعد أن كان نحو 90 ملياراً مطلع 2020 وبعد سلسة من القروض الداخلية للحكومة العراقية من البنك المركزي والمصارف الحكومية والأهلية، لتغطية الرواتب والنفقات بعد تراجع أسعار النفط جراء ازمة الجائحة وهذا الاحتياطي مخصص لتأمين استيرادات العراق وكذلك غطاء للعملة المحلية الصادرة في الوقت الحاضر.
سأتكلم الان من منظور اخر وهو تأثير هذا القرار على الفئات الاجتماعية وشرائح المجتمع.
سيؤدي هذا القرار على المدى المتوسط والبعيد الى الدخول في موجات تضخم عميقة وانخفاض في مستويات المعيشة ودخول شرائح واسعة من السكان تحت مستوى خط الفقر فاذا علمنا ان أكثر من 6 مليون عراقي يستلم راتباً كونه موظف او متقاعد من الحكومة عندها سنعلم ان الضرر كم سيكون كبير واتوقع ارتفاع سعر السلع في السوق العراقية مع قلة المداخيل وارتفاع تكاليف إيجارات المنازل والمحال التجارية وخدمات البيع بالجملة والمفرد والنقل والبناء والخدمات كافة التي يقدمها القطاع الخاص كذلك قرار خفض قيمة العملة سيؤثر على المصارف الخاصة وقد نشهد إفلاس بعضا من هذه المصارف ،فعلى سبيل المثال اذا كان راتب الموظف او المتقاعد مليون دينار عراقي فستصبح قيمته بعد تخفيض سعر الصرف الى نحو 770 الف دينار أي ستكون قيمة الدخل المفقود ما يقارب 230 الف دينار فالعائلة التي لديها موظف يستلم هذا الرقم كراتب شهري ستعيش بضيق كبير بسبب هذا التخفيض اذا ما افترضنا ان العائلة مكونة من خمسة اشخاص على سبيل المثال.
فلك ان تتخيل عزيزي القارئ الكريم عما سيحل بشريحة كبيرة جدا من المجتمع العراقي فالموظفين والمتقاعدين يعتبرون المحرك الرئيسي للاقتصاد سيعني بما لا يقبل الشك أن وضع رواتبهم الحالي سينعكس سلبيا على المعيشة بشكل عام .
شخصيا أتوقع ان هذه الخطوات ستؤدي إلى انكماش الاقتصاد بدلا من انعاشه وستجبر الحكومة فيما لو استمرت على المنهجية ذاتها إلى الاقتراض بشكل أكبر عام 2021.
ولكي يتم الخروج من هذا المأزق على الحكومة كبح الزيادة غير المنطقية في الإنفاق وإيجاد موارد أخرى تدعم الموازنة للتقليل من الضغط على الاحتياطي النقدي ودعم صندوق الرعاية الاجتماعية من فوارق العملة فضلاً عن توفير مواد غذائية كاملة ومستمرة من خلال إعادة العمل بالحصة التموينية والعمل بشكل جدي على توفير دعم للصناعة والزراعة المحليتين وإيجاد بدائل أقل كلفة من المستوردات لان السوق العراقية تم اغراقها بالسلع المستوردة بشكل شبه كلي ومن اجل تحقيق ذلك يجب النهوض بالإنتاج الزراعي والصناعي في العراق .