النسخة الكاملة

ماهي قصة عجز (4) وزراء صناعة عن حل تدفق المنتجات المحلية الى أسواق أوروبا ؟

الخميس-2020-12-14 09:15 am
جفرا نيوز -
 جفرا  نيوز - عندما كان يتحدث وزراء الصناعة والتجارة والتموين خلال السنوات الأربع الماضية (2016 – 2020) عن اتفاق تبسيط قواعد المنشأ كان يظن من يستمع أن العلامات التجارية الأردنية سوف تغزو أسواق أوروبا وستصبح أرفف متاجر القارة العجوز مكدسة بالبضائع الاردنية.

اتفاق تبسيط قواعد المنشأ الذي لم يكن له من اسمه نصيب، مرت عليه أربع حقائب وزارية عجزت جميعها عن تحقيق اهدافه التي كان يُعلن عنها كلما سنحت الفرصة لأصحابها.

في العام 2016 وتحديدا في شهر شباط (فبراير) بعد مخرجات مؤتمر المانحين في لندن الذي ولد من رحمه اتفاق تبسيط قواعد المنشأ قالت وزيرة الصناعة والتجارة والتموين مها العلي حينها "هذه الخطوة تعزز العوائد للاقتصاد الاردني من خلال زيادة قدرة الصادرات الأردنية على النفاذ إلى الاسواق الاوروبية وبالتالي تخفيض عجز الميزان التجاري الذي يميل لصالح الاتحاد الاوروبي”.

واضافت "تبسيط قواعد المنشأ سيعطي ميزة اضافية لبيئة الاستثمار في الاردن ويعزز فرص قيام استثمارات جديدة وبخاصة التي ترغب بالتصدير الى الاسواق الاوروبية الامر الذي من شأنه ايجاد فرص عمل جديدة”.

وبعد تسلم وزير الصناعة الجديد يعرب القضاة حقيبة العلي بقي اتفاق قواعد المنشأ كما هو ، لكن بعد 14 شهرا صرح القضاة قائلا ” تبسيط قواعد المنشأ سيساعد في تجاوز أهم الصعوبات التي تواجه الصادرات الأردنية الصناعية في الوصول الى السوق الأوروبي ويهدف أيضاً الى جذب الاستثمارات الى المناطق الصناعية والتنموية المدرجة ضمن الاتفاق، إضافة الى خلق مزيد من فرص العمل”.

هذا التصريح كان بمناسبة نجاح أول شركة في التصدير عبر هذا الاتفاق في نيسان (ابريل) 2017 ، بعد 9 أشهر من دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

وأثناء حقيبة القضاة الوزارية بدأت وزارته تفاوض الجانب الأوروبي حول منح مزايا إضافية للأردن بتخفيض نسبة تشغيل العمالة السورية في المصانع الأردنية مقابل التصدير لأوروبا وتوسيع مناطق التصدير وتمديد الاتفاق
.
ثم جاء الوزير الجديد طارق الحموري ليكمل مسار المفاوضات وحصل الأردن على ما يريد لكن الصادرات الأردنية لم تستفد أيضا من الاتفاق.

الوزير الحموري في أحد تصريحاته قال "”الحكومة تحرص على تحقيق الاستفادة من التسهيلات الجديدة على اتفاق تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الأوروبي، من خلال السعي نحو زيادة تدفق الصادرات الوطنية إلى الأسواق الأوروبية، والعمل على خطة ترويج متخصصة يتم التحضير لتنفيذها قريباً وفق أطر زمنية محددة وواضحة المعالم”.

حتى اليوم، لم يتحقق شيء من اتفاق تبسيط قواعد المنشأ سوى شركات معدودة على أصابع اليدين استفادت من الاتفاق .. 10 شركات بلغت قيمة صادراتها 79 مليون يورو خلال 4 سنوات، غير أن الوزيرة العلي التي عادت قبل أسابيع لاستلام حقيبتها التي ترتكتها منذ 3 سنوات تقول "الوزارة تقوم بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة بإعداد خطة عمل لتنفيذ والترويج لقرار التبسيط، إذ تم تعديل تعليمات الرقابة والسيطرة لتنفيذ قرار تبسيط قواعد المنشأ للتصدير الى الاتحاد الأوروبي وتعديل نموذج طلب الحصول على رقم التفويض للتصدير في إطار القرار وفقاً للشروط الميسرة الإضافية التي تم إقرارها في العام 2018 وسيتم العمل على ترتيب ورش عمل توعوية للقطاع الصناعي بهذا الخصوص”.

وتضيف الوزيرة أن العمل جار على عقد اجتماعات تشاورية مع ممثلي البعثات الدبلوماسية الأوروبية في عمان حول آليات تعزيز التبادل التجاري بين الأردن ودول الاتحاد الأوروبي من خلال تبادل قوائم بالسلع ذات الفرص التصديرية وتنظيم البعثات التجارية واللقاءات بين رجال الأعمال من الطرفين.

واوضحت علي أن عدد الشركات التي قامت بالتصدير بموجب قرار التبسيط وصل الى 10 شركات (من أصل 15 شركة حصلت على تفويض) ومجموع صادراتها بلغت 79.84 مليون يورو إذ قامت تلك الشركات بالتصدير إلى اسبانيا، قبرص، فرنسا، بلجيكا، هنغاريا، هولندا والسويد.

ولمنظومة حملة "صنع في الاردن” وجهة نظر في أسباب تكبيل اتفاق قواعد المنشأ ، إذ يقول رئيسها د.إياد ابو حلتم "اتفاق تبسيط قواعد المنشأ كان معولا عليه كثيرا لزيادة الصادرات الوطنية الى دول الاتحاد الاوروبي الا ان ثمة تحديات ومعوقات حالت دون ذلك”.

وبين ان حجم استفادة الشركات الاردنية من هذا الاتفاق ما تزال متواضعة رغم التسهيلات التي طرأت عليها مرجعا ذلك الى ضعف حملات الترويج والتسويق للمنتجات الاردنية داخل الاسوق الاوروبية.

واوضح ابو حلتم ان الاسواق الاوروبية تعد اسواقا جديدة وغير تقليدية بالنسبة للمنتجات الاردنية وبالتالي يصعب الدخول اليها خصوصا ان سلوك المستهلك معقد وبحاجة الى دراسة عدا عن صعوبة قنوات التوزيع والحاجة الى تحقيق المواصفات الفنية الاوربية.

ولفت الى وجود عوائق اخرى تحول دون الاستفادة من هذا الاتفاق تتمثل في ارتفاع كلف النقل وحملات الترويجية والمشاركة بالمعارض وبخاصة التي تقام بالدول الاوروبية.

واشار ابو حلتم الى جملة من الافكار التي يمكن من خلالها تعزيز الاستفادة من اتفاق تبسيط "قواعد المنشأ” على رأسها دعم الشركات الصناعية خصوصا الصغيرة والمتوسطة في المشاركة بالمعارض الدولية التي تقام في اوروبا من خلال تخصيص برامج خاصة لهذه الغاية اضافة الى دعم كلف النقل لدول الاتحاد الاوروبي.

وشدد ابو حلتم على ضرورة دعم الشركات في الحصول على شهادات المطابقة وتلبية الاشتراطات الفنية الاوروبية كونها تعد من اعلى المواصفات على المستوى الدولي اضافة الى ايجاد سياسة وطنية واضحة للتصدير تعنى بالترويج ودعم المنتجات ذات القيمة المضافة العالية والتي تمتلك ميزة تنافسية .

واوضح ابو حلتم ان منظمومة حملة "صنع في الاردن” ستدعم الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة للدخول بالاسواق الاوربية من خلال دعم في كلف الترويج والمعارض والحصول على الشهادات العالمية.

ويقول الخبير الاقتصادي د.ماهر المحروق إن "حجم الاستفادة المتواضعة من تبسيط قواعد المنشأ الاوروبية تعكس وجود معوقات وتحديات تحول دون تحقيق نتائج كبيرة في هذا المجال”.

واعتبر المحروق أن غياب استراتيجية واضحة للتصدير وضعيف حملات التسويق والترويج من اهم التحديات التي تحول دون الاستفادة من هذا الاتفاق عدا عن جائحة فيروس كورونا المستجد التي اثرت على تعطل الجهود والمهام التي وضعت بهذا الخصوص.

وقال المحروق ” في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد الوضع بالنسبة لتعزيز الاستفادة من تبسيط قواعد المنشأ اكثر صعوبة من قبل وبالتالي يجب ان لا يتم رفع سقف التوقعات بخصوص تحقيق فائدة كبيرة من هذا الاتفاق ".

وشدد على اعادة ترتيب الاولويات واقتناص فرص التصدير داخل الاسواق الاوروبية اضافة الى الطلب من الجانب الاوروبي اعادة النظر بالشروط التي وضعت ضمن هذا الاتفاق سواء كانت ذلك بنسب اعداد العمالة السورية او اجمالي المطلوب توظيفهم بتصاريح عمل قانونية.

وطالب المحروق باعداد خطة تصديرية واضحة وقابلة للتطبيق لزيادة نفاذ المنتجات الاردنية الى الاسواق الخارجية بخاصة الى اوروبا مشددا على ان يكون هنالك مؤشرات قياس واضحة بشكل مستمر لتحديد نقاط القوة والضعف والعمل معالجتها.
وكان الاتحاد الأوروبي، أعلن نهاية العام 2018 عن تقديم مزيد من التسهيلات على شروط اتفاق تبسيط قواعد المنشأ الذي تم توقيعه وتفعيله بين الأردن والاتحاد الأوروبي العام 2016، بحيث أصبح الاتفاق يشمل جميع المصانع القائمة في المملكة بعد أن كانت محصورة في 18 منطقة صناعية متخصصة.

كما تم تمديد الاتفاق إلى العام 2030 بدلا من العام 2026، مما يعزز الفرص أمام المصانع الأردنية لتصدير منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية.

كما شمل الاتفاق تخفيض العدد الإجمالي لفرص العمل "المطلوب توفيرها للاجئين السوريين بشكل قانوني وفاعل” من 200 ألف إلى 60 ألف فرصة عمل على الأقل في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وبعد تحقيق شرط لـ60 ألف فرصة عمل للسوريين بشكل قانوني وفاعل يلغي تلقائيا شرط توظيف 15 % من العمالة في أي مصنع يرغب بالتصدير إلى أوروبا. وتظهر آخر أرقام الاحصاءات العامة تراجع قيمة الصادرات الوطنية خلال الاشهر التسعة الاولى من العام الحالي بنسبة 2 % لتصل إلى 109.2 مليون دينار مقابل 111.3 مليون دينار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي الغد