النسخة الكاملة

بين النجاح والفشل

الخميس-2020-12-10 10:31 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب عماد عبد الرحمن 

لا يختلف كثيرون على أن خيار «التعليم عن بعد» الذي طبق لأول مرة مطلع العام الحالي وما زال مستمراً، كتدبير احترازي تربوي واجب ومسؤول، قد أنقذ طلبتنا من ضياع عامهم الدراسي، بعد أن باغت فيروس «كورونا» حياة الطلبة والاسر والعالم أجمع، لكن أيّاً كان تقييم تحصيل الطلبة في نهاية المطاف، أو مدى إلمامه بالمنهاج والمادة التعليمية، يعتمد كل ذلك على الطالب نفسه وأسرته ومدرسته ومٌدرسيهْ.

اليوم، تتأرجح التقييمات لخيار التعليم الافتراضي والقدرة على التماشي مع وسائل التكنولوجيا الحديثة، فوزارة التربية حققت ما هو مطلوب منها بإبقاء الطلبة على تواصل مع معلميهم، وعدم انقطاع الطلبة عن دروسهم حتى في أحلك وأصعب الظروف، لذلك هي راضية عن النتائج الاولية للتحدي، كما أتاحت التجربة فرصة للوزارات للعمل معاً من خلال التعاون بين وزارات التربية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والاعلام أيضاً الذي فتح أثيره عبر منصة مدرستي للوصول الى كل بيت وكل طالب، كما اكتسب الطالب والمدرس مهارات ستفيده حتماً في المستقبل.

أما منتقدو التعليم الافتراضي، فيشيرون الى قلة الاستعداد التقني للتجربة، وعدم حصول الطالب على التفاعل المباشر وفقدان اجواء الفصل الدراسي، وغياب النمو الاجتماعي للطالب، وحصول إشكاليات واضحة خصوصاً لطلبة الصفوف الاساسية الثلاثة الاولى، وطلبة التوجيهي، الذين أمضوا عامهم الدراسي كاملاً بلا إتصال مباشر مع مدرسيهم، حتى مراكز الدروس الخصوصية أُقفلت ولم يُسمح بعملها أيضاً، أضف الى ذلك، انه ليس كل الاهالي قادرين على التعامل مع المناهج الدراسية والمعتمدة البعيدة عن «الرقمنة» ما يؤثر سلباً على الطالب الذي يلجأ الى وسائل غير صحيحة لتحصيل العلامات.

ما يدور في أذهان الجميع حالياً معاناة الاهالي الذين تحملوا أعباء مالية ومسؤوليات مباغتة لم يعتادوا على الاغلب عليها، خصوصاً المواد التي تستلزم التخصص من قبل الاستاذ، لذلك نجد الكثير من الحصص تتحول الى مساحات للتعبير عن الهموم والمسؤوليات الملقاة على عاتق الاهالي، وكيفية إيجاد حلول للتعامل مع هذا التحدي المستجد، لكن عزاءهم الوحيد أن هذه المرحلة الاستثناية والقاهرة ستنجلي عن قريب، ولن يكون » التعليم عن بعد» خياراً دائماً خصوصاً ان الدول التي طبقته لفترة ثم ما لبثت أن عادت عنه.

وفي نهاية المطاف، تبقى تجربة «التعليم عن بعد» لمدة محدودة كتجربة لها تبريراتها الظرفية والوقائية والحمائية، أفضل بكثير من عدم الدراسة، وهي في نفس الوقت تشغل وقت الطالب وتجنبه التوتر والتشتت والخوف من تفشي «الوباء القاتل»، وتبقيه في أجواء المدرسة وزملاء الصف الذي يتسابقون للتفاعل مع مدرسيهم، لكن حتماً كل ذلك لا يُغني عن التعليم الوجاهي المباشر، وحضور الطلبة كل صباح الى صروحهم التربوية والتفاعل مع أقرانهم ومتابعة الدروس الصفية عن كثب.