النسخة الكاملة

اللقاح خبر سار ولكن، هل نحن مستعدون حقًا للعودة إلى العالم؟

الخميس-2020-12-10 09:32 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كان هذا العام مروعًا من نواحٍ عديدة، لكن التكيف مع الحياة الطبيعية مرة أخرى قد لا يكون سهلاً كما نعتقد.

يمكن لمعظمنا، في أي وقت، أن يحملوا أفكارًا متضاربة في رؤوسنا؛ هذا هو الشرط الأساسي لإنجاز أي شيء. في مواجهة أكثر المهام تفاهة، سيكون ردي الأول دائمًا تقريبًا: "لا أريد القيام بذلك”، متبوعًا بأنني أريد كثيراً أن يتم القيام به. 

ويتطلب الانتقال من حالة إلى أخرى نوعًا من هذا التمرين الداخلي -فكر في مدى شعورك بالرضا عن وجودك في الجانب الآخر من هذا المطب؛ تخيل ماذا سيحدث إذا توقفتَ ببساطة عن فعل الأشياء؛ أي نوع من الأشخاص هو الذي لا يستطيع التعامل مع الأطباق وما إلى ذلك- وهو ما بدأ بشراسة الأسبوع الماضي بالتحديد، مع الأنباء التي ظهرت عن لقاح "أكسفورد/ أسترا زينيكا”. لقد طارت إلى الذهن مباشرة ثلاثة أفكار متعارضة: أن نهاية الوباء تلوح في الأفق أخيرًا؛ سوف تستمر معدلات الإصابة في الارتفاع، بين الحين والآخر، ويموت الكثير من الناس؛ والأكثر إرباكًا، لست متأكدًة من أنني مستعدة للعودة إلى العالم.

يكاد يكون من المؤكد أن هناك كلمة مركبة بالألمانية للتعبير عن توقع الحنين المستقبلي. وهو شيء يشعر به المرء بقوة مع الأطفال. ألقي نظرة على عملي، الآن، وهو يقطع المراحل الأولى، وأختبر ما يشبه نوبة التوتر العصبي: اليقين من أن هذه الفترة سوف تشغل، في وقت غير محدد في المستقبل، أجزاءً هائلة من قرصي الصلب. سوف أشعر بالحزن على ما جاء وذهب. إن كثافة هذه الفترة، التي يعبر الكثير منها في النضال من أجل التشبث والتماسك من دون الوقوع، سوف تبدو كما أعلم، مختلفة من على مسافة 10 أو 20 عامًا لاحقاً.

هكذا هو الشعور الذي يجلبه التطلع قدماً إلى العام المقبل والاستئناف الحتمي لشيء مثل الحياة الطبيعية. ثمة الكثير من الأشياء التي يجب أن أركض في اتجاهها بسرور: قدرتي على السفر ورؤية عائلتي مرة أخرى؛ الملذات البسيطة مثل مقابلة الأصدقاء لشرب شيء من دون التساؤل عما إذا كان هذا تساهلاً سوف يقتلني؛ جعل أطفالي يذهبون حقاً إلى المدرسة؛ قراءة الأخبار من دون الحرص على تفقد عدد القتلى وصور الأشخاص الذين يموتون وحيدين في عنابر "كوفيد”.

ولكن عندئذٍ، تحت كل ذلك، ثمة شيء آخر يبدو غامضًا مثل الرهبة. ربما يكون هناك أشخاص ينهضون من الفراش كل صباح ويغوصون بمرح بدءاً بروسهم في يومهم. وهناك أيضًا أولئك -الأغلبية، بالتأكيد- الذين يتطلب منهم أي انخراط مع قائمة مهام مفاوضات أولية هائلة مع كسل المرء. أثناء الوباء، كانت أغنية الحوريات المغوية عن الاجتماعات الملغاة، وعدم السفر، والفرص اللامتناهية لتجنب الأشخاص الذين لا تحبهم بعض الشيء، والذريعة اليومية لعدم الاستحمام، كانت كلها فظيعة، ومربكة، ومحفزة للاكتئاب وتميل إلى التسبب في الذعر. ولكن دعونا نواجه الأمر: كانت بعض جوانبها أيضًا تشريعاً وتساهلاً مع أكثر أحلامنا جموحاً.

"أريد أن أكون مع أناس لا يريدون مني أن أتحدث”، كتبت لي صديقة قبل أيام في رسالة نصية -نحن لا نتحدث عبر الهاتف؛ إنه يتطلب الكثير من الجهد- وقد فهمت بالضبط ما تعنيه. بعد يومين، كان لدي اجتماع عمل على "زووم”، وهو فرض مرعب تطلّب مني الحفر عميقاً واستعادة وجهي المليء بالمرح، بينما ظل يسمح لي بالظهور بشعر غير مغسول. كان الشخص الآخر في المكالمة على بعد أقل من خمسة أميال، في بروكلين، وحقيقة أنني لم أضطر إلى ركوب المترو لرؤيته بدت وكأنها هبة صغيرة من الله.

كواحد من جوانب هذا الصراع -أريد أن أعود إلى حياتي القديمة؛ لا أريد أن أعود إلى حياتي القديمة- ثمة نأي اجتماعي ببساطة. إنني أشاهد البرامج التلفزيونية والأفلام هذه الأيام برعب انعكاسي لدى رؤية مشاهد الحانات المزدحمة حيث لا يرتدي أحد قناع وجه. لقد أسهم العيش لمدة عام تحت آلام احتمال الإصابة بمرض مميت في تكوين شعور عام بضعف لا علاقة له بالوباء. الآن، أصبحت فكرة القيام برحلة بالطائرة مدتها خمس ساعات للوفاء بالتزام على بعد 3.000 ميل من أطفالي غير قابلة للتفكير فيها. ماذا لو سقطت الطائرة؟ (لطالما فكرت في ماذا لو سقطت الطائرة، لكنني كنت أستطيع الالتفاف على الفكرة قبل الوباء). كيف يمكنني المجازفة، عندما تكون فكرة الخطر ذاتها -التي نقضي الكثير من وقتنا في عقلنة استبعادها- قد تحققت بالكامل وأثبتت كونها حقيقية جداً؟

كل هذا سوف يمر ويمضي. في غضون عام أو نحو ذلك، إذا حالفنا الحظ، سوف يعود معظمنا إلى العمل كالمعتاد. سوف تبدو هذه الفترة غريبة، سخيفة، ولهذا السبب وحده موضوعاً لحنين هائل -ليس لأن ما حدث كان جيدًا، ولكن لأنه كان فريدًا. كان العام الماضي مروعًا من نواحٍ عديدة، ومع ذلك، بمعرفتنا، كما نفعل، أنه سوف يثبتنا في الزمن مع الانتظار، لا يريد جزء صغير مني له أن ينتهي.

*Emma Brockes: كاتبة عمود في صحيفة الغارديان.

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

*إيما بروكس* – (الغارديان) 27/11/2020

*نشر هذا المقال تحت عنوان: A vaccine is joyful news – but am I really ready to go back to the world?