جفرا نيوز - بقلم ناديا هاشم العالول
لا شك ان الجائحة الكورونية التي اختزلت خروجنا من المنزل جعلتنا نواجه انفسنا لننظر للأمور بمنظار اكثر واقعية وبدون مواربة مكتشفين الأولويات الحقيقية تجاه النفس والغير معا، فاتحا المجال من خلال الوقت المتاح للمطالعة اكثر ومشاهدة البرامج الوثائقية والمسلسلات العالمية.. الخ..
ناهيك عن متابعتنا بكثافة لل «سي إنْ إنْ» كمصدر لإعلام سريع الطلقات يمدنا بجرعات متوالية، تتعلق بالسباق المحموم للبيت الأبيض بين ترمب وبايدن مشاهدين محاولات قلب الموازين وبعثرة المعايير حتى في البلاد المتطورة عندما يطغى الوهْم على الحقيقة.. وهْمٌ يقعد عن الإنجاز..
وتنبثق بارقة أمل على هامش تداعيات ارتبطت بمشاهدتنا لحلقات
«The Crown الذي يتناول حياة العائلة الملكية البريطانية مركّزة بهذه العجالة علىى رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت ثاتشر الملقبة بـ» المرأة الحديدية» والتي بقيت رئيسة للوزراء من 1979 – 1990، سبقتها سنون طويلة بحزب المحافظين.. ووزيرة للتربية والتعليم بحكومة «ادواردهيث».. سياسية من الطراز الأول ولها باع طويل كقائدة تحب بلدها وتحترم نفسها ومع ذلك شاهدنا «المرأة الحديدية» تعد وجبة «عشاء العمل» بنفسها لزوّارها من الوزراء.. امرأة حكمت بريطانيا العظمى وتطبخ!
نموذج يستحق أن يُحتذى به بظل «ثقافة سائدة عندهم إخدم نفسَك بنفسِك» فيُطلَق على موظفي الحكومة مسمّىCivil Servant/ خادم مدني/ بالمناسبة أطلقوا على ثاتشر لقبا آخر «خاطفة الحليب» لطالما تعالت الهتافات ضدها «Thatcher Thatcher milk snatcher» فأذكر كطالبة كيف تظاهر طلاب جامعتنا ضد زيارتها كوزيرة للتعليم، معترضين على تمرير قانون يوقف توزيع الحليب مجانا على الأمهات المرضعات وعلى طلاب المدارس بحينها اختصارا للنفقات.. مما اضطرها لعدم انهاء كلمتها ومغادرة المكان!
وعلى هامش «إخدم نفسك بنفسك» نتناول مثالا اخر اطّلعنا عليه عبر «تويتر» لـ«انجيلا ميركل» المستشارة الألمانية التي قادت حزبها لفترة طويلة واصبحت وزيرة قبيْل ان تصبح منذ «2005 الى عامنا هذا 2020» مركزين على الجانب الإنساني الأخلاقي لهذه الشخصية العظيمة لتي تدير دفة الحكم بكل حكمة ودراية إذ يكفيها أنهاما زالت تقطن شقتها الصغيرة التي تفضلها على المقر الرسمي.. شقة في برلين مساحتها 200 متر مربع..
وما زالت تتسوق من البقالة.. وهي مشهورة بالطبخ وبخاصة «حساء البطاطا وكعكة التفاح وال Meat loaf..
هذا عندما كانت وزيرة ولم نعد نسمع عن طبخها مؤخرا لانشغالها بقيادة المانيا.. الا انه من أطرف ما شاهدنا مقطعا من مقابلة لها على تويتر سألتها المذيعة: «من يغسل الغسيل في بيتهم»؟.. فأخبرَتْها بأنّ زوجها المسؤول عن غسيلهم بفترة الليل متمنية لو كانت جدران شقتها اكثر «سماكة» لئلاينزعج جيرانها من صوت الغسّالة!
فعلا ما أحوجنا الى إضافة أخلاقيات اخدم نفسك بنفسك على سلوكياتنا بدلا من حالة تضخمّ الذات المستشرية بالعالم الثالث «عنوانها.. بجّلوني.. ماتُشَغّلوني.. أخدموني»..
ترى أية نهضة ستتحقق بظل القعود المستشري المُقعِد عن أيّ إنجاز.. مهما كان بسيطا!