النسخة الكاملة

«قنابل» ما بعد «كورونا»..!

الخميس-2020-11-23 09:43 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- حسين  الرواشدة

إقامة «كورونا» لن تدوم طويلاً، سيأتي اليوم الذي «يجف فيه ويموت»، حينئذ ستنفجر في وجوهنا القنابل التي زرعها هذا «الوباء» بيننا، وسنكتشف ان ما بعد كورونا أسوأ بكثير مما كان ونحن نحتشد لمواجهته، وعليه لا بد ان نتحرك منذ الان لتفكيك هذه «القنابل» والتجهيز لكل ما يمكن ان يحدث من «فوضى» او عبث في مخلفاتها المطمورة في عمق تربتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

حين ندفق فيما جرى منذ بداية هذا العام الذي كان عام «كورونا» بامتياز، نجد حصيلة غير مسبوقة من الخسارات التي اصابت بنية الدول والمجتمعات، خسارات اقتصادية فادحة، وأخرى اجتماعية ونفسية «كارثية»، وثالثة في المجال العمومي الذي يتعلق بالسياسة والحريات العامة ومنظومات الاخلاق والتقاليد والدين ايضاً، سنجد ان «الدنيا» تغيرت والانسان تغير ايضاً، سنجد ثالثاً ان ثمة «استثمارات» مشبوهة «للوباء» قد فرضت واقعاً جديداً على الدولة وعلاقاتها مع محيطها الإقليمي والدولي، سنجد رابعاً ان حالة «العجز» ترسخت بشكل اكبر جراء وقع «الوباء» وما تركه من «إصابات» وان إزالة اثار العدوان «الكوروني» تشبه تماما إزالة آثار الحروب المدمرة التي جربتها الإنسانية اكثر من مرّة.

الأخطر من ذلك كله ان «الانسدادات» التي تشكلت بسبب «كورونا» في عام وربما اكثر، وخاصة داخل المجتمعات التي دفعت «ثمناً» باهظاً في معركتها مع الوباء، يمكن ان تتحول الى «زلازل» اذا لم تجد من يستدرك موعد انفجارها بحلول عميقة، او حتى بمحاولات جادة «للتنفيس»، أقصد ان تراكمات ما فعله الوباء من مشاكل اقتصادية ونفسية وما فعله البعض الذي «استغل» الوباء لتمرير بعض المقررات، ثم ما عجز عنه أو أخطأ في فعله للحدّ من خسائره، هذه التراكمات التي ولّدت لدى المجتمعات حالة من «الغضب» والاحساس بالخيبة والرغبة في المحاسبة، ستتحول الى احتجاجات واسعة وغير منضبطة، تماماً كما حصل حين خرج الانسان العربي قبل نحو عشر سنوات بحثاً عن «امل» جديد، بعد ان تراكمت على مدى عقود طويلة أزمات وانسدادات و»دمامل» لم تجد من يتعامل معها بحكمة او يستبقها بأية حلول.

منذ الان، يفترض ان تنهض الدولة لتشكيل لجان من «الخبراء» لتصميم خرائط طريق لمرحلة ما بعد كورونا، خارطة للاقتصاد الذي تعرض لضربات قاسية وأفرز حالات متصاعدة من الفقر والبطالة وتدني الإيرادات وتصاعد أرقام المديونية، وخارطة للحالة الاجتماعية التي تعرضت ايضاً لإصابات بليغة في «نفسيات» الناس وزيادة احساسهم بالكآبة والعزلة والخوف، وخارطة «سياسية» تساهم في انعاش المجتمع الذي خضع «لمقررات» مواجهة البلاء وضحى بحرياته من اجلها، وتعيد تشكيله على أسس واضحة من العدالة والرحمة واسترداد الثقة بنفسه وبالمسؤولين عنه...
باختصار، ثمة «قنابل» سيتركها «كورونا» داخل مجتمعنا، وهي اخطر من كورونا نفسه، واذا لم نبدأ الان بالتفكير الجدي لوضع ما يناسبها من معالجات فإنه سيكون امامنا سنوات «عجاف» ملبدة بالغيوم والسموم ايضا.