جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب حسني عايش
في المقارنة بين التعليم عن قرب والتعليم عن بعد، لا نقارن سيئات الأول بحسنات الثاني أو العكس، بل بين سيئات الاثنين، أو بين حسناتهما.
كما يوجد فرق بين نقد التعليم في المدرسة أو في الجامعة، او نقد المدرسة أو الجامعة من أساسهما، إلا أن التعليم والتقييم في المدرسة أو الجامعة قد يختلفان بين مدرسة وجامعة وأخرى، وبين بلد وآخر. وكذلك يكون بين تعليم عن بعد وآخر.
التعليم عن بعد كتكتيك قديم، وقد بدأ بالإذاعة وبالتلفزيون، وبالمراسلة بالبريد (جامعة لندن) ثم بالجامعة المفتوحة في لندن، ثم بجامعة القدس. كما لجأ كثير من الجامعات إلى تعليم المواد الاجتماعية والأدبية بالانتساب، وظهرت مكاتب بزنسية تروج له وتعمل له، كما يوجد نفر من الآباء والأمهات في أميركا يرفضون أيديولوجياً إرسال أطفالهم إلى المدرسة، مكتفين بتعليمهم في البيت. ولكن كل أشكال التعليم عن بعد هذه لم تلغ المدرسة أو الجامعة بعد، ولم تحل محلها كما نعرفهما. لقد احتاجت إلى وقت طويل للاعتراف بها ومعادلاتها. وقد قدمت تلك الأشكال الفرصة للمحرومين بالمكان والزمان لاستكمال تعليمهم أو لاستئنافه.
إذا ألغيت المدرسة أو – قُلْ- التعليم عن قرب بما في ذلك مرحلة البستان والروضة، فإنه يلزم تحويل الأبوين – أحدهما أو كليهما- إلى معلمين ومعلمات عن قرب لإطفالهم أو إلى إداريين لإدارة التعليم في البيوت. ومن ثم إلى ضرورة اعدادهم تربوياً وإدارياً ليقوموا بذلك، وإلا فإن الأطفال سيلعبون ولا يتعلمون ما لم تحول جميع مواد التعليم إلى ما يشبه برنامج: افتح يا سمسم، علها تجذب الانتباه والمتابعة، ولكن الأطفال سرعان ما يسأمون.
ولعل السؤال الصحيح وغير المراوغ هو: إذا تساوى التعليمان في كل الجوانب والأمور ما خلا القرب والبعد، فأيهما كطفل أو تلميذ/ة أو طالب/ة أو أب أو ام أو معلم/ة أو مدرس/ة أو استاذ/ة تفضل؟ هذا هو السؤال الإستراتيجي الذي يجب أن يحضر عندما يتحدث واحد أو يكتب عن التعليم هذا أو ذاك.
في نظم التعليم عن قرب في العالم يمكن المقاربة، والمقارنة، والمقابلة والمعايرة والمعادلة. أما في نظم التعليم عن بعد فإن ذلك سيكون صعباً إلى مستحيل، لأن التعلم عن بعد سيشبه عمل الإنسان البدائي وهو الجمع والالتقاط دون تخزين.
لقد أعدت جامعة هارفارد قبل نحو عقدين برنامجاً الكترونياً لتعليم الطب، يحتاج الطالب/ة إلى سبع سنوات لإنجازه، وقد كان متقناً مدهشاً ويتفوق على أي تعليم للطب عن قرب، ومع هذا لم يستطع الالتزام به أو التخرج فيه أو الاعتراف به من أحد، لقد بقي كوسيلة لتعليم الطب عن قرب.
نعم، «لقد أطلق كوفيد 19 ثورة في التعليم الرقمي [عن بعد] يمكن أن تغير العالم الأكاديمي إلى الأبد، ولكنه لن يلغيه، فمجموعة الخبراء الذين استفتتهم مجلة فورين بولسي الأميركية 5/9/2020 وفي "الغد” في 14/9/2020 لا تجمع على ذلك.
ها هو مايكل سميث – أستاذ تكنولوجيا المعلومات والتسويق في جامعة كارنجي – يقول: سوف تنجو الجامعات كما نعرفها من الجائحة، ولكنها لن تبقى بالقوة التي كانت تملكها قبل كوفيد 19.
وأما لودفز كسيمان- أستاذ الاقتصاد في جامعة ميونخ ، ومدير مركز اقتصاديات التعليم فيها- فيدعو إلى عمل كل ما بوسعنا للعودة إلى التعليم بالحضور [عن قرب] وبأسرع ما يمكن. وإلى أن يتم ذلك يجب أن يكون هناك جدول زمني كامل للتعليم المباشر عبر الانترنت [عن بعد] ويضيف: لقد فشل مجرد ارسال الواجب المنزلي عبر البريد الالكتروني بشكل واضح لعدد كبير من التلاميذ.
أما جنيفر نوزو – عالمة في جامعة جون هوبكنز- فتقول: يجب أن تكون لدى المدارس خطط واضحة تحدد مدة للإغلاق ومدة بقاء التلاميذ في البيوت، وبشكل حاسم لمحفزات لإعادة الفتح.
أما ديك ستارتز – أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا ( سانت باريرا)- فيقول: قد ينحو التعليم عبر الانترنت [عن بعد] كمنتج متخصص لكن الاتصال المباشر [عن قرب] سيظل هو الأفضل.