جفرا نيوز- بقلم العقيد المتقاعد الدكتور ماهر امين المخامرة
يصادف اليوم الذكرى الخامسة عشر على التفجيرات الإرهابية التي استهدفت 3 فنادق في العاصمة عمان، وراح ضحيتها 60 شهيداً وأكثر من 200 جريح، في وقت يستمر الأردن في حربه على الإرهاب وعلى الفكر الإرهابي.
لن أنسى ذلك اليوم الدامي ما حييت حيث كنت حاضرا في أداء الواجب الرسمي ورأيت بأم عيني كل شيء من تدمير وقتل ، رأيت الحقد والجهل والتخلف ، هنا عرفت وأيقنت ان بلدي عظيم وقيادته حكيمة وعرفت لماذا بلدي مستهدف لأنه بلد الحرية ، لأنه ملجاء الحب ، بلد الأمن والأمان ، يحتضن كل العرب وبلد لكل العرب ، نعم كان قلبي يرتجف حزنا وينزف ألما ، على بلدي وعلى أهلي ،نعم لقد حفرت هذه التفجيرات وشم في قلبي لحب الوطن والملك .
ومنذ سنين، يتعرض الأردن لمحاولات المساس بأمنه الوطني، واستهداف مواقفه السياسية التي اتسمت بالحكمة والتعقل وبعد النظر والوسطية والاعتدال ، ولا يزال الأردن يتعرض لسهام الإرهاب، من الحاقدين والمتربصين به من أعداء الخارج ، ولا ننسى جهلة وحمقى ومتطرفي الداخل، إلا أن سهامهم سرعان ما تتهاوى وتتكسر على صخرة الوطنية واإأنتماء لأبناء هذا الشعب الأبي ، ولا أنسى احترافية الأجهزة الأمنية وعينها الساهرة على أمن الأردن والأردنيين.
هذة التفجيرات قرعت الجرس ، ومهدت الطريق للعلاج الوقائي والإستباقي لمكافحة الإرهاب ، إستباقية الحدث ، إستباقية في التخطيط ، ومستقبل مشرق ....... وتمثل ذلك بما يلي :
• إستحداث المركز الوطني للأمن لإدارة الأزمات :
يعتبرالتخطيط للمستقبل من الأمور التي تشكل أهمية حيوية في كافة أمورنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهو ما يطلق عليه «فن إستشراف المستقبل»، وهذا المركز يهتمبوضع خطط وإستراتيجيات أمنية لنسير عليها لتحقيق أهداف معينة على المستوى الوطني ،وهو نقطة التنسيق الأولى لجميع الأجهزة الأمنية والحكومية ، المفروض أن يكون هناك تنسيق مستمر بين جميع الأجهزة الأمنية وليس فقط جهاز المخابرات العامة، بل وفي الأمن العام والقوات المسلّحة ومكاتب الإرتباط مع الأجهزة العربية والأجهزة العالمية في ما يخص مكافحة الإرهاب.حيث يعمل المركز الوطني للأمن لإدارة الأزمات بروح الفريق الواحد وهو المطبخ الرئيسي لاتخاذ القرارات و صنع القرارات الإستراتيجية .التي تهم المخاطر والأزمات التي من الممكن أن تواجه مؤسسات الدولة بهدف إعداد خطط من قبل مؤسسات الدولة المختلفة لمواجهة هذه المخاطر. بعيدا عن الإدارة العشوائية ( إدارة الفزعات ) المركز الوطني يعتمد الإدارة العلمية القائمة على التخطيط الدائم والمستمر لجميع الأحداث والسيناريوهات المتوقعة مستقبلا .
• إنشاء مراكز البحث والدراسات في جميع الأجهزة الأمنية :
لا يمكن تحقيق أي تطور دون عمل دراسات بحثية ميدانية ، ووضع خطط وسياسات تساعدنا وتفتح لنا الطرق وتسهل عملية فهم ما يحدث على أرض الواقع ، والهدف هو الإستشراف المستقبلي بحيث يتم عن طريق دراسة الوضع الحالي وتفصيله ومن ثم وضع الخطط المستقبلية والبيانات والمعلومات التي تساعد على الوصول للهدف الأمني المستقبلي .
تشخیص ظاهرة الإرهاب، ومعرفة أسبابها القریبة والبعیدة والوقوف على دوافعه الحقیقیة وشعاراتها المعلنة، التعرف على البیئة التي یتحرك فیها الإرهاب، ومن هم المشجعون أو المتعاطفون معه، مع رصد موقف المجتمع منه. ومحاولة استمالة الرأي العام للإتجاه المعاكس للإرهاب، عن طریق تشجیع روح الإعتدال والوسطیة، والحوار الهادىء والمناقشة الموضوعیة للآراء المخالفة.
• العمل الإستخباري :
إن العمل الإستخباري في مواجهة الإرهاب يحتل الأولوية أكثرمن العمل العسكري والتسلح. فالبحث والتحري عن التنظيمات الإرهابية يعتبر أول الخطوات، وتعتبر المصادر البشرية التقليدية في جمع المعلومات أكثر أهمية إلى جانب المصادر الفنية. نظريات الإستخبار تؤكد بأن ما تعجز عنه المصادر الفنية تستطيع تحقيقه المصادر البشرية. فرغم التطور التكنولوجي الفني في تقنيات التجسس ومكافحة التجسس والإرهاب، لكن مع ذلك فإن أكثر الدول تقدما في تقنية الإستخبار لا تستطيع التخلي عن مصادرها البشرية.التوصل إلى معرفة مصادر تمویل الإرهاب، وكیفیة وصوله إلیه، وطریقة حفظه والتصرف فیه.
الرصد الدقیق للعناصر الإرهابیة ومعرفة قادة الإرهاب ومتابعتهم، والتعرف على أسلوب تجنید الأتباع وبناء التنظیم وتسلسل الأوامر، مع التركیز على خطورة عملیاته. العمل الإستخباري هو العامود الفقري للإدارة الوقائية والإستباقية في مكافحة الإرهاب أو أي عمل يمس الأمن والأمان .
• الدعم غير المحدود المقدم من جلالة الملك عبدالله الثاني :
لم يتوانى سيدنا عن دعم الأجهزة الأمنية بكافة الأجهزة والمعدات والأسلحة الحديثة، وتنسيق الدورات التدريبية والتمارين العسكرية المشتركة مع أفضل الدول المتقدمة ، وأقامة الشراكات لمكافحة الإرهاب ، مع الدول الشقيقة والصديقة .أصبحت الأجهزة الأمنية في الأردن من أقوى الأجهزة على مستوى العالم وتحبط يوميا العديد من العمليات الإرهابية التي تهدف الى ترويع المواطنين الأبرياء وتحمي مقدرات ومكتسبات الوطن ، لنعيش في نعمة الأمن التي نعيش لأن المنظمات الإرهابیة وضعت الأردن ضمن اهتماماتها وأهدافها منذ نشأته، لأن الأردن یؤمن بالإعتدال والوسطیة ، ویرفض التطرف بالموقف والرأي، ویرفض الإرهاب الذي عانى منهوتصدى له فيإقلیم ملتهب ومضطرب وممتلىء بكل أنواع التطرف ، الذي يمكن ان يتسلل الى بلدنا بأي وقت ، لكن بحمدالله الأجهزة الأمنية متيقظة وساهرة على حدود المملكة .
إن الأردن، وكما أكد حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله، يعمل على محاصرة المتطرفين ومن يناصرهم، ويوظف كل طاقاته وإمكاناته للتصدي لمخاطر التطرف وخاصة من خلال المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الحوار بين الديانات، والمذاهب، والحضارات المختلفة وتبيان الوجه الناصع الحقيقي للدين الإسلامي الحنيف ورسالته السمحة العظيمة، ومنها رسالة عمّان والمبادرات التي تهدف لتعزيز الوئام العالمي بين الأديان وغيرها من المساهمات الأردنية الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي.
حمى الله الاردن، وحفظ الله القائد الاعلى للقوات المسلحه الملك عبدالله الثاني ،والعين الساهرة على أمن الوطن .