من جهته، يقول العميد الركن المتقاعد الدكتور مطلق عواد الزيودي: يستذكر الأردنيون وفي ظل جائحة كورونا التي تسيطر على العالم، الذكرى الخامسة عشرة للتفجيرات الإرهابية، حيث نُفّذت باستخدام أحزمة ناسفة وتسببت بسقوط شهداء ووقوع جرحى.
ويشير الى أن جلالة الملك عبدالله الثاني، قد أكد في جميع خطاباته في المحافل الدولية، أهمية توحيد الجهود الدولية والعمل بتشاركية من أجل مواجهة خطر التطرف وخطاب الكراهية، والتوصل إلى حلول للتصدي لاستغلال المتطرفين والإرهابيين للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وأن "محاربة الإرهاب الذي لا دين له يجب أن تكون ضمن نهج شمولي، يعالج المجالات العسكرية والأمنية والفكرية".
ويوضح الدكتور الزيودي المتخصص في علم الجريمة وعَمِل محاضرا في المركز الاردني لمكافحة التطرف الفكري،أن تلك التفجيرات قد رسّخت مفهوم المواطنة وعززت من المسؤولية والوعي الذاتي والوطني، كما زادت من الثقة بين المواطن والدولة بأجهزتها الأمنية، ليبقى الأردن دوما حصنا منيعا يلوذ به أبناء الأمة كلما اشتد عليهم الخطب والظلام.
وشكّلت تفجيرات عمان منعطفا هاما في القوانين والتشريعات الأردنية ضد الإرهاب بكل أشكاله، فالأردن وبعد تفجيرات عمان المؤلمة تنبه لوضع العديد من الإجراءات الاحترازية والوقائية ضد الإرهاب، والتعاون مع الجهات المختصة الداخلية والخارجية لقتل آفة الإرهاب التي دخلت الأردن المرابط المدافع عن هويته القومية والاسلامية، وفقا للدكتور الزيودي.
ويبين ان استراتيجية مكافحة الإرهاب والتطرف الفكري تقوم على ثلاثة أبعاد، وهو المدى القصير الذي يتمثل بالأعمال العسكرية التي تنفذ ضد الجماعات الإرهابية والمتطرفة، والمدى المتوسط، هو بعد أمني استخباراتي مع الدول الشقيقة والصديقة، فيما يتمثل المدى الطويل، بالبعد الفكري الهادف إلى تحصين الفرد والمجتمع من آفات الفكر المتطرف.
ويضيف "حرص الاردن على الانضمام للعديد من الاتفاقيات الدولية لمكافحة الإرهاب، كالاتفاقية المتعلقة بالجرائم على متن الطائرات، واتفاقيات قمع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص، وعلى صعيد الإجراءات التنفيذية، أعطت الحكومة تعليمات إلى البنوك كافة بالتقيد بفحص حسابات عملائها والتأكد من تجميد الأرصدة عند طلب الحكومة، وتعليمات خاصة بمكافحة غسل الأموال.
ويوضح أنه وعلى المستوى المؤسسي تم إنشاء مديرية مكافحة التطرف والإرهاب، لمتابعة تنفيذ الخطة الوطنية لمواجهة التطرف الصادرة في العام 2014 وأية تعديلات تطرأ عليها او تحل محلها، وفي العام الذي يليه تم إنشاء مركز السِّلم المجتمعي كأحد مشروعات الخطة الاستراتيجية لمديرية الأمن العام في مكافحة الفكر المتطرف والتوعية والوقاية والعلاج من أخطار هذا الفكر، وفي عام 2017 تم إنشاء المركز الأردني لمكافحة التّطرّف الفكري التابع للقوات المسلحة الأردنية ، والذي يعد مركزا أكاديميا متخصصا بإعداد دراسات الفكر المتطرف ومكافحته.
ويدعو الدكتور الزيودي إلى تعزيز السلم المجتمعي ونبذ التطرف والإرهاب، من خلال إعادة تثقيف الطلبة على أسس التسامح ونبذ العنف و التعصب والتشدد والخوف من الآخر وإتاحة الفرصة للفكر النقدي وعدم فرض النظرة الأحادية وتقبل الآخر المختلف إثنيا وقوميا ودينيا.
من جهته، يقول المتخصص في مجال العدالة الجنائية والأمن الإنساني فيصل عبدالله شديفات، إن تفجيرات فنادق عمان كانت بمثابة التحول في ايديولوجيا الجماعات التكفيرية، وهي الانتقال من محاربة "العدو البعيد الى العدو القريب" عن طريق العمليات الانتحارية بالأحزمة الناسفة من خلال الخلايا النائمة والذئاب المنفردة كما ذكر في أدبيات منظري ما يسمى الجماعات الجهادية التكفيرية التي أسس نواتها الإرهابي ابو مصعب الزرقاوي في العراق تحت مسمى الجهاد والتوحيد، ومن ثم القاعدة في بلاد الرافدين التي تطورت بعد مقتله فيما بعد إلى تنظيم داعش الإرهابي.
ويشير إلى أن الأردن تحدى التطرف والإرهاب من خلال رؤية تعدّت الاقليمية إلى العالمية في المعالجة والتصدي، دون النكوص عن مسؤولياته، فهو يعتبر مرجعا وإنموذجا فريدا في مكافحة الإرهاب وبيئة أمنية مستقّرة بالرغم من موقعه الجغرافي الملتهب.
ويضيف شديفات أنه على الصعيد الأمني تشترك قواتنا المسلحة الاردنية واجهزتنا الأمنية في جميع التحالفات والعمليات المشتركة لمحاربة الإرهاب، واكتسب الاردن سمعة دولية في امكانياته الاستخبارية والأمنية وامتلاكه لقوات مكافحة الإرهاب المحترفة والمدربة على مستوى عال.