جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب فارس انيس الخصاونه
انتشرت مؤخراً تساؤلات كثيرة حول إمكانية اجراء الانتخابات الكترونيا "عن بعد" في ظل الوضع الوبائي الراهن....
من الناحية التقنية يعد هذا الموضوع جدلي بامتياز، ولم تثبت فعالية الاقتراع/التصويت الالكتروني بشكل قاطع حتى الآن لعدة أسباب، أهمها عدم كمالية وتحصين أنظمة الاقتراع الإلكتروني ضد التلاعب، التزويز، الأخطاء، انتحال الشخصية، احتمالية الاختراق، انقطاع الخدمة، وتحمل الضغط... والكثير من الجوانب الفنية والتقنية غيرها.
هنالك مئات ان لم يكن آلاف الدراسات والأبحاث الاكاديمية في هذا الحقل تقوم على دراسة سلبيات/إيجابيات فوائد/مخاطر التصويت الالكتروني ومحاولات تطويرها وتحسينها وحمايتها
باستثناء استونيا (وهي حالة خاصة جداً)، لم يطبق التصويت الالكتروني بشكل كامل ومعتمد في أي بلد حول العالم لغاية الآن. وحتى عند التطبيق الجزئي في بعض البلدان، ثبتت خروقات وتلاعب وأخطاء جسيمة في عملية التصويت أدت إلى التشكيك في عملية الاقتراع برمتها، حتى في حالة عزل هذه الأجهزة عن الانترنت وعملها بشكل فردي او في نطاق شبكة داخلية.
في الولايات المتحدة على سبيل المثال، تم استخدام الاقتراع الإلكتروني لأول مرة في الانتخابات الرئاسية سنة 2008 بين أوباما وماكين، وحصل تعطل/تلاعب بأجهزة الاقتراع لصالح ماكين مما تسبب بالفشل الذريع وأثار السخرية بشكل كبير في المجتمع ووسائل الإعلام لدرجة ان مسلسل ذا سيمبسونز الشهير قام بالتهكم على الموضوع
في الجانب المشرق من الموضوع، هنالك بصيص امل في توظيف تكنولوجيا البلوك-تشين المعروفة بحصانتها ضد التلاعب بالسجلات في تطوير أنظمة اقتراع إلكتروني اكثر أمنا ونزاهة، ولكن تبقى مواضيع مهمة مثل انتشار البرمجيات الخبيثة وأدوات اختطاف الأنظمة لغايات انتحال/تزوير هوية المقترع، وهجمات تلاعب الأغلبية 51% على الشبكة اللامركزية، وغيرها من التحديات قائمة
هو موضوع شائك جدا، خصوصاً عندما تفشل الحكومات المتعاقبة في تطوير موقع خدمات بسيط او منصات لم تصمد ساعة أمام كثافة وضغط الطلب عليها، بل ان بعضها انطوى على ثغرات أمنية خطيرة سمحت بالوصول لمعلومات خاصة او اسيء استخدامها مثل ما حصل في فضيحة التصاريح الإلكترونية التي أصبحت سوق سوداء او مزاد لمن يدفع اكثر.
باعتقادي، لا شك بأننا نسير على الطريق الصحيح تجاه التحول الرقمي وحوسبة الخدمات الحكومية (مشروع سند، صوتك واصل، حقك تعرف، وغيرها كأمثلة)، ولكن بالرغم من تطورنا الرقمي وامتلاكنا الكفاءات المتميزة في قطاع تكنولوجيا المعلومات، إلّا أن القطاع الحكومي بالتحديد ما زال في بداية الطريق نحو تأسيس بنية تحتية لمنظومة خدمات رقمية متكاملة متينة عالية الكفاءة والجودة ومترابطة بشكل صحيح وآمن، ولربما يعود السبب الرئيس في ذلك الى الطبيعة البيروقراطية التي تسيطر على مختلف الدوائر والأجهزة العامة، والتي غالباً ما تعيق سير عمليات التطوير والتحديث السريع والمستمر للمخرجات والمنتجات الرقمية "وخصوصا البرمجية منها" وتعرقل طبيعتها الانسيابية.