النسخة الكاملة

ناهض.. شظايا حزن معتق !

الخميس-2020-11-01 08:17 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب: محمود كريشان

في البدء.. من يتشنج ويتدعدش.. يحتفظ برأيه لنفسه.. لأن اليوم وكل يوم.. المساحة بكامل العشق والجغرافيا.. للأردن..
كان الزمان منتصف الثمانينيات.. والفتى الجنوبي في بواكير خدمته السيادية.. كان الزمن جميلا.. الرجال الأوفياء في صدارة المشهد الرسمي، الدولة حينها تحب "ناهض".. تراهن عليه.. يفسر أحلام الفقراء.. المنتمين.. أبناء القرى البائسة.. يتلو غربتهم عن وطنهم.. وترسو قواربه على شواطىء الدولة والوطن لا الحكومات.. ربما لأن رجال المرحلة القوية يعلمون او على يقين انه قرأ كتاب "وصفي".

ينابيع الذاكرة تتفجر بعد أن هدها الطواف.. فقد كان الفتى الجنوبي على مقربة من ناهض دون أن يدرك الأخير ذلك، فقد عشق كلماته واقتتات على فتاتها،. ارتوى من فكره.. عشقه الثرى الأطهر على الإطلاق.. يقصد تراب الأردن.. لكن الحذر كان يجول في خاطر العسكري من الاقتراب من الصحفيين والمفكريين.. بحكم التربية التي تمأسس عليها.. لا نقابات او أحزاب او جماعات.. فقط كان الانتساب للنادي الفيصلي أكبر حلمه.

زمان عتيق نسند الروح فيه على طرف شماغ "ناهض" وهو في غربته الطيبة، ونوغل في حلم يقظة لعلنا نرى وجه وصفي و نجوم حابس.. ونتذكر كيف كان الفتى الجنوبي يقترب بحذر من ناهض وهو يجلس في فسحة "الأوبرج" يتلو للرفاق فعل الإيمان بالأردن ككيان يمتلك قراره ورأسه.. ويحذر من مشاريع مشبوهة لتفكيك الدولة واغتيال هوية مجبولة بلفحات شمس مرسومة على وجوه فقراء القويرة وعيرا وام قيس.. ويصرخ محذرا من الصلعان الجدد وحليقي الرؤوس حتى لا يمس الوطن الظلم او يقترب من مضاربه طامع او حاقد..!

كان الأردن في عرفه ضحى ومضارب عسكر.. رماح وسنابل.. لا مكان فيه لبهلوانات ومهرجين.. كانت بحة صوته تروي بطولات جيش عظيم خاض معارك الأمة حتى ازهر الدحنون الأردني فوق قمم الجولان وقد سرد خالد هجهوج المجالي عليها فعل البطولات ورواها الملازم أول فريد الشيشاني بالدم الأرجوان.

الذاكرة ما اعتراها غبش.. دخل الفتى الجنوبي في عالم الحياة المدنية بثقة وحنين للماضي الجميل واقترب أكثر من فكر ناهض واكتشف أن القصة عظيمة تحمل مشروع جميل ووطني وكنز من الأمنيات والأفكار منذورة للوطن الأحلى والأغلى.. الأردن.. الذي صاغ مجد العرب وترنو عيونه نحو فلسطين.. النجم والجرح.

اليوم.. قلب يطير إلى الفحيص الحانية.. كلما هبت رياح ناهض.. الذي أسلم الروح بريئة من كل شيء.. الا من محبة "الأردن".. عندها في ذلك الزمان المقشعر.. يوم رحيله.. كنا والحزن وجها لوجه.. كان القمر غائبا.

ثمة شظايا نلمها ونعيد صياغتها لعلها تكتب حروف الكلام المستحيل.. عذرا اختلط الكلام بالصبر.. ونحن نرى الروح الجميلة في أول الفجر.. صباح الخير يا ناهض.. !

Kreshan35@yahoo.com
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير